Home»International»رمضان بين اختلاف المطالع و عالمية الحرية

رمضان بين اختلاف المطالع و عالمية الحرية

0
Shares
PinterestGoogle+

في السنة الماضية، و على مِنْوال الشاعر احمد مطر إذ يقول : « بيتٌ و عشرون راية »؛ واصفا واقع التّشرْذم العربي، أشرت بدوري إلى إشكال آخر، له بعده الإسلامي عوض القومي.

إنه شهر رمضان، حيث يهلُّ كلّ بهلاله تحت « ذريعة » إختلاف المطالع. من ثمة يبدو و كأن مفهوم « الأمة الإسلامية » كما يقول الدكتور هرفي بلوشو : « تبقى مسالة قابعة في أذهان العرب و المسلمين ليس إلا ».

فهل فعلا « الإختلاف رحمة » كما يذكرون في الحديث الموضوع ؟ و هل عبارة « صوموا » يقصد بها الأفراد و الجماعات و الأقطار !

أليست « الأمة » مترامية الأطراف ؟ لكن في المقابل لما هذه الفوضى العارمة، بحيث تصوم و تفطر دولة إسلامية، بينما تفطر جارتيها عن الشرق و الغرب !

لقد ثار نقاش قديم حول مسالة صيام المسلمين و إفطارهم في شهر رمضان٬ من خراسان إلى المغرب الأقصى، و بقي هذا الجدال دون حسم إلى حد الآن. فبقدر ما تثار الأسئلة حول سبب انشطار المسلمين إلى فريقين أو أكثر، رغم أن الهلال واحد، و هؤلاء المسلمون فوق كرة أرضية واحدة من المفروض !؟ نتعجّب لأمر كل واحد من الفرق أسرع جاهدا يبحث له عن حجج و دلائل لدعم رأيه، مع العلم أن الدين ليس بالرّأي كما يقال و « الحق لا يكون إلا واحدا » كما قال ابن حزم.

في الحقيقة سبق في علم الله سبحانه٬ و في علم الرسول صلى الله عليه و سلم؛ عن طريق الوحي٬ أن الأمة ستترامى أطرافها شرقا و غربا٬ و لذلك لا يسوغ القول بظهور و استحداث نازلة لم يعرفها الرسول و لا أصحابه في أول وقت الإسلام. فقوله ׃ « صوموا » إنما كان يقصد الأمة جمعاء٬ لأن « الأمة » من الأمّ تحتضن أولادها؛ هى كالجسد الواحد أو « كالبنيان المرصوص »؛ وهو بذلك لا يخاطب الأفراد و لا الطوائف و الجماعات.

و عليه فالقول باختلاف مطالع الهلال على اعتبار علمي فلكي، هو يعتمد شكل الخطاب لا جوهره؛ أي الذي يصوم في الشام ليس له أن يلزم من كان في الحجاز٬ كما قال ابن العباس لمعاوية.

إن افتراقنا في فهم هذه الشعائر؛ التي ابتغاها لنا الحقّ سبحانه٬ غيّب لديدنا مقاصد العقيدة و الشريعة التي تنبّه إلى قدرها و فعْلها الآخرون؛ أمثال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسنجر ٬عندما تحدث عن القران الكريم و الجمعة ثم وقفة عرفة. أليس القرآن و وقفة عرفة واحدة !؟

ثم إنه يوجد بين أقصى شرق و أقصى غرب العالم الإسلامي فارق 12 ساعة فقط، فمن المفروض عندما تطلع الشمس أو الهلال على أنظار الناس في الأرض يتلقّونه تباعا و بانتظام، لكن لسوء حظ المسلمين في عالم اليوم أن مشكل السيادة و الحدود يتذخل في الدين من جديد، بحيث نجد مدينتين حدوديتين ملتصقتين، إحداهما تتَبع في صيامها و إفطارها العاصمة الرباط التي تبعد عنها مئات الكيلومترات، لكي تصوم الأخرى مع عاصمتها هي الأخرى رغم أنها تبعد عنها أيضا مئات الكيلومترات !

هذه المرة، فضلت أن أتناول موضوع رمضان، بمعزل عن الفقه الكلاسيكي. خصوصا مع ما تشهده الأمة التي عادت من جديد مع ما تعيش من زخم الحراك و الثورات، فعلى الأقل سيصوم الشعب الليبي هذا العام، تباعا أو بانتظام مع مصر، بعدما كان هلال العقيد يظهر يوما بعد مصر و تونس.

في المغرب، زاد طينة النقاش بلة، طلوع مجموعة « وكالين رمضان » بدعوتهم لإفطار علني أيام رمضان، و اعتبارهم ذلك حق و حرية فردية، ما داموا مغاربة غير مسلمين. و الحقيقة أن هناك العديد من المغاربة الأثرياء « وكالين رمضان » يفضلون السفر إلى أوربا خلال هذا الشهر الأبرك، حفاظا منهم على مشاعر المغاربة المسلمين.

إن تجريم الإفطار العلني في الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي، يجد أصله في حقبة الحماية، عندما منع المارشال اليوطي المقيمين من « استفزاز مشاعر المسلمين »، و بذلك ضرب الإستعمار عصفورين بفصل واحد : بدا و كأنه يحترم مشاعر الناس، فضلا عن دعمه لنوعية الفقه السائد و إرضاء لشرعية الدولة التاريخية. حيث أن الدول العربية و الإسلامية في جلها، ترتكز في نظامها القانوني و السياسي على مثل هذه العقوبات التعزيرية التي يحدثها القاضي أو ولي الأمر، و هي تبقى مجرد إجتهاد لا وجود لنص مقدس بشأنه، كل ما في الأمر، هو الحفاظ على النظام و التناسق العام في الدولة.

د. سمير عزو

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *