الرحل بالجنوب الشرقي للمغرب: بين قساوة ظروف العيش وتداعيات فرض الحجر الصحي
مما لا شك فيه أن تداعيات فرض الحجر الصحي ببلادنا، انعكست سلبا على ظروف عيش الساكنة سواء بالمدن أو القرى، ووعيا منها سارعت السلطات الى اتخاذ عدة إجراءات لدعم الأسر، وتخفيف تداعيات الوضعية الراهنة على الفئات الهشة التي تمثل فئة عريضة من مجتمعنا، إلا أن هذه التداعيات تزيد حدة بالمجال القروي خاصة المجالات الهامشية التي راكمت ركودا بنيويا نتيجة الإقصاء والتهميش الذي طالها، إضافة الى تظافر العوامل الطبيعية خاصة المناخية منها التدخلات البشرية غير المعقلنة في المجال كما هو الحال عليه بالجنوب الشرقي للمغرب.
ساهمت الظرفية الحالية في تعميق حدة معانات الرحل بالجنوب الشرقي، فإلى جانب معاناتهم اليومية وحياة البئس التي يعيشونها، فقد كان لغلق الأسواق الأسبوعية وقع كبير على نفوسهم وتأزم أوضاعهم المعيشية، إذ أن تسويق بعض رؤوس الأغنام وبيعها يعد المورد الوحيد لضمان عيشهم وجلب مؤونتهم الأسبوعية، واقتناء علف للماشية التي تراجعت أعدادها بشكل كبير جدا الى حد دفع بنسبة مهمة من الكسابة الى الهجرة نحو المدن والمراكز القروية القريبة.
بالرغم من الإجراءات التي اتخذتها السلطات إلا أن الرحل يبقون بمعزل عن ذلك، فطبيعة نمط عيشهم بمجال رعوي واسع يحول دون تنقلهم للمراكز الحضرية القريبة، بسبب قلة وسائل النقل وضعف البنيات التحتية بالجنوب الشرقي خاصة الطرق المعبدة، هذا بالإضافة الى ضعف نسبة الاستفادة من المساعدات المقدمة من طرف السلطات وصعوبة إيصالها للمستفيدين.
وفي ظل هذه الوضعية فمن الواجب التنبيه الى ما آلت اليه أوضاع حياة الرحل، والمتسمة بكل مظاهر الهشاشة والفقر، في مجال اعتبر منكوبا منذ عدة سنوات ولم يستفد من أي مشاريع تنموية في إطار برامج تراعي خصوصياته، من خلال دعم الكساب ليس فقط بالعلف المدعم الذي يصعب على الكسابة، خاصة الصغار والمتوسطين الذي يمثلون نسبة كبيرة، إقتنائه وتحمل مصاريف نقله، وهو إجراء في حد ذاته يبقى استعجالي ولا يراعي وضعية الرحل بهذا المجال.
إن هذه الوضعية تحتم، أولا على المدى القريب، ضرورة تخصيص دعم كلي للقبائل الرحل بالمواد الغذائية، وتمكينهم من الاستفادة من المساعدات المادية، المخصصة للدعم من الصندوق المخصص لجائحة كوفيد- 19، بتقريب المؤسسات البنكية من خلال شبابيك متنقلة. ثانيا وعلى المدى البعيد فقد أضحى من الضروري، التسريع في تسطير برامج تأخذ بعين الاعتبار المعطى البنيوي للتدهور الذي عرفه هذا المجال الرعوي، وكذلك إشراك الكساب في البحث عن حلول عملية يمكن أن تنقذ ما يمكن إنقاذه.
Aucun commentaire