Home»International»تجديد الرؤية الدينية :

تجديد الرؤية الدينية :

0
Shares
PinterestGoogle+
 

تجديد الرؤية الدينية

محمد ابراهيمي

« خطاب التفسير من التأصيل إلى الامتداد.

1- أوليات التفسير:

انبهر المسلمون في أو ل عهدهم بالقرآن الكريم   بالآيات النصية، التي لم تترك من التبيان شيئا ، في حديث متكافئ ، قدم درسا للبلاغة السحبانية، ولعنجهية الشاعر العربي ، الذي تضخم أناه في أسواق الشعر في عكاظ والمربد، وفي ذي قار وذي المجاز، وتباهى بحسبه ونسبه ،وموهبته ونبوغه ،وبكل مقومات قبيلته في ديوان العرب ، بشكل مناف لحديث الله ، الذي استحدثه جل وعلا في القرآن الكريم ، ليسير في ركاب الحديث الحسن،حيث تكرر لفظ « الحديث »خمسا وعشرين مرة في النص القرآني، إذ أنزله المولى لبيان كل شيء للعالمين ، بعيدا عن التعجيز الندي، و بأسلوب حواري متحضر ،يجادل بالتي هي أحسن ،لافظاظة فيه ولا غلظة ،و فيه من الحكمة والموعظة حظا أوفر،  حديث يحاجج ليقنع بالآيات الكونية والنفسية، وليبرهن على الآيات النصية وآيات الأفاق ، أو يخبر لينورالعقول، ويحررها من قيود الجهل ،ومرسفات القرون ، ويطهر القلوب المبصرة مماران عليها ،أو يأمر ليرحم العباد من العذاب ،أوينهى البشر ليرفق بهم من عناء الحساب، « حديث حسن » يتمفصل عنه « حديث قدسي »؛ لإضاءة النص الإلهي ،وإحكام الصلة بين الأرض والسماء، قصد إضفاء القدسية على كلام الله، وإعطاء الشرعية لتعبير رسول الله (ص) ، ويبرهن بالبيان على قيمة صفة  » الأمية » في سجية النبي الأكرم ، باعتبارها قيمة مشرفة؛ لأن الرسول الذي بعثه الله للعالمين أميا ؛شاءت حكمة الله أن يثبت من خلاله قدرته المطلقة سبحانه ،على تغيير الأوضاع والأزمان والأمكان، والألقاب والصفات ، فمحمد (ص) أمي ليكون دليلا على إلهية الوحي ، ودليل تبرئة من كل ضلوع أو نسبة مزعومة للقرآ ن المجيد ، وليقيم الحجة على أن العلم يتلقى ومصدره العلم الإلهي المطلق، وأن الله علم آدم الأسماء كلها ،وعلم المصطفى القراءة والكتابة بشكل متدرج ،على يد الملك الأمين جبريل عليه السلام ، وليكون مضرب الأمثال على أميته ، وأمية الأميين الذين بعث فيهم ، في عدم معرفتهم لمقاصد الوحي ومعاني القرآن، ولمدلولاته الحمالة للأوجه ، رغم باعهم في الفصاحة وعلو كعبهم في اللسن ،وما معرفة رسوله الكريم بهذه المعاني السامية إلا بفضل الله العليم الخبير، وكان ذلك على ثلاث مراحل :

1- مرحلة التلقي وقذف المعرفة الدينية اليقينية في الفؤاد .

2- ومرحلة الحديث القدسي : مرحلة شبه الاستواء البلاغي ،والنضج في الوعي ،والتلقي للمعنى الموحى به لرسوله ،والتعبير عنه بلغة محمدية رصينة ،تحاكي لغة القرآن في المجاز والحقيقة، والتقرير والتصوير، والمشترك اللفظي ، وقوانين اللغة المتعلقة بالمماثلة والمخالفة، والمصاهرة والاقتراض والنحت اللغويين ، والمحاصرة المنطقية في الاستدلال ، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على الترقي في الفهم والتلقي ،والقدرة على التبليغ والتفسير المصاحب بالمعية الإلهية .

3- ثم مرحلة الحديث النبوي، والقدرة الذاتية على التفسير والهدي الإرشادي، لا الهدي التوفيقي والوعظ والتشريع ،إنها مرحلة الارتقاء إلى منزلة المعلم الأول للإنسانية جمعاء ،والتبليغ بالحجاج ووسائل التأثير، وتلقي التلقي أي تلقي الصحابة الكرام عنه (ص) ، وفي طليعتهم الخلفاء الراشدون ،و ابن عمه عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم، المزداد في العام الثالث قبل الهجرة ،والمتوفى سنة 68 هجرية ، الملقب ب: » حبر الأمة « ، لحدقه بالفقه ، وعلم التفسير وعلم التاريخ ، ولغة العرب وآدابها ، و »بفقيه الأمة »، لتمكنه من علم الفرائض، وأحكام الحلال والحرام، و »بترجمان القرآن « وإمام التفسير »، بفضل لسانه السؤول وقلبه العقول ،مما جعله يفسر سورة البقرة ،آية آية ،وكلمة كلمة ،وحرفا حرفا، فقربه الرسول (ص) منه، ودعا له الله :  » اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل « ، وكان رائدا أيضا في رواية الحديث النبوي ب 1660 حديثا ، مماأهله ليخوض غمار علم التفسير في تأليف ينسب إليه ، على خلاف بين المحققين ،وجلهم ينفي نسبته إليه ،ومنهم الذهبي في التفسير والمفسرين، والشوكاني في الفوائد المجموعة، وغيرهما كثير ، لكن عرض كتاب » تنوير المقباس من تفسير ابن عباس » الذي نشرته دار الكتب العلمية ببيروت لبنان سنة 1992 في طبعته الأولى، يعطينا صورة تقريبية عن بدايات التأليف في علم التفسيربالأثر، قبل التفسير بالرأي، من منظور فقهي يعتد بالحدث القرآني ووقائع النزول، ومقتضيات ترتيب السور، وبلاغة السابق واللاحق،وبذكرالأسماء والشخوص والأمكنة والأزمنة ، والشروح اللغوية،وبتقصي المعنى الصريح من جلال الولوج إلى الآية الكريمة، دون الوقوف عند تعقد بنية النص القرآني وطبقات المعنى ، و تداخل الأنظمة اللغوية ، وانفتاح المعنى القرآني على المضمر والمفترض والمؤول؛ لاقتحام العوالم اللامتناهية للانكشافات النصية ؛ لعله انبهر بكلام الله البين وبآياته النصية الناطقة.

ترى كيف ترجم ابن عباس معاني القرآن، وهو الفقيه والمحدث ، والمتضلع في العربية ،وفي فنونها وعلومها وشعرها ؟ (يتبع).

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.