Home»International»التفكير بالألوان: مساهمة في ترشيد عملية الفهم.الجزء(7)

التفكير بالألوان: مساهمة في ترشيد عملية الفهم.الجزء(7)

0
Shares
PinterestGoogle+

التفكير بالألوان: مساهمة في ترشيد عملية الفهم.الجزء(7)

بقلم:د  خالد عيادي

التفكير  في زمن النبوة:

السنة النبوية هي التطبيق الأمثل للقرآن الكريم .ويمكن القول ،دونما تحيز، بأن السيرة النبوية مدرسة متفرعة من مدرسة القرآن لتشكيل وصناعة تفكير ،أقل ما يقال عنه، أن شعاره: »تميز دون تحيز ».والمتتبع للطريقة التي كان يفكر بها رسول الله(صلى الله عليه وسلم)  ،والكيفية التي كان يفهم بها الواقع ويقدره ، يتوصل إلى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان قرآني الفكر ، والفهم، و التفكير .وفي الصحيح لما سئلت أمنا عائشة (رضي الله عنها) عن أخلاق النبي(صلى الله عليه وسلم) أوجزت الجواب في قولها المشهور: »كان خلقه القرآن ».

        المرونة في التفكير، وحرية الرأي ، والقبول بالفهم الآخر، وإن غلظ ، من شيمة رسول الله(صلى الله عليه وسلم).وقد كان الصحابة الكرام يتعلمون من نبيهم هذه الخصال ، فصاروا قدوة حسنة في هذا الجانب.ولما قال النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم الأحزاب: » لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة ،فأدرك بعضهم العصر في الطريق ،فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيها. وقال بعضهم بل نصلي لم يرد منا ذلك. فذكر ذلك للنبي(صلى الله عليه وسلم)  فلم يعنف واحدا منهم ([1]) .في إشارة منه (صلى الله عليه وسلم) إلى مشروعية الاختلاف وجوازه.ولم يكن هذا التعامل النبوي خاصا بالصحابة الكرام، بل إنه مورس حتى مع غير المسلمين فقد : »صح عن النبي أنه أنزل وفد نصارى نجران في مسجده، وحانت صلاتهم  فصلوا فيه. وذلك عام الوفود، بعد نزول قوله تعالى « إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا » فلم تتناول الآية حرم المدينة ولا مسجدها .([2]) فما أحوج الأمة الإسلامية في عصرنا هذا إلى مثل هذا التفكير الفسيح ! .

        ولقد نشأ عن مثل هذه المواقف النبوية الرائعة، فقه كبير مبثوث في كتب الفقه والأصول.فعلى سبيل المثال لا الحصر،أسوق ما عقده ، الإمام « الشوكاني » ،دون تعليق حتى أترك للقارئ كامل الفرصة كي يتأمل، في كتابه « نيل الأوطار » بابًا بعنوان:  « بابُ صحةِ الإسلام مع الشَّرْطِ الفاسِدِ([3])« .ثم ذكر ثلاثة أحاديث:حديث نصر بن عاصمٍ الليثي، عن رجلٍ منهم، أنه أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فأسْلَمَ، على أن يُصَلِّيَ صلاتين؛ فقَبِلَ منه… وفي لفظٍ آخر له: « على ألا يُصلي إلا صلاةً، فقَبِلَ منه .ثم أورد  حديث وهبٍ قال: سألتُ جابرًا عن شأن ثقيفٍ إذ بايَعَتْ، فقال: اشترطتْ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم أن لا صدقةَ عليها ولا جهاد، وأنه سمع النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) بعد ذلك يقول: سَيَتَصَدَّقون ويُجاهدون … ثم حديث أنسٍ أنَّ رسول الله(صلى الله عليه وسلم)  قال لرجلٍ: أسْلِم، قال: أجدني كارهًا، قال: أسلِمْ، وإن كنتَ كارهًا. ». ثم علق رحمه الله بعدها قائلاً: « هذه الأحاديثُ فيها دليلٌ على أنه يجوز مُبايعةُ الكافر، وقَبول الإسلام منه، وإن شرط شرطًا باطلاً، وأنه يَصِحُّ إسلامُ مَن كان كارهًا…وأخرج أبو داوود…أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله(صلى الله عليه وسلم)  أنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم، فاشترطوا عليه أن لا يحشروا،ولا يعشروا، ولا يجبوا([4]) .فقال رسول الله: لكم أن لا تحشروا ،ولا تعشروا ولا خير في دين ليس فيه ركوع…ويمكن أن يقال إن نفي الخيرية لا يستلزم عدم جواز قبول من أسلم بشرط أن لا يصلي .وعدم قبوله (صلى الله عليه وسلم) لذلك الشرط من ثقيف لا يستلزم عدم جواز القبول مطلقا. » ([5])

…………………………………………….. 

[1])  صحيح البخاري من حديث ابن عمر. «  كتاب المغازي « . باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم.

 [2] ) أحكام أهل الذمة. ابن قيم الجوزية. ت -751ه. حققه وعلق عليه. يوسف بن أحمد البكري. وشاكر توفيق الغاروري-مج-1 – ط1- 1997. رمادي للنشر. المملكة العربية السعودية- ص-397.- وزاد المعاد في هدي خير العباد- ابن قيم الجوزية – حقق نصوصه وخرج أحاديثه وعلق عليه- شعيب الأرنؤوط- عبد القادر الأرنؤوط- مؤسسة الرسالة- مكتبة المنار الإسلامية- ج-3- ط – 26-1992 – ص.629.

[3] ) بابُ « صحةِ الإسلام مع الشَّرْطِ الفاسِدِ« . في  نيل الأوطار شرح منتقى الاخبار – الإمام الشوكاني – ت1250- – قدم له واعتنى به وخرج أحاديثه- رائد بن صبري ابن أبي علفة- بيت الأفكار الدولية – ط-2004- لبنان – ص:1463.

[4] ) والمراد بالحشر جمعهم إلى الجهاد والنفير إليه . وبقوله يعشروا :أخذ العشور من أموالهم صدقة. وبقوله ولا يجبوا بفتح الجيم وضم الباء الموحدة المشددة .وأصل التجبية أن يقوم الإنسان مقام الراكع.وأرادوا أنهم لا يصلون.

[5] ) بابُ « صحةِ الإسلام مع الشَّرْطِ الفاسِدِ« . في  نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار – الإمام الشوكاني – مرجع مذكور- ص:1463.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *