هيئة دولية ام حكومة انكلو سكسونية – صهيونية
هيئة دولية أم حكومة انكلو – سكسونية – صهيونية
يوسف حجازي
بعد انتهاء مرحلة الحرب الباردة والصراع الأيديولوجي وبروز ظاهرة الأحادية القطبية وتغيير اتجاه الصراع من شرق – غرب إلى شمال – جنوب واشتداد حدة النزاعات والخلافات في العالم وازدياد حالة التوتر والأزمات في فلسطين والعراق ولبنان وسورية والسودان والصومال وأفغانستان والبوسنة والهرسك وصربيا والجبل الأسود وكرواتيا وألبانيا والشيشان وجورجيا وباكستان وكمبوديا وسريلانكا وكوريا والهند وكشمير وإيران وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وغيرها من مناطق العالم المختلفة كان لا بد من طرح السؤال التالي
ماذا يعنى استمرار هذه النزاعات المؤلمة والقاتلة وخاصة بعد انتهاء مرحلة الحرب الباردة ؟
هل يعني فشل الأمم المتحدة في أداء رسالتها كقوة مسئولة عن حفظ الأمن والسلام في العالم ؟
هل يعني أن الأمم المتحدة مسئولة بشكل مباشر وفي إطار تخطيط محكم ومدروس في إبادة الجنس البشري ؟
لكن ومن خلال نظرة موضوعية تتطابق معرفيا مع الواقع الدولي , ومن خلال استقراء فلسفة وأساليب وسلوك الأمم المتحدة ، و ما هو مطروح من حملة لا سابق لها لتوسيع صلاحيات وقدرات وقوة الأمم المتحدة والتأكيد على حضورها في الساحة الدولية , واستقراء نتائج اجتماع زعماء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن في كانون الثاني1992 الذي خصص لموضوع إعادة هيكلة الأمم المتحدة بعد انتهاء مرحلة الحرب الباردة والحرب الانكلو – سكسونية الأولى على العراق التي أعلنها مجلس الأمن بأوامر من الولايات المتحدة الأمريكية في 16-17 /1/ 1991 ، والحصار الاقتصادي الأبدي على شعب العراق الذي أعلنته الأمم المتحدة بأوامر من الولايات المتحد أيضا ، وتكليف الأمين العام للأمم المتحدة بطرس غالي إعداد تقرير موسع حول تحويل الأمم المتحدة إلى حكومة عالمية , واستقراء دعوة وزير الخارجية البريطانية دوغلاس هيوم في 18 أيلول 1992 إلى أن يكون للأمم المتحدة بعد تحويلها إلى حكومة عالمية بالطبع جيش عالمي مستعد ومتأهب على الدوام للخوض في حروب لفض النزاعات الدولية وقلب أنظمة الحكم التي لا تتفق سياساتها مع السياسة الكولونيالية الانكلو – السكسونية – الصهيونية , وأيضا التدخل للمساس بسيادة واستقلال الدول ، وحتى التدخل لإيقاف حالات الفساد والإفساد وسوء الإدارة وانتهاكات حقوق الإنسان في الكثير من بلدان العالم ، لذالك ليس هناك مجال لأي شك ولا يجب أن يكون هناك أي مجال لأي شك إطلاقا في أن مجلس الأمن يقوم بدور حكومة ديكتاتورية , ولكن الولايات المتحدة الأمريكية رغم ذالك تريد حكومة عالمية مطلقة تتحكم بالكون كما تشاء , ومنطلقة من حقيقة أن مجلس الأمن وإن كان بالفعل ديكتاتوريا ومسيطرا عليه من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا والكيان الصهيوني إلا أن صلاحياته تبقى محدودة في إطار النظام العالمي والقانون الدولي و ميثاق الأمم المتحدة , ولذلك تريد الولايات المتحدة الأمريكية حكومة عالمية موجودة داخل كل حكومة وطنية تفرض القانون الامريكى على القانون الوطني ، وهذا يعني أن تكون الحكومة العالمية حاضرة في الشئون الداخلية لكل أمم وشعوب العالم ، وكذلك الحال بالنسبة إلى الأمم المتحدة , فإن الولايات المتحدة الأمريكية ورغم أنها ترى أنها قد لا تكون عديمة الفائدة تماما كمنبر للمناقشات والمداولات والمداخلات , لكن طبيعتها كمنظمة مسيطر عليها من الخمسة الكبار وتفكر بتفكير الخمسة الكبار تعني إن محاولاتها لأن تكون مجرد ناد للدول والأمم يجعلها صانعة للحروب والأزمات وليس مانعة لها , وتأسيسا على ذالك فإن فلسفة الخمسة الكبار تذهب إلى تأكيد الدعوة لتحويل هذه المنظمة إلى حكومة عالمية تعمل علنا لتأكد فلسفتها الحقيقية كقوة وهيئة ديكتاتورية , والى تأكيد حقيقة أن الأمم المتحدة هي صانعة للازمات والحروب وليست حافظة للأمن والسلام في العالم نطرح السؤال التالي
أين السلام وأين حقوق الإنسان ؟ وأين التنمية ؟
السلام الحقيقي الذي حققته الأمم المتحدة للعالم هو سلام المقابر في فلسطين والعراق والبوسنة والهرسك وأفغانستان والسودان والصومال , لأن السلام الذي تريده الولايات المتحدة الأمريكية هو ذالك النوع من السلام الذي تعشقه أمريكا فأنت مسالم إذا ما امتنعت عن مواجهة الغطرسة الأمريكية ، والنهب الامبريالي ، ومؤسسات النهب الغربية ، ومؤسسات المال في وول ستريت ، ومصالح الشركات متعددة الجنسية ، وإلا فأنت مطلوب رأسك حيا أو ميتا , وهذا هو سلام أمريكا , إبادة وقتل وتشريد الأبرياء والعزل في فلسطين بدلا من تطبيق قرارات الأمم المتحدة التي تمثل الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني ., وإبادة وقتل وتشريد الأبرياء والعزل في البوسنة والهرسك بدلا من رفع الحظر المفروض على السلاح ، وهو السلاح الذي كان من الممكن أن يمكن هؤلاء العزل من الدفاع عن أنفسهم , واحتلال وإبادة وقتل وتشريد شعب العراق من اجل أن تبقى أمريكا تفرض سطوتها على الخليج وتستمر في نهب ثرواته من خلال عملائها في المنطقة والذين تسميهم بالحلفاء والأصدقاء ، رغم أن أمريكا تعرف أن الكثير من أنظمة المشايخ هي أنظمة عشائرية ديكتاتورية , وحصار سورية من اجل مصادرة قرارها الوطني وخنق الثورة العراقية والانتفاضة الفلسطينية وحزب الله اللبناني في دمشق ، وحصار إيران وكوريا لمنعهما من التحكم في التكنولوجيا ، أما فيما يتعلق بقضية حقوق الإنسان فإن الأمم المتحدة هي اليوم راعية لحقوق الإرهاب وذبح الشعوب ، وتهديد حرياتها وحقوقها الأساسية ، وتحليل حروب الإبادة في فلسطين والعراق وأفغانستان والسودان والصومال ، وفيما يتعلق بموضوع التنمية فإن هذا الموضوع بالذات يعتبر المؤشر الحقيقي على إخفاق الأمم المتحدة وسوء نياتها , فالأمم المتحدة عندما تدعوا إلى التنمية فهي تعني الإمعان في إيذاء الشعوب ونهب ثرواتها والإبقاء على تخلفها وعوزها , وهى تفعل ذالك من خلال إخطبوطها اللعين المتمثل في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، وهما مؤسستان من مؤسسات توسيع نطاق المجاعة والديون الخارجية والفقر والجهل والجوع والمرض والتخريب الاقتصادي الواسع النطاق , ونشر الفساد والإفساد والسمسرة والأنظمة الكمبرادورية ، هذه هي الأمم المتحدة ، وإذا كانت هذه هي الأمم المتحدة وهي كذلك فعلا ، فلماذا يذهب الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة ، وما هو الثمن الذي سوف يدفعه الفلسطينيون إذا قبلت فلسطين عضوا وإذا لم تقبل فلسطين عضوا في الأمم المتحدة ، نحن سوف ندفع الثمن في الاتجاهين ، وفي هذه الحالة سوف نكون كمن يبتلع الموس على الحدين هكذا مجروح وهكذا مجروح ، لأننا وفي كلتا الحالتين سوف ندفع اعتراف بالكيان الصهيوني يعني عدم الاعتراف بفلسطين ، وإلغاء قرار التقسيم والوحدة الاقتصادية القرار 181 وقرار العودة والتعويض القرار 194 والقرار 273 