همزة .. جابها الله
همزة..جابها الله
أحمد الجبلي
زكرياء بلكاوي شاب مغربي من مدينة سيدي قاسم، يشتغل كمساعد سائق بحافلة تربط بين سيدي قاسم وطنجة، اتجه صباح الجمعة للوكالة البنكية التي يودع بها حسابه الشخصي ليطلع على (واحد الألف درهم كاينا فالكونت) وإذا به يفاجأ بوجود مبلغ أزيد من 70 مليون سنتيم قد دخلت حسابه عن طريق الخطإ.
بدون أدنى تفكير، وبدون أن يدور شيء ما في رأسه كأن يعتبرها (همزة جابها الله)، أخبر زكرياء موظف البنك فورا بأن هذا المبلغ ليس ملكه وقد دخل عن طريق الخطإ ولكن الموظف أكد أنها له لأن عملية التحويل صحيحة وطبيعية ولا غبار عليها، ولكن زكرياء أصر على أن يعرف المصدر كي يقوم بإرجاع الأموال إلى أصحابها، فكان المصدر هو خزينة الدولة.
إن هذا السلوك الذي يصدر عن شاب فقير مسلم يؤمن بأن (ديال الناس للناس) وأن الله تعالى حتما سيعوضه أفضل على نجاحه في هذا الامتحان كما قال، ذكرني بإحدى الكاميرات الخفية بإحدى العواصم الأوربية، والتي أصحابها لجؤوا إلى بناء شباك بنكي غير متماسك حيث بمجرد أن يدخل الزبون بطاقته البنكية حتى تنهار الجدران الاصطناعية فتنكشف أموال طائلة على شكل ركام، وإذا بالزبائن كلهم، بدون استثناء، نزلوا على تلك الأموال يدخلونها في حقائبهم ويحاولون الفرار بسرعة حتى لا يدركهم أحد. فالفضيحة كانت واضحة، حيث كشفت هذه اللعبة الخفية عن اندثار ما يدعيه الأوربيون أو على الأقل ما يعرفه الناس عنهم من عدم أكل حقوق الآخرين ومن نزاهة وورع أنهم أبناء سيدنا عيسى وشرفاء أفضل من العرب المسلمين.
إن ما وقع لزكرياء بلكاوي وهو فقير محتاج لم يكن كاميرا خفية بل حقيقة ولم ينهار جدار الشباك بل لقد كانت هناك أموال طائلة حقيقية وصلت عن طريق حقيقي موثق لا غبار عليه، ولكن الرجل المسلم الذي يؤمن أن الله رقيب عليم يأبى بكل عفوية أن يمد يديه على أموال ليست في ملكيته.
إن قيم الإسلام لاتزال مركوزة في قلوب الناس والخير في هذه الأمة وفي أبنائها لا ينقطع، ولذا فإن هذا جزء من مؤشرات كثيرة تدل دلالة واضحة على من سيرث الأرض إن شاء الله هل الغرب الصليبي المتوحش الجشع الذي يستولي على خيرات الشعوب أم هذه الأمة الاسلامية التي فيها أمثال زكرياء بلكاوي الأمناء الذين يخافون الله ويزهدون فيما عند الناس، ويأبون أكل أموال الناس بالباطل؟
Aucun commentaire