Home»International»عندما لا تتورع « مختصة » في استعمال الحشو والاستعلاء والتناقض للتجني على الإسلام والمسلمين

عندما لا تتورع « مختصة » في استعمال الحشو والاستعلاء والتناقض للتجني على الإسلام والمسلمين

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم

الحسن جرودي

عندما لا تتورع « مختصة » في استعمال الحشو والاستعلاء والتناقض للتجني على الإسلام والمسلمين

وأنا أحرر آخر كلمات مقالٍ تحت عنوان « فرنسية كاتب ياسين غنيمة أم غانمة » يُبرز محاربة المعني للعروبة والإسلام، مكنني أحد الإخوة الأفاضل بمقال للكاتبة الكويتية ابتهال الخطيب تُدافع فيه عن الكاتب سلمان رشدي، وتلصق تهمة محاولة اغتياله الأخيرة بالإسلام والمسلمين، على الرغم من أن منفِّذ العملية كان فردا، ولم يثبُت لحد الآن انتماءه لأي تيار من التيارات الإسلامية حتى المتطرفة منها والتي ساهم الغرب في إنشائها لتشويه الإسلام، ما عدا بعض « الشكوك » في إمكانية وجود علاقة بينه وبين النظام الإيراني.

ومن هذا المنطلق فإن وصفها للحادث بأنها « جريمة دنيئة، دناءتها تكمن في ضعف الحجة، والخسة في التصرف، وهما المؤشران الأهم على حالة الانحدار الأيديولوجية في المجتمعات المنغلقة محرومة الحريات، مجتمعات الحق الواحد والحقيقة المطلقة »، يمكن قَبوله من حيث المبدأ، لكن لا يمكن الاستدلال به على أن المجتمعات المعنية هي المجتمعات الإسلامية، ذلك أن منفذ العملية ازداد بالولايات المتحدة الأمريكية وترعرع فيها، وحتى إذا افترضنا جدلا أن له علاقة بالنظام الإيراني فذلك يبقى في إطار المصالح السياسية والمخابراتية بعيدا عن المجتمعات الإسلامية وحتى عن المجتمع الإيراني على الرغم من اختلافنا العقدي معه على اعتبار أنه يدين بالمذهب الشيعي.

لا أروم في هذا المقال التحليل الأدبي لمقال الكاتبة، وإنما أتوخى التنبيه إلى ما يتضمنه من حشو من جهة وإلى تعالي الكاتبة وتناقضاتها العديدة من جهة ثانية، وهو الأمر الذي لا يستسيغه أي قارئ جاد يريد أن يستوعب ما يقرأه.

 فمن ناحية الحشو، فما محل قولها بأن « الإنجليزية أصبحت الآن مِلكاً للهنود بقدر ما هي ملك للإنجليز، ولربما هي موحِّدة لهم في ظل وجود لغات ولهجات عدة في الهند » من الموضوع الأصلي؟ اللهم إذا كانت تدعو الشعوب والأمم إلى الانبطاح لمستعمر الأمس والاستسلام له ولثقافته من خلال تبني لغته عوض لغاتهم الوطنية.

أما فيما يتعلق بالتعالي فهو واضح عندما تصرح بأن « ما يكتبه رشدي هو في عمقه أكاديمي بحت، وكان ليبقى كاتباً أكاديمياً فقط، يعرفه المختصون أمثالي ممن يدرّسونه في قاعات الجامعات ويبحثون في أعماله العصية أحياناً على القارئ العام »

وفيما يخص التناقضات فتبدو صارخة في الفقرة التالية التي أنقلها كاملة لئلا أُتَّهَم بأني أتحامل عليها أو لأني لست مختصا حتى أستوعب خطابها: « ماذا يملك الإنسان أمام نقد أو سخرية لعقيدته أو دينه؟ لا شيء أكثر مما يملك اليهود الذين نصفهم بالقردة والخنازير من على المنابر كل يوم، لا شيء أكثر مما يملك المسيحيون الذين نسميهم نصارى ونؤكد تحريف كتبهم ونحذر من غدرهم من على المنابر كل يوم، لا شيء أكثر مما يملك البوذيون الذين «نصمهم» بعبادة بوذا جهالة، لا شيء أكثر مما يملك الهندوس الذي نصفهم بعباد البقر غباء، لا شيء أكثر مما يملك الكنفوشيون والتاويون الذين نتصورهم وثنيين، لا شيء أكثر مما يملك أصحاب أي دين آخر نهاجمهم باستعلاء وغباء، كل ما نملك جميعاً هو أن نرد الحجة بالحجة، وأن ندفع عن الدين والعقيدة بالفكرة والكلمة. مثلما للمسلمين حق «تشريح» أديان الآخرين نقداً وأحياناً سباً واستهزاء، للآخرين الحق ذاته، لا ينقص قيد أنملة. ولا، ليس هناك أي فرض في احترام عقائد وأديان الناس، الفرض الوحيد هو أن تتعايش مع الآخر وألا تؤذيه جسدياً أو تقمعه نفسياً، غير ذلك لا يوجد أي إجبار على «الاحترام» الذي فلق المسلمون رأسنا به وهم آخر من يمارسونه ». وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:

التناقض الأول يُستنتج من استعمالها لنون الجماعة التي تصف اليهود وغيرهم بالأوصاف التي أوردتها، مما يدل على أنها المعنية دون غيرها بإطلاق هذه الأوصاف، لأن المسلمين لا يصدرون هذه الأوصاف من تلقاء أنفسهم وإنما هي صادرة من عند الله سبحانه وتعالى، ومن ثم فإما أن تستغني عن نون الجماعة وهو ما يلاحظ في قولها  » لا يوجد أي إجبار على «الاحترام» الذي فلق المسلمون رأسنا به… » وتعلن عن عقيدتها الفعلية بالصراحة التي يُفترض أن تتصف بها مختصة تُدرِّس بالجامعة، وإما أن تتمسك بها وتعتمد خطابا منسجما مع نفسه لا تملك معه إلا أن تقول سمعنا وأطعنا لكل ما يصدر عن الله وعن الرسول طبقا لما يتطلبه انتماؤها لجماعة المسلمين ومن ثمة للإسلام.

التناقض الثاني يُستشف من قولها  » الفرض الوحيد هو أن تتعايش مع الآخر وألا تؤذيه جسدياً أو تقمعه نفسياً، غير ذلك لا يوجد أي إجبار على «الاحترام» »، بحيث يتساءل كل ذي أنفة وعزة بدينه عما إذا كان هناك قمع نفسي أكبر من احتقار عقيدته والاستهزاء بها كما يفعل هؤلاء. إن ما يُفهم من هذا الكلام هو إرغام المسلمين عن الاستكانة لكل الإهانات الموجهة إليهم، وهو ما يتضح أكثر عنما تضيف قائلة: « أَعجبَكم أم لم يعجبكم أسلوب سلمان رشدي، جرح مشاعركم أم لم يجرحها، آذاكم في عقيدتكم أم لم يؤذكم، ليس للمسلمين سوى طريق واحد، الرد بالحجة والدفع بالكلمة »، وهو ما أتفق معه كليا لولا التضييق العلني والخفي على كل من يعمل على معاكسة التيار الجارف الذي هدفه محاربة كل ما يتعلق بالإسلام والمسلمين. والتاريخ القديم والحديث لا تعوزه أمثلة صارخة على هذا التضييق، وفي هذا السياق أتساءل ما إذا كان لروجي جارودي وذاكر نايك وطارق رمضان وعلماء السعودية والقائمة طويلة، أكثر من الكلمة؟ أم أنهم كانوا من الذين يحملون الأحزمة الناسفة؟

تناقض آخر يكمن في حرمان المسلمين من الاستدلال بمصادر الشريعة بقولها: « وكيف تريد إثبات فكرة بإعادة سردها من مصدرها الذي تحاول أصلاً إثبات صحته؟ » في الوقت الذي تسمح فيه لنفسها وأمثالها بالاستدلال من المصادر العلمانية حتى وإن اقتضى الأمر تشويهها والخروج على مقتضياتها لفرض النموذج الغربي. علما أن مصادر الشريعة لا تحتاج لمن يثبت صحتها لأنها الحقيقة المطلقة التي لا ينكرها إلا الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.

في الأخير أقف عند التناقض الصارخ الوارد في قولها « تمتلئ كتبنا (تستعمل مرة أخرى نون الجماعة) من تراثها القديم إلى جديدها المعاصر بنقد الأديان الأخرى، نقد يبدأ من العلمية الجادة وصولاً إلى الابتذال الرخيص، ورغم ذلك لم يقتل أصحاب هذه الأديان أحداً من الناقدين. طبعاً لا بد من التفرقة بين اضطهاد المسلمين في مناطق متفرقة من العالم على أساس دينهم، وهذه حقيقة قبيحة لا ينكرها أحد، وبين تصرف اضطهاد الكتَّاب المسلمين، وهو تصرف نادر الحدوث إن حدث أصلاً »، وأقول لها بأن هذا النوع من المنطق المغالِط لا يمكن أن يصدر عن جاهل، بالأحرى عمن يصفون أنفسهم بالمختصين والمدرسين في الجامعات، ومن ثم أسألها: أي الأمرين أهون؟ أهو قتل ناقد أو كاتب من قبل فرد أو حتى جماعة (بالمناسبة لا أتفق مع القتل أيا كان نوعه اللهم إذا كان في إطار السياق الذي تحدده الشريعة)، أم قتل وتشريد شعوب بأكملها من قبل أفراد وأنظمة معا، انطلاقا من خلفيتهم العقدية لا غير، وإلا فكيف نحكم على الشخص الذي قتل أكثر من 50 فردا داخل مسجد النور بنيوزيلاندا سنة 2019، وعلى استئصال المسلمين من إسبانيا، ومن البوسنة والهرسك ومن الصين، ومن الهند، ومن فلسطين والقائمة تطول… بل أكثر من هذا كم من عالم عراقي على سبيل المثال قُتِّل وهُجِّر وشرد لا لأنه تكلم في النصارى واليهود والبوذيون وغيرهم ممن تشفق عليهم الكاتبة المختصة، وإنما لكونه سلك العلم المادي المحض لتطوير قدرات بلده ليلتحق بالركب ويؤمِّن اختياراته الوطنية التي تضمن له استقلاله الفعلي الذي من شأنه الاحتفاظ بأبنائه عوض اضطرارهم للهجرة إلى للبلاد المستعمِرة  التي لولا استغلالها لقدراتهم العضلية والعقلية لما سمحت لبعضهم « بالوقوف في شوارعها اعتصاماً واحتجاجاً وشتماً للدين السائد فيها » وهو ما تمنه صاحبتنا عليهم على الرغم من تهافت تعميم هذا النوع من الهراء.

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *