تعديل دستور المواطن قبل تعديل دستور الوطن

في ظل الحراك التي يشهده الوطن العربي من المحيط الى الخليج وان اختلف اسلوبه وحدته من قطر الى اخر فكلها تتقاطع في اهداف واحدة وهي البحث عن الديموقراطية والحرية والكرامة ومحاربة الفساد الى غير ذلك.
وبما ان المغرب جزءا لا يتجزأ من هذا الجسد العربي يؤثر ويتأثر بما يجري حوله ،كان لزاما عليه ان يتعامل مع هذا التغيير المنشود حسب نموذجه واسلوبه الخاص بضضيه المجدد والمحافظ (الشباب والشيوخ) حاملان معا ومنذ زمن شعار « مغرب حداثي وديموقراطي « ،واخر مخاض يشهده هذا الحراك هو تعديل الدستور المغربي، بصفته اسمى قانون في البلاد ينظم العلاقات بين مختلف السلط والهيئات، ويحدد مهامها ليعرض في استفتاء شعبي يقبل او يرفض بعد التصويت عليه.
في ظل هذا الحدث وطبيعة المرحلة التي ذكرناها لابد ان يحتدم الجدل اكثر حول منهجية التعديل المرجو تحقيقه شكلا ومضمونا وهو امر طبيعي سرعان ما يحسم في الاستفتاء الشعبي .
ما يهمنا انطلاقا من هذا المدخل هو طرح السؤال التالي :
هل تعديل الدستور وما سيحمله من ترسانة قانونية سيساهم في سلوك تعاملنا؟
جوابا على السؤال وحتى لا ادخل في خانة المتشائمين اقول إننا محتاجون كما جاء في عنواني الى « تعديل دستور المواطن قبل دستور الوطن » واعني به تغيير ذهنياتنا وسلوكياتنا تجاه بعضنا البعض وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ،تربية الاجيال على تحمل المسؤولية في سن مبكرة ،حتى تتمكن من ممارسة مواطنتها ميدانيا وليس نظريا، التمرن والتمرس على اخذ المبادرات وتشجيعها، الانخراط في مختلف الاندية والنوادي الجمعوية ،انه بحق ورش تربوي بشري كبير تقع مسؤوليته على عاتق الجميع الاسرة ،المدرسة، المجتمع المدني ،الهيئات الحزبية والنقابية، الاعلام ،والعلماء والمثقفين وكل من له صلة بالتربية والتأطير، يجب ان نفتخر كاباء ومسؤولين بشباب المغرب ركيزة هذا المجتمع لأنه يحب وطنه وملكه وخير دليل على نضجه ووعيه هو خروجه السلمي التلقائي بالملايين عندما يتعلق الامر بقضية الوطن سواء للفرحة او الاحتجاج، كل ما يحتاجه هو التاطير والقيادة والثقة في قدراته.
ان التغيير الحقيقي يجب ان يبدأ من تكوين العنصر البشري اما تغيير القوانين أوتعديل الدساتير فهي مكملة وليست بديلة له وحجتنا في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، مدونة السير التي اعتمدها المغرب ، رغم إجابيتاها لم تستطع الحد الا جزئيا من الحوادث ،وكل التقارير تشير ان اغلب الحوادث مصدرها العنصر البشري، وهو ما نشهده يوميا في طرقاتنا ،ناهيك عن المشادات الكلامية ،والتشابك، حيث اصبح المشهد اعتيادي والمثال الاخر مدونة الاسرة رغم ما جاءت به للحد من التفكك الاسري لم تستطع هي الاخرى الحد من نسبة النزاعات الاسرية وما يرتبط بها ،واخر مثال وليس الاخير هو ميثاق التربية والتكوين الذي لم يفلح لحد الان من تجاوز العقبات رغم ما يحمله من ايجابيات ،والسبب في ذلك هو رميه في احضان المدرسة المغربية كمسؤولة وحيدة في تكوين الاجيال ليس علميا فقط ولكن تربويا ايضا في غياب شبه كلي لمختلف المتدخلين الاخرين.
في الاخير اختم واقول اننا محتاجون اكثر من اي وقت مضى كل من موقع مسؤوليته مباشرة العمل في الميدان اما التنظير في مختلف المنابر والغرف المغلقة لا يجدي نفعا والا ستبقى دار لقمان على حالها وسيظل الشباب والشيوخ معا يجتهدان دون ككل ولامملل للبحث في الارشيفات المستوردة .
Aucun commentaire