قرار قبول عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة الذي اعترفت فيه دولة الكيان الصهيوني بالالتزام بتطبيق القرارين 181 و194 ، وذلك بالإضافة إلى تعميق الانقسام الفلسطيني لأن الاعتراف سوف يعطى إلى سلطة فتح وقد يشجع ذلك على إقدام فتح على إعلان حركة حماس بأنها حركة لا شرعية وخارجة عن الإجماع الفلسطيني وذلك بموافقة الولايات المتحدة والأمم المتحدة والرباعية الدولة لأنه صادر عن دولة عضو في الأمم المتحدة ، وان كنت شخصيا أرى أنه من الظلم التاريخي أن تظل القضية الفلسطينية محصورة في ثنائية ضيقة هي ثنائية فتح وحماس مع الفارق في البرامج السياسية ، والإيحاء إلى العالم أن القضية قضية دولة وليست قضية تحرر وطني ، وأن الخلافات هي خلافات حدود وهي في طريقها إلى الحل ، وان كنت اجزم بما لا يقبل الشك انه لا يوجد فلسطيني يمكن أن يقايض حق العودة بحق الدولة ، وذلك بالإضافة إلى نزع صفة اللاجئين عن اللاجئين الفلسطينيين الذين سوف يكون من حق الدولة منحهم هويات وجوازات سفر وبذلك يتحولون من لاجئين إلى رعايا دولة في الخارج وتنزع عنهم صفة اللاجئين ، والتنازلات التي يمكن أن تقدمها السلطة الفلسطينية في ألاعتراف بإسرائيل كدولة لليهود ، وفي التنازل في المفاوضات القادمة في حال فشلها في الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ، لأن السلطة سوف تزداد ضعفا وبالتالي سوف تجد نفسها مضطرة إلى تقديم المزيد من التنازلات ، وأن كنت اعتقد انه لا يوجد فلسطيني مثقف أو فلسطيني يمتلك الفطرة الوطنية البسيطة يؤيد الذهاب إلى المفاوضات ، لأن الصراع بطبيعته صراع لا يمكن حله عن طريق المفاوضات ، ومن يسوق نماذج بعض حركات التحرر وخاصة فيتنام والجزائر يجب أن يعرف أن الوضع مختلف ، وأن فيتنام ذهبت إلى المفاوضات لأنه لا يوجد لديها مشكلة في الاعتراف بأمريكا كدولة ، وأن الجزائر ذهبت إلى المفاوضات لأنه لم يكن لديها مشكلة في الاعتراف بفرنسا كدولة ، ولكن نحن لدينا مشكلة في الاعتراف بإسرائيل كدولة لأنها تقوم على ارض مسروقة من الفلسطينيين ، وذلك في الوقت الذي يمكن أن يتحول فيه سكان المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية إلى مواطنين إسرائيليين تحت الاحتلال الفلسطيني ، وهكذا تصبح دولة فلسطين وهي اسم بلا مضمون دولة احتلال ويصبح المستوطنون اليهود ضحايا هذا الاحتلال ومن حقهم أن يشكلوا جبهة تحرير وطنية ضد الاستعمار الفلسطيني وان يدرجوا قضيتهم في جدول أعمال الأمم المتحدة كقضية تحرر وطني ، ومن حق إسرائيل أن تقدم لهم كل الدعم والمساندة وعلى كل المستويات ، وإذا فكر أي فلسطيني أن يطلق أي طلقة باتجاه ما يسمى دولة إسرائيل فمن حق دولة إسرائيل أن ترد بكل قوة لأن ذلك سوف يعتبر عدوان من دولة عضو في الأمم المتحدة على دولة عضو في الأمم المتحدة ، وسوف تأيد الأمم المتحدة موقف إسرائيل في ذلك ، وهنا لابد من كلمة أخيرة للقيادة الفلسطينية لأن القيادة لا تفهم الواقع ولا تفهم الأمور ، ومن لا يفهم طبيعة الواقع لا يمكنه مغالبة الواقع ، ومن لا يفهم طبيعة الأمور لا يمكنه مغالبة الأمور، وطبيعة الواقع والأمور تقول أن مستقبل إسرائيل خلفها وأن إسرائيل هي ألان في مرض الموت ومن كان يتصور أن يهزم حزب الله إسرائيل ، وأن تهزم حماس إسرائيل ، وأن الولايات المتحدة لم يعد في وسعها أن تحمي الأنظمة العميلة ، ولم يعد في وسعها أن تفرض أنظمة عميلة في زمن ربيع الثورات العربية .
Aucun commentaire