Home»International»هل ستنتهي حكاية الإرهاب بمقتل بن لادن ؟

هل ستنتهي حكاية الإرهاب بمقتل بن لادن ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

ابتهج الأمريكيون أمام مقر البيت الأبيض بنبأ مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ، تماما كما تألموا يوم فجر برج تجارتهم العالمي ، فانتصفت بهجتهم من أحزانهم بعد مرور عقد من السنين . وبعد انتهاء أجواء الابتهاج سيجد الأمريكيون ومعهم العالم كله أنفسهم أمام سؤال ملح وهو : ثم ماذا بعد ؟ هل ستنتهي حكاية ما يسمى الإرهاب بمقتل زعيمه ؟ ويبدو أن لهذا السؤال أكثر من جواب ، وقد بدأت بعض الأجوبة تلوح في الأفق ولعلها أجوبة استباقية. فتحذيرات البيت الأبيض للرعايا الأمريكيين في كل أقطار العالم من خطر انتقام تنظيم القاعدة هو أحد الأجوبة الاستباقية . فالبيت الأبيض الأمريكي لا يعتقد أن الصراع مع تنظيم القاعدة سيتوقف بقتل زعيمه. وهذا الاعتقاد يدعونا إلى طرح سؤال آخر على خلفية هذا الجواب الاستباقي أو الكثير الاحتمال وهو لماذا يسود هذا الاعتقاد عند البيت الأبيض ؟ والجواب عن هذا السؤال يقتضي البحث عن سر الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية وتنظيم القاعدة علما بأنهما كانا من قبل صديقين حميمين حين غزا الاتحاد السوفياتي أرض أفغانستان وكان مصدر تمويل ابن لادن وتسليحه هو الولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تخوض حربا باردة مع غريمها الاتحاد السوفياتي ، ووجدت في حرب أفغنستان الساخنة ضالتها وهو ما جعلها يومئذ تعتبرابن لادن صديقا لها بحكم سياسة المصالح التي هي عقيدة الولايات المتحدة. وبمجرد دحر الغزو السوفياتي في أرض أفغانستان ساء زمن الود والوصل بين الولايات المتحدة الأمريكية وابن لادن الذي قاس الغزو الصهيوني لأرض فلسطين على الغزو السوفياتي لأرض أفغانستان وفكر في نقل تجريته في مقاومة الاحتلال من المعسكر السوفياتي إلى المعسكر الأمريكي الموالي للكيان الصهيوني .

فسبب الخلاف إذن بين الولايات المتحدة الأمريكية وابن لادن هو القضية الفلسطينية لا غير. ولهذا لا يعتقد البيت الأبيض الأمريكي أن الصراع مع تنظيم القاعدة سينتهي بموت زعيم التنظيم طالما ظلت القضية الفلسطينية دون حل عادل وشامل. ولما كانت الولايات المتحدة عاقدة العزم على الوقوف إلى جانب الكيان الصهويني وقوفا غير مشروط فإنها قررت عدم الخروج من دائرة الصراع مع تنظيم القاعدة ، وهو صراع مربح بالنسبة لها لأنه كان سببا في تبرير احتلالها للعرق وأفغانستان ، وسببا في تكثيف وجودها في منطقة الشرق الأوسط لحماية الكيان الصهيوني بأضخم القواعد العسكرية. وعندما يصرح الرئيس الأمريكي في خطابه الذي زف فيه خبر مقتل زعيم تنظيم القاعدة للشعب الأمريكي بأن الولايات المتحدة لا تعادي الإسلام وإنما تعادي الإرهاب يكون قد كرر التعريف المتداول أمريكيا وصهيونا للإرهاب . فكل من يرفض الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين هو إرهابي ، وكل من يقبل بواقع هذا الاحتلال ويطبع معه هو مجرد مسلم فقط . والبيت الأبيض الأمريكي هو الذي يسلم شهادة الإسلام وحسن السيرة للمسلمين باعتبار موقفهم من الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين . ولقد قتل الصهاينة زعيم تنظيم حماس الشيخ أحمد ياسين بنفس التهمة التي قتل بها زعيم تنظيم القاعدة لأنهما يلتقيان في رفض الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين، وإن اختلفا في أسلوب الرفض ذلك أن زعيم تنظيم حماس حصر عملياته في مقاومة العدو الصهيوني فوق أرضه فلسطين ، بينما وسع زعيم تنظيم القاعدة عملياته وجعلها في كل بقاع العالم ضد الولايات المتحدة المؤيد الأول لإسرائيل ، و ضد كل من له علاقة بالولايات المتحدة من قريب أو من بعيد . ولهذا حظي الشيخ أحمد ياسين بتعاطف كل المسلمين معه ، في حين اختلفوا في التعاطف مع زعيم تنظيم القاعدة التي مست عملياته بلاد المسلمين ،وكان من بين الضحايا مسلمون أبرياء لا ذنب لهم سوى وجودهم فوق أرض أنظمتها ترتبط بعلاقة مع الولايات المتحدة حليفة إسرائيل ، ولسان حال تنظيم القاعدة صديق العدو صديق .

وقد تنكر المسلمون في العالم لعمليات تنظيم القاعدة حتى ضد شعوب الغرب التي لا يمكن أن تؤخذ بجرائر أنظمتها ، وهي شعوب لا تخلو ممن يساند القضية الفلسطينية ، ويتعاطف مع العرب والمسلمين في قضاياهم العادلة . وازداد شجب المسلمين لتنظيم القاعدة عندما نهج النهج التكفيري ضد كل من تعامل مع الغرب ، واستباح دماء المسلمين كاستباحة دماء غير المسلمين ، وخلط بين الجيش الإسرائيلي ومن يواليه وبين أبرياء الغرب وأبرياء العرب على حد سواء ، ولم يعمل حتى بقاعدة قاعدة « لو تزيلوا  » . وكان من المفروض عندما عانى الغرب والعالم كله من عمليات تنظيم القاعدة أن يفكر العالم وعلى رأسه الولايات المتحدة في المسلمين الذين استنكروا هذه العمليات ، وتعاطفوا مع الضحايا الأمريكيين وغير الأمريكيين الذين سقطوا بسبب ذلك من خلال البحث الجاد عن حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية التي هي ذريعة تنظيم القاعدة لتبرير عملياتها. ولقد اختار الكثير من المسلمين المسارات السلمية ولكنهم لم ينالوا شيئا بسبب تعنت الكيان الصهيوني وبسبب التأييد الأمريكي غير المشروط لتعنتهم ، لهذا ظلت ذريعة تنظيم القاعدة تحرج الذين اختاروا المسارات السلمية الفاشلة مع الكيان الصهيوني. إن قول الرئيس الأمريكي في خطابه بالأمس بأنه بقتل زعيم القاعدة لا يعادي المسلمين وإنما يعادي الإرهاب هو قول غير دقيق لأن المسلمين يطالبون الرئيس الأمريكي بموقف واضح من قضيتهم الأولى ، وهي القضية الفلسطينية ، فطالما ظل الموقف الأمريكي يساند الكيان الصهيوني ، ويسكت على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني فلا يمكن أن يصدق المسلمون أن الولايات المتحدة صديقة لهم ، وإن كانوا لا يتفقون ولا يرضون على عمليات تنظيم القاعدة ضدها.

وأخيرا نجد أنفسنا مضطرين للاعتقاد بأن تنظيم القاعدة هو صناعة أمريكية ذلك أن السياسة الأمريكية المنحازة للكيان الصهيوني هي المسؤولة الأولى عن نشوء هذا التنظيم . فلو أن هذه السياسة التزمت الحياد في الصراع العربي الصهيوني لما وجد تنظيم القاعدة أو غيره. ولعل دعوة مصر أول أمس الولايات المتحدة للاعتراف بدولة فلسطين عبارة عن نصيحة ثمينة بعد الحراكات العربية التي غيرت من وجه السياسة العربية في العالم العربي إذ صارت الأمور إلى الشعوب بعدما كانت بيد الأنظمة ، مما يعني أن التعامل مع القضية الفلسطينية سيختلف وقد بدأت بوادر التغيير في المواقف من القضية الفلسطينية تلوح في الأفق بعد مشروع المصالحة الفلسطينية التي ألغت تهمة الإرهاب الموجهة لتنظيم حماس لدى شركائهم في فتح الذين أعيتهم مشاريع السلام دون طائل . والولايات المتحدة مطالبة بشهادة صدق في صداقتها للعرب والمسلمين من خلال اعترافها بدولة فلسطين ، وحمايتها من الخطر الصهيوني وإلا فلن يكون الاحتفال بمقتل ابن لادن سوى عملية ذر للرماد في العيون الأمريكية وعيون العالم لأن سبب وجود فكرة ابن لادن لازال قائما وهو التأييد الأمريكي غير المشروط للاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *