Home»International»صفقة كورونا

صفقة كورونا

0
Shares
PinterestGoogle+
 

صفقة كورونا
الوجه مرآة النفس وانعكاس الذات البشرية ، وهو الوحيد الذي يتبدّى في عرائه ، فيبرز العلاقة الحيوية والدائبة
في تبدُّلِها بين ما يظهره الإنسان وما يُخفيه . وهو أداة حوار الإنسانية جمعاء حتى من دون إصدار صوت ، فهو وسيلة بصرية لتبادل المشاعر ، ﻷن تقاطعة تحمل لمحات معبِّرة تجعلنا راغبين دوماً في فهمها واستبصارها ، ﻷنها على اتصال مباشر بدواخلنا وبالعقل . فتعابير الوجه هي التي تحدّد موقف الطرف الآخر من الإقبال أو الصّد .
وبدون سابق إنذار ، وعلى حين غرة حلّت جائحة أرغمت البشرية على إخفاء ملامح نصف الوجه ، فانزاحت أسراره
واختفى التطابق بين الملامح والشعور ، و تحوّلت الكمامة إلى جزء منا يتماهى معنا ، أخفت ملامحنا الأصلية وعلاماتنا المائزة ، ولم تبق من وجوهنا إلا عينين متعبتين ، تهدفان إلى إخفاء المعاناة للتكيف والصمود في وجه الصراع المفتوح بيننا وبين « كوفيد 19″، ولقد تمكنّت الكمامة من امتلاك خاصية يمكنها أن تنتج تأثير الواقع ، حيث جعلت الظاهر الغني في دلالاته يهوي إلى دلالة واحدة ، تنمُّ عن إعدام حقيقة التباينات بين ما يظهر على الشخص وما لا يظهر ، فتحوّلت الوجوه إلى وجوه أخرى ، إلى أن غدت مفارقة لنفسها وللواقع ، بحيث تجزّأ طبعاً الوجه إلى نصفين ، فتمَّ إخفاء نصفه الموغل في اﻷلم بوحشية لا مباديء لها ، ليركن إلى عزلة الفراغ الجبرية وسط حالة من التيه العام ، وبقي النصف الآخر تائهاً في عزلة مغايرة ، تلك العزلة التأملية الشفيفة ، فأصبح كل واحد منا ينتزع ذاته من الجموع ليتجه إلى فرده ، لإعادة قراءة العالم من خلال تعرجات « كوفيد 19 « المتسيِّد ، الذي شلَّ اﻷفكار وخدّر العقول ، وجعل القلب يخفق مضطرباً ، يُنذر بشي لا نعلمه ، تزداد ضرباته وتقِل ، يهيج ويخفت ، رباه ماذا يجري ؟!
أصبح الكون صغيراً بحجم غرفة ، والهواء ثقيلاً بلا طعم ، ندور حول أنفسنا ، لا نعلم ما نريد ، رَتْلُ الكوابيس لا يفارق مخيلتنا ، تتقلب وجوهنا في السماء ، ننتظر المفاجآت لتوقظنا نحن الغافلون المضطربة أحوالنا ، كيف لنا أن نواجه عدوا ً قذراً لم يَكِلْ من القتل ، وبإصرار عجيب يستفزُّنا ؟ ، لا يهمه مطلقاً فاجعة اﻷهل واﻷحباب ، ولا دموع اﻷرامل واﻷيتام ، لقد أفرط إفراطاً ملحوظاً في ذبح كل شيءجميل في حياتنا ، ونكأ الجروح المثخنة باﻷسى والحزن

لقد امتهن البشرية جمعاء بلؤم وحقارة منقطعة النظير ، ومازال يبحث في غابات المدن المقهورة ليغتال ما تبقى من الحلم ، منتصباً يمشي منتشياً معربداً ، خلفه سماسرة البورصات وأبواق الصخب ، ومالكو آليات التلاعب بالعقول يلهثون وراءه لإضفاء حبكتهم ، التي يستحقون عليها جائزة اﻷوسكار في الإخراج ، والعرّافات يحذروننا بأن القادم من أيامنا المخنوقة لن تعكس لنا في أحلامنا زهوراً وقوس قزاح ، بل سيظل « كوفيد 19″يمثل في ذاكراتنا الموشومة وجه القبح والإنطفاء الفجائعي .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.