محاولة إسقاط القداسة عن شعيرة النحر أساليب ماكرة ورهان فاشل لصرف الأمة المسلمة عن دينها وعن هويتها الإسلامية محمد شركي
محاولة إسقاط القداسة عن شعيرة النحر أساليب ماكرة ورهان فاشل لصرف الأمة المسلمة عن دينها وعن هويتها الإسلامية
محمد شركي
كالعادة نشرت بعض المواقع على الشبكة العنكبوتية مقالات عن عيد الأضحى ، وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي بعض الصور وبعض الفيديوهات تدور كلها حول فكرة محاولة إسقاط القداسة عن شعيرة النحر بأساليب متفاوتة المكر بعضها أخذ شكل الهزل والتندر ، وبعضها أخذ شكل الانتقاد ، ونذكر على سبيل المثال فيديو يصرح فيه أحدهم أن اقتناء الأضحية ضروري لتباهي الجيران بينهم بالخراف ، ونفى أن يكون ذلك مظهرا من مظاهر التدين بأسلوب لا يخلو من تفكه . وفي مقال ذكر أحدهم وهو يقدم نفسه كخبير نفسي واجتماعي بالمجتمع المغربي والعربي أن التنافس في اقتناء الخراف السمينة وذات القرون الملتوية هو رغبة ذكورية الإناث بريئات منها ، وأن حظهن من عبادة النحر إنما هو تعب تنظيف مكرشها ، ومعاناة إعداد أطباق يشتهيها الذكور. وفي مقال آخر تحدث أحدهم عن كلفة الخراف وما تسببه من إرهاق للجيوب خصوصا مع تزامن مناسبة عيد النحر مع قرب الموسم الدراسي الذي يزيد الجيوب إرهاقا ، ويلاحظ من يقرأ هذا المقال أن صاحبه يلمح إلى أن عيد النحر زائر غير مرغوب فيه بالنسبة للذين تنتظرهم فواتير شراء اللوازم المدرسية . وبين هذا وذاك أثير موضوع فتوى ذهب صاحبها إلى أنه يجوز الاقتراض من الأبناك بفوائد لشراء الأضاحي معتبرا ذلك من فقه التيسير المقابل لفقه التعسير الذي يرفض أن يعبد الله عز وجل بما حرمه ، علما بأن الإسلام وهو دين لا حرج فيه لا يجبر من لا يستطيع النحر على شراء الأضحية بالاقتراض سواء كان ذلك عن طريق ما أحل الله عز وجل أو كان عن طريق ما حرم . وواضح أن من أفتى بالاقتراض لشراء الأضحية هو الذي يعسر وليس الذي أفتى بعدم الاقتراض .
هذه المواقف وغيرها ، وما أكثر النكت المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي عبثا بشعيرة النحر يجمعها قاسم مشترك هو محاولة نزع القداسة عن عبادة النحر سواء عن سوء نية وسوء طوية كما هو الشأن بالنسبة للبعض أو دون قصد كلها تدفع في اتجاه خلق هوة بين الأمة المغربية المسلمة ودينها وهويتها .
وأصحاب هذا الرهان الفاشل لا محالة، لا يفوّتون فرصة طرح موضوع أو قضية ذات صلة بالإسلام إلا و حاولوا التأثير بشكل أو بآخر على تقديس الناس له ولتعاليمه ، وحملهم على التطبيع مع فكرة نزع القداسة عنه ليصير أمرا عاديا ككل الأمور العادية التي يجوز الخوض فيها دون حرج بل والتندر بها ، وقد يصل الأمر إلى حد محاولة بث الشك في هذه القداسة ، مع السخرية والاستهزاء بمن يعتقد بها واعتباره مغفلا وساذجا ومتخلفا عقليا ..إلى غير ذلك من النعوت القدحية التي تحط ممن يرعى للشعائر الدينية قداستها وحرمتها .
وهذا التوجه الذي أصبح سائدا في بعض المواقع أو المتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي يدخل ضمن الحملة المنسقة للنيل من دين الإسلام والتي يقودها الغرب الصليبي والصهيونية ، وتنوب في ذلك عنهما طوابير خامسة لم تعد مندسة بل صارت تعلن عن نفسها تحت شعار تحديث المجتمع المغربي المسلم ، ونقله من مجتمع متدين إلى ما يسمى مجتمعا مدنيا عصريا أوحداثيا.
ومعلوم أن دولا أوربية معلومة تضيق الخناق على الجاليات المسلمة الموجودة فيها لمنعها من ممارسة شعيرة النحر بذريعة الرفق بالخراف ، وهي تعتبر عملية النحر التي هي من صميم العبادة الإسلامية سلوكا وحشيا ولا إنسانيا في حق الذبائح ، لهذا تفرض على تلك الجاليات صعق الخراف قبل ذبحها، الشيء الذي يتعارض مع تعاليم دينها ، ويخرجها من إطار ما أحل لها إلى إطار ما حرّم عليها . ولا يوجد أدنى شك في أن تلك الدول الأوربية تعرف جيدا الدلالة الدينية لعملية النحرعند المسلمين ، ومع ذلك تتعمد الدوس على قداستها من خلال فرض اعتقادها العلماني في الظاهر والصليبي في الباطن.
وعلى غرار كل الأمور ذات الصلة بدين الإسلام من قبيل إظهار العبادات أو ارتداء الألبسة ذات الدلالة الدينية، تتعرض شعيرة النحر إلى المضايقة في تلك البلاد الأوروبية ، وهي مضايقات تجد استحسانا وترحابا لدى المستلبين من الطوابير الخامسة في بلادنا ،والتي تروج للقيم الأوروبية العلمانية باستماتة .
ولقد تمكن العديد من رعايانا المسلمين الذين يعيشون في البلاد الأوروبية والذين يضيق عليهم في ممارسة حرية عبادة النحر بإجبارهم على صعق أضاحيهم من العودة إلى بلدانهم لنحرها خصوصا وأن عيد الأضحى المبارك قد تزامن مع العطلة الصيفية ، وكانت هذه فرصة لتجديد صلتهم بدينهم ولترسيخ هويتهم الدينية في أنفسهم وفي نفوس ناشئتهم .
وحتى لا يتحقق الهدف الديني من شعيرة النحر، تحاول بعض الأصوات المشبوهة الاستخفاف بها بشكل أو بآخر إما سخرية واستهزاء وتندرا أو تضجرا واستثقالا وانتقادا طمعا في أن يطويها الزمان كما تطوى العادات والتقاليد وعليهم ينطبق قوله تعالى : (( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون )).
وعلى الأمة المغربية المسلمة أن تتصدى لكل محاولة نزع القداسة عن شعائرها الدينية ، وأن تحرص على ممارستها وفق ضوابط دينها دون السماح بالخروج عن تلك الضوابط حتى لا يفسح ذلك المجال للنيل منها من طرف المغرضين المتربصين بديننا الحنيف .
Aucun commentaire