ارتباط المغاربة بالقدس VIDEO
ارتباط المغاربة بالقدس
يحي إبراهيمي
تعلق المغارة عبر التاريخ بالقدس تعلقا شديدا ، لوعيهم بالمكانة الدينية للقدس الشريف
باعتباره مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وباعتباره أيضا أولى القبلتين وثالث
الحرمين الشريفين الذي تشد إليه الرحال، وباعتباره ملتقى الحضارات القديمة ، وبؤرة
الصراع السرمدي بين الحق والباطل .
وقد جسد المغاربة هذا الوعي من خلال التضحيات الكبيرة والسخية التي قدموها عبر سنين
عديدة ، وفي مختلف الميادين :
– من خلال المشاركة في العمليات الجهادية على عهدي القائد نور الدين زنكي أو القائد
صلاح الدين الأيوبي
– من خلال العمل في الميادين الإدارية والصحية بتلك البلاد ، والإشراف على الأوقاف
المغربية هناك.
وحري بالمغاربة اليوم أن يستحضروا هذه المواقف البطولية ، بكل فخر واعتزاز، عسى أن
تذكرهم ببعض صفحات تاريخ أجدادهم في تلك البلاد المباركة، وعسى أن توقظ في نفوسهم
روح الشهامة والبطولة التي ميزت سلفهم تجاه مغتصبي بيت المقدس ، فيتوقوا إلى تحريرها
من رجس الصهاينة كما شارك أجدادهم في تطهيرها من رجس الصليبيين أيام صلاح الدين
الأيوبي رحمه الله .
لقد قال المجاهد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله كلاما عن المغاربة غاية في الاحترام
والتقدير، قال عنهم رضي الله عنه :(المغاربة قوم يفتكون في البر وينقضون في البحر ، يجاهدون عاما ويحجون عاما ) .
هذا ما قاله هذا القائد العظيم عن أجدادنا، فماذا سيقول التاريخ عنا .
قال ذلك لان المغاربة شاركوا مشاركة هامة في تحرير بيت المقدس أنداك ، بل إن ارتباط
المغاربة بالقدس يعود إلى القرن الأول الهجري حيث كانوا يتبركون بزيارته في طريقهم إلى
الحج، وتسمى هذه الرحلة المقدسة برحلة الينابيع حيث كانت تمر بالمدينة المنورة إلى القدس
إلى مدينة الخليل حيث قبر سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام.
وللمغاربة روابط تاريخية بالمسجد الأقصى المبارك منها :
-1- الرباط الجهادي : حيث شارك المغاربة في الدفاع عن الأقصى وتحريره من أيدي
الصليبيين ، منذ أن بدأ نور الدين زنكي محاولاته لتحرير القدس الشريف ، فقد توافد
المغاربة على القدس والتحقوا بجيشه وابلوا البلاء الحسن، مما رفع مكانتهم وسما بهم عند
المقدسيين .
كما بعث القائد صلاح الدين الأيوبي إلى السلطان يعقوب المنصور ألموحدي سنة 586
هجرية يطلب إعانته بالأساطيل الحربية، لمنازلة عكا وصور وطرابلس الشام ، بعد حطين
وفتح بيت المقدس ، طالبا منه أن تحول القوات المغربية في البحر بين أساطيل الإفرنج –
الألمان والفرنسيين – وبين إمدادات النصرانية بالشام من الجهات الأخرى .
بالرغم من بعض المؤاخذات التي كانت للخليفة المنصور على السلطان صلاح الدين فقد جهز
له 180 أسطولا كان لها الأثر القوي في منع النصارى من سواحل الشام كما يذكر المؤرخ
الكبير ابن خلدون ، ولاشك أن هذا الأسطول الضخم كان مصحوبا بعدد كبير من الجنود
المدربين، وكذا المتطوعين والمرشدين، وبهذا يفسر التحاق عدد كبير من المغاربة بالشام
عموما وبفلسطين خصوصا ، وكان فيهم العمال والصناع والفقهاء …
-2- رباط المجاورة، وهي العبادة والصلاة في المسجد الأقصى حيث الركعة فيه ب 500
ركعة فيما سواه إلا المسجد الحرام والمسجد النبوي .
ومن دلائل التعلق الكبير للمغاربة بالمسجد الأقصى المبارك ، قصة امرأة من آسفي واسمها
أم قاسم المرادية وهي امرأة غنية ، حيث قامت بتسوية طريق من آسفي إلى مكة المكرمة
مرورا ببيت المقدس ، وقد وضعت محطات للاستراحة حيث حفرت في كل 50 كلم بئرا
وبنت منزلا من طابقين وجعلته وقفا على المغاربة الحجاج ، حيث يبيتون مجانا في هذه
المحطات.
وقد تنبه السلطان المر يني أبو الحسن علي بن عثمان سنة 738 هجرية إلى حب المغاربة
للقدس ولأرضه المباركة فخصص ( 16500 ) دينارا ذهبية لشراء العقارات والأراضي
في القدس والحرمين الشريفين للمغاربة واستمرت هذه الصلة ببيت القدس في عهد الملوك
العلويين وكانت هذه الأوقاف المغربية إلى حدود سنة 1954 تابعة من الناحية الإدارية إلى
الأوقاف الفلسطينية .
– 3- الرباط العلمي ، عبر إلى القدس عدة علماء مغاربة وطلبة العلم ، حيث أنهم نهلوا
من العلم هناك منهم :
أبو الحسن البهراني الأندلسي – أبو عبدا لرحمن القرطبي – أبو بكر الطرطوشي –
– العالم الجغرافي الشريف الإدريسي …
اتضح مما سبق أن المغاربة أقاموا بالقدس منذ 296 هجرية على الأقل، وابلوا البلاء الحسن
في الجهاد ضد الصليبيين، ولما كثر عددهم عمد الملك الأفضل نورا لدين بن صلاح الدين
إلى وقف الأراضي والمساكن المحيطة بحائط البراق على طائفة المغاربة ،وهو حي كامل
يعرف بحي المغاربة، أو حارة المغاربة وتقدر مساحة الحارة بخمسة وأربعين ألف متر
مربع ، وهي بذلك تشكل 5بالمئة من مساحة القدس القديمة ، كما أوقف عليهم 17 قرية
لخدمتهم سنة 589 هجرية .
وباب المغارة هو الباب الذي دخل منه النبي محمد صلى الله عليه وسلم مدينة القدس كما ورد
في روايات تاريخية وكان يسمى الباب اليماني وهو باب قريب جدا من حائط البراق ، حيث
قال عليه الصلاة والسلام : (( ودخلت المسجد من باب تميل فيه الشمس والقمر ))
قال مؤقتوا بيت المقدس لا نعلم بابا بهذه الصفة إلا باب المغاربة .
يبدو أن للمغاربة الأوائل تواجد فعلي في تاريخ وجغرافيا القدس، وأن التاريخ ذكرهم بمداد
من الفخر والعز، وأنهم ابلوا البلاء الحسن في البناء والجهاد والعلم والإدارة والقضاء، حيث
تولى الكثير منهم منصب القضاء في القدس وغيرها من مدن الشام .
هذا ما كان عليه أجدادنا ، وهذا ما تركوه لنا ، فماذا سنترك لأحفادنا يا ترى ؟ !
يحي إبراهيمي .




Aucun commentaire