على طاولة الثورة المصرية (1)

على طاولة الثورة المصرية (1)
د.عصام عدوان
24/5/2011م
إن أمام الثورة المصرية الكثير من المهام، التي تفرضها مكانة مصر وموقعها وتاريخها، والتزاماتها القومية والإسلامية والإنسانية. وإن أُولى هذه الالتزامات، تجاه فلسطين. وقد آن أوان الفعل المصري نُصرة لفلسطين وللقضايا العربية.
لقد استحوذت (إسرائيل) على أراضي فلسطينية من قطاع غزة، كانت بعُهدة مصر، وذلك بعد توقيع مصر اتفاقية الهدنة الدائمة في فبراير 1949م، وأصبح لزاماً استعادتها.
فقد كانت مساحة المناطق الخاضعة للقوات المصرية والتي سُميت بعد ذلك: (قطاع غزة)، وفق اتفاقية الهدنة لعام 1949م حوالي 815كم2، سلَّم القائد المصري محمود رياض منها حوالي 200كم2 للقوات (الإسرائيلية) كإعارة لمدة سنة، من خلال اتفاقية تُدعى: اتفاقية التعايش، في 22/2/1950م، ونصت الاتفاقية أنها ذات طابع محلي وليست تعديلاً لاتفاقية الهدنة ذات الطابع الدولي، وحتى هذه اللحظة لم تُعِد (إسرائيل) هذه الأراضي لقطاع غزة.
ومن جهة ثانية، فقد ضمت مساحة قطاع غزة وفق اتفاق الهدنة منطقة جرى الاتفاق أن تبقى منزوعة من السلاح، تُدعى: مثلث العوجا، مساحتها 260كم2، ومع ذلك هاجمتها (إسرائيل) في عام 1953م وطردت منها عشرين ألف فلسطيني من قبيلة العزازمة إلى سيناء، ثم قامت باحتلالها في عام 1955م.
إن هذه الحقائق التاريخية تستوجب فهماً جديداً في ظل معطيات الثورة المصرية والمقاومة الفلسطينية، ومن ذلك:
1- إن مصر تملك حقاً قانونياً بجميع هذه الأراضي البالغ مساحتها 460كم2، الأمر الذي يرتِّب على الثورة المصرية النهوض بالأعباء الوطنية والقومية التي تخاذلت فيها الحكومات المصرية المتعاقبة منذ عام 1950م، وهذا يعني المطالبة الحثيثة من مصر باستعادة هذه الأراضي لأنها ليست ضمن الأراضي المحتلة عام 1948م، ولا الأراضي المحتلة عام 1967م، وإنما احتُلت بخرق اتفاق الهدنة لعام 1949م.
2- إن (إسرائيل) دولة توسعية، وهي تحتل الأراضي ليس لحاجة إنسانية، وإنما جشعاً وكُرهاً للآخرين، وتلذذاً بعذاباتهم وحرمانهم، فمعظم الأراضي التي احتلتها لا زالت خالية باستثناء بضعة مستوطنات أُقيمت في غلاف غزة. كما أن معظم النقب المحتل عام 1948م لا زال خالياً من أي مشاريع أو إعمار. في الوقت الذي يعاني منه قطاع غزة من ضيق المساحة مقارنة بالكثافة السكانية، وهذا مدخل آخر للمطالبة باستعادة هذه الأراضي.
3- في الوقت الذي تعلن فيه (إسرائيل) والولايات المتحدة أنه لا عودة إلى حدود عام 1967م، تصبح المطالبة بأراضي عام 1950، وأراضي عام 1955م مطلباً ضرورياً ومُلِحّاً، ويشكل إحراجاً (لإسرائيل) والولايات المتحدة الأمريكية معاً، ويُظهر عدوانية (إسرائيل). ومَن كان ينشد السلام؛ لا يعتدي على الآخرين ويسلبهم حقوقهم.
4- إن الأمم المتحدة على محك خطير، فقد أصدرت قراراً جائراً بتقسيم فلسطين، ولم تلتزم به، ولم تُلزم به (إسرائيل). وأشرفت على توقيع اتفاقيات الهدنة الدائمة عام 1949م ولم تلتزم بها ولم تُلزم بها (إسرائيل). وهي مدعوة اليوم لإجبار دولة العدوان اليهودي على الإلتزام بالقرارات والاتفاقيات الدولية، وبالتالي التراجع عن احتلالها لأراضي عامي 1950، و1955م.
5- إن كان على المقاومة الفلسطينية مرحلة أهدافها، فيصبح من الأولويات العمل على تحرير الأراضي التي احتلها العدو في عامي 1950، و1955م، حيث لم تتطرق القرارات الدولية لها، وبمعايير المجتمع الدولي تصبح مقاومة العدو في هذه الأراضي واجبة ومشروعة، وبالتالي فإن إطلاق الصواريخ وتنفيذ العمليات المسلحة في غلاف غزة هو أمر مشروع حتى وفق المعايير الدولية. وعلى مصر الثورة تقديم كل الدعم المادي والمعنوي اللازم للمقاومة الفلسطينية لاستعادة هذه الأراضي تحديداً. وهذا التعاون هو من أولويات المرحلة القادمة.
6- إن اتفاقية كامب ديفيد المشئومة أيضاً لا تمنع مصر من المطالبة باستعادة هذه الأراضي، وتستطيع مصر مرحلياً ربط مستقبل اتفاقية كامب ديفيد بانسحاب (إسرائيل) من هذه الأراضي.
إن المهام التي تنتظر مصر الثورة في المجال الفلسطيني كبيرة وخطيرة، وبحاجة إلى قوة ومكانة وشعب مصر لإجبار دولة العدو على النزول على إرادة الأمة وصولاً إلى نهاية دولته وانتصار الحق.
Aucun commentaire