مقنعة السائل عن المرض الهائل:مكاشفة سوسيوثقافية الجزء(3)
مقنعة السائل عن المرض الهائل:مكاشفة سوسيوثقافية الجزء(3)
بقلم:د خالد عيادي
لاريب في أن تلك المقالة الطبية ، كانت ثمرة سؤال وجه ل « ابن الخطيب »، وذلك من أجل البيان وتحصيل الفائدة الطبية ، أو التوعية العامة بخطورة الطاعون، الذي كان قد عم، جزءا هاما من البلاد العربية والإسلامية، و طم. وليست هذه الاستجابة بأمر غريب على « ابن الخطيب » وغيره من العلماء: مثل صديقه الوفي، « أحمد بن خاتمة » المالقي الأندلسي المتوفى سنة 770هج، والذي كان ألف في الموضوع نفسه رسالة سماها: »تحصيل غرض القاصد، في تفصيل المرض الوافد ». وقد ذكر « ابن خاتمة » في خطبة كتابه ، بصراحة ، ما هذا نصه. »وبعد: فإن بعض أصدقائي ممن يتعين علي إسعافهم، ولا يسعني خلافهم، سألوني عن حقيقة هذا الطاعون الظاهر ب »المرية »، بتاريخ عام تسعة وأربعين وسبعمائة. »([1]).فواضح جدا، أن الكتاب ألف تلبية لطلب صديق، سأله عن حقيقة هذا الطاعون الظاهر يومئذ بمدينة « المرية » الأندلسية.
ولا زال العلماء ،وإلى يوم الناس هذا، مهتمين بقضاياه المجتمعية ، أو منخرطين في ما تعم به البلوى . ذلك أن من ثقافتنا المستلهمة من قواعد الشرع، البيان و الشرح والتوضيح عند الحاجة ، أو الضرورة. وقديما قال فقهاؤنا: « لايجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ».ثم إن استجابة « ابن الخطيب » تندرج في أطار الالتزام المجتمعي، أمام ما يسمى في تراثنا الفقهي ب » فريضة الوقت ».بيد أن الكثير من الفقهاء كانوا يعتبرون اهتمام العالم بغير ما يفسد المجتمع أو يخربه « خيانة »، يحاسب عليها أمام الله، وأمام الأمة.
وبما أن هذه المقالة جاءت في منتهى الدقة والتركيز والاختصار، فمن الممكن اعتبارها منشورا طبيا ذا صبغة دعائية، يسهل على أفراد المجتمع مدارستها ،و استيعاب مضامينها في جلسة واحدة،قد تحصل بين العشاءين، إذ يبلغ حجمها الصغير ست عشرة صفحة فقط. و »ابن الخطيب » مثل صنوه « ابن خاتمة »، في غاية الوعي بضرورة التصدي للوباء، عن طريق التوعية والتحسيس ، ولو من خلال مناشير طبية، من شأنها إفشاء ثقافة مقاومة المرض.
………………………………………………………………..
) مقنعة السائل عن المرض الهائل- لسان الدين بن الخطيب- تحقيق وتقديـم- حياة قارة.[1]
2 Comments
مرة أخرى يتحفنا الدكتور خالد عيادي كما عودنا بمقالة من تراثنا الإسلامي جامعة مانعة وتأصيلا لاهتمام المسلمين بتوعية العامة بمخاطر الأمراض والاوبئة الفتاكة نشد على أيدي الدكتور شاكرين على أن لا يبخل علينا بهكذا مقالات
أتقدم بالشكر الجزيل للدكتور عيادي على هذه المقالة القيمة ،وأحاول في هذه المداخلة البسيطة ان أركز على ضرورة الوعي المجتمعي الذي سماه عالم الاجتماع إميل دوركايم بالضمير الجمعي والذي يتضمن مجموعة القيم والمعتقدات المشتركة في المجتمع.
والجدير بالذكر ان المثقف والعالم يتحمل مسؤولية توعية أفراد المجتمع بكافة الوسائل المتاحة وخصوصا في مثل هذه الظروف الخاصة التي يعيشها العالم.