هل يصدق المسلمون قول الله عز وجل بألا ترضى اليهود والنصارى عنهم حتى يتبعوا ملتهم أم يصدقون ما يدعيه هؤلاء من مودة لهم وتسامح معهم ؟؟
هل يصدق المسلمون قول الله عز وجل بألا ترضى اليهود والنصارى عنهم حتى يتبعوا ملتهم أم يصدقون ما يدعيه هؤلاء من مودة لهم وتسامح معهم ؟؟
محمد شركي
تعقد بين الحين والآخر هنا وهناك في بعض أقطار العالم لقاءات ومؤتمرات وندوات لطرح قضية ما يسمى بالتسامح بين رعايا الديانات الثلاث اليهودية والنصرانية والإسلام . وهذا الموضوع يطرح إشكالا كبيرا بالنسبة للمسلمين الذين يجدون عندهم في القرآن الكريم قول الله عز وجل : (( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير ))
إنه إشكال عقدي بالنسبة إليهم ،لأنهم مطالبون بتصدق هذا النص القرآني الذي ذكر عموم اليهود والنصارى من بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة مع استثناء في قوله تعالى : (( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ))
فالاستثناء يخص النصارى الذين يقرون بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء يمكن أن يصدق المسلمون مودتهم، وهو ما لا ينطبق على اليهود ولا على المشركين، وهم أشد الناس عداوة لهم كما نصت على ذلك الآية الكريمة، لأن الذين ينكرون نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بل أكثر من ذلك يعادونه لا يمكن أن يصدقوا إن ادعوا محبة أتباعه .
وليس من السهل أن يتجاوز المسلمون نصوص القرآن الكريم الكاشفة عن عداوة اليهود والمشركين الشديدة للمسلمين ،وعن عدم رضى اليهود والنصارى عنهم حتى يتبعوا ملتهم ، والناهية لهم عن اتباع أهوائهم بعد ما نزل إليهم من الحق .
فما من مسلم يصدق مودة اليهود ، ورضاهم عنه ،أو رضى النصارى من غير من استثنتهم الآية الكريمة من هؤلاء ،إلا ويجد نفسه أمام إشكال مخالفة ما نص عليه القرآن الكريم بل قد يجد نفسه ناقضا له إن هو فعل ذلك .
ومعلوم أن الواقع يؤكد للمسلمين شدة عداوة اليهود لهم ،ذلك أن هؤلاء احتلوا أرضهم في فلسطين المسلمة وأخرجوهم منها وجردوهم من ممتلكاتهم ظلما وعدوانا ،وقد قتلوا منهم مئات الآلاف وأسروا مثل ذلك وطردوا الملايين ،ولا زالوا يفعلون ذلك عن عداوة شديدة صاروا يبدونها لهم ،وقد ظلوا لقرون يضمرونها وهم يعيشون بين المسلمين في كل بلاد الإسلام سالمين آمنين حتى إذا سنحت لهم الفرصة ردوا على جميلهم بأقبح القبيح ،فاستباحوا أرواحهم وأرضهم وأموالهم .
ولا يختلف حال النصارى مع المسلمين عن حال اليهود معهم فقد احتلوا هم أيضا الكثير من بلاد المسلمين، وساموهم كل أنواع الخسف ، وهم اليوم لا يريدون حتى مجرد الاعتراف بشناعة وفظاعة ما ارتكبوه في حقهم من إجرام في الماضي البعيد والقريب .
ويتأكد اليوم للمسلمين ما ورد في كتاب الله عز وجل من عدم رضى اليهود والنصارى عنهم حتى يتبعوا ملتهم وأهواءهم . فكل مسلم لا يتبع أهواءهم يكون عرضة للتضييق ، و الملاحقة والمتابعة والمحاكمة والعقاب… ، والواقع يشهد على ذلك.
وللتمويه عما كشف عنه الوحي مما يضمرون للمسلمين من عداوة وكيد يعقد بعض اليهود والنصارى بين الحين والآخر لقاءات ومؤتمرات وندوات يزعمون فيها عكس ما كشفه القرآن الكريم، ويدّعون لهم المودة والتسامح معهم عوض العداوة والكراهية ،وذلك لتحقيق أهداف خفية ومعلنة مسطرة لهم لا يمكن أن تكون لصالح المسلمين أبدا .
ويعتمد هؤلاء اليهود والنصارى في لقاءاتهم ومؤتمراتهم وندواتهم أساليب خبيثة وماكرة تنسب إلى المسلمين ممارسة الكراهية ضدهم كذبا وزورا مع أن التاريخ الإسلامي الطويل يشهد ببراءة المسلمين من هذه التهمة الملفقة تلفيقا مكشوفا ، ولو كانوا كذلك لما عاشوا بين ظهرانيهم مصونة كرامتهم بأمن وسلام لقرون طويلة امتثالا لأمر إلهي لا يمكنهم مخالفته .
ويعمد اليهود والنصارى بدافع أهوائهم التي حذر الله عز وجل المسلمين من اتباعها إلى محاولة إقناعهم بتعطيل بعض نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة بذريعة حثها على كراهيتهم ، وقد انساقت مع الأسف الشديد وراء هذه الأهواء بعض الأنظمة في بلاد المسلمين التي حذفت من المقررات الدراسية نصوصا من القرآن والحديث التي يرى اليهود والنصارى حسب زعمهم أنها تدعو إلى كراهيتهم . ومقابل الدعوة إلى حذف نصوص القرآن والحديث من المقررات الدراسية في بلاد المسلمين، لا ترتفع دعوات لشطب نصوص من كتب اليهود والنصارى الدينية التي تدعو إلى كراهية المسلمين واستباحة دمائهم وأرواحهم ،كما هو الشأن بالنسبة للكيان الصهيوني المحتل .
فكيف يعقل والحالة هذه أن يثق المسلمون في هذه اللقاءات والمؤتمرات والندوات التي يعقدها اليهود والنصارى لتسويق أفكار تسامحهم وتعايشهم المزعوم مع المسلمين ومودتهم ؟ فهلا أعطى اليهود برهانا على ذلك فوق أرض فلسطين أم أن فريقا منهم يسوق لتلك الأفكار لدغدغة مشاعر المسلمين لخداعهم ، والفريق الآخر ينقضها من خلال مواقف عدائية صارخة لا غبار عليها ؟
فمن يا ترى سيصدق المسلمون منهم هل يصدقون المسوقون لتلك الأفكار أم الناقضون لها الذين يشهد الواقع المعيش على أفعالهم العدوانية الشنيعة والفظيعة؟
وهلا أقنع أصحاب هذه اللقاءات والمؤتمرات والندوات اليهود الذي اغتصبوا أرض فلسطين برد ها إلى أصحابها ، وأقنعوا النصارى الذين لا زالوا يحتلون أراضي المسلمين بالجلاء عنها ، والذين يستغلون ثرواتهم بالكف عن ذلك ، والذين يشعلون الحروب فيما بينهم ببيع الأسلحة لهم بالكف عن ذلك أيضا، فيكون ذلك تطبيقا إجرائيا للتسامح مع المسلمين ومودتهم ؟ فإن لم يفعلوا ولن يفعلوا أبدا ،فالمسلمون ليسوا أغبياء إلى هذه الدرجة لتكذيب القرآن الكريم الذي لا يأتيه باطل من بين يديه ولا من خلفه وتصديق ما يسوقه اليهود والنصارى من ادعاءات باطلة يكذبها الواقع .
Aucun commentaire