انزلاقات حركة 20 فبراير بجرادة
بعد البداية الملفتة لحركة 20 فبراير وطنيا و محليا، ومع توالي الايام واتساع رقعة الاحتجاجات يلاحظ المتتبعون النقاش الذي تحول من داخل الحركة حول الوضع العام المغربي الى النقاش المتحول هذه المرة من الوضع العام نحو الحركة، وقد سال مداد كثير حول الموضوع صب تارة في اتجاه جدية الحركة ومحاولات المخزن اختراقها وتشويه صورتها وتارة اخرى نحو كون الحركة تحمل في ذاتها جملة من العيوب تتميز بضمها لكل المتطرفين (اخلاقيا كحركة كيف كيف وسياسيا كالنهج واليسار الموحد و دينيا كالعدل والاحسان…) و بغض النظر عن الحركة التي اصبحت موضوع سجال ونقاش، اريد من خلال هذا العرض المتواضع وضع اطار عام لحركة 20 فبراير بجرادة و التطور الذي عرفته من بدايتها. فالبداية تميزت بمشاركة كل او بالاحرى جل الطيف السياسي بالمدينة من يمين ويسار و اسلاميين وجمعويين وحقوقيين، وعند المحطة الثانية بتاريخ 20 مارس والاعتصام الذي عرفته ساحة الامل قبل ذلك باسبوع لاحظنا التراجع الكمي لعدد المشاركين والمهتمين وهو الامر الذي ازداد تراجعا مع توالي محطات الحركة.فاذا كانت دوافع الحركة مرتبطة بالوضع العام وحاولت استنساخ التجربة التونسية والمصرية، فان طريقة تشكيلها واختلاف تصورات مكوناتها هو ما جعلها تدور في حلقة مفرغة سيما وان بعض المكونات كانت تراهن على تغيير يفضي الى الحديث عن « لجنة شعبية تاسيسية » تتولى الاعداد للدستور ولم تكن تقديراتها موفقة لانها بدأت من حيث ما انتهت اليه الثورتين التونسية والمصرية، فالرهان في البلدين العربيين انطلق من مطالب شعبية اجتماعية تراعي كرامة المواطن وتلبية حاجياته الاقتصادية ومع تمادي الانظمة السياسية في طغيانها و ما نتج عنه من ضحايا، ارتفع سقف المطالب متجاوزا مهام الحكومة نحو رأس الحاكم. بينما الوضع في المغرب يعتبر مختلفا تماما – وانا لا اتحدث هنا عما يسميه البعض بالاستثناء المغربي – لان الحركة من بدايتها تجاوزت بشعاراتها المعطى الاجتماعي نحو السياسي(الدساتير الممنوحة فالمزابل مليوحة ..)
كما ان الاوامر لم تصل في المغرب الى اطلاق الرصاص الحي بل ان خطاب 9 مارس لم يكن يتوقعه بعض الذين كانوا ينوون جر الحركة الى الوضع التونسي والمصري وبالتالي كان تعامل النظام السياسي ذكيا مع الوضع الجديد وهو ما اربك حسابات الفبراريين. وكم كنت اتمنى لو تم فتح نقاشات عمومية من خلال كل المواقع الممثلة للحركة في المغرب وشرح مضامين الدستور وتلقي الانتظارات الشعبية على بساطتها وبلورتها في شكل نصوص دستورية ترفع عبر هيآت سياسية او جمعوية الى اللجنة المكلفة بالموضوع، ولكن مع الاسف الشديد تمادت الحركة في الخرجات التي افقدتها المصداقية وطرحت السؤال من جديد عمن يقف ورائها والاجندات التي تحركها… وبالعودة الى موقع جرادة الذي هو عنوان الموضوع الاحظ كارثية المسار الذي تيسر فيه الحركة خاصة بعد انسحاب بعض الفعاليات و تولي اشخاص لا مصداقية لديهم تسيير الحركة، وهو شخص يسكن بحي الحسنية المعروف بسوابقه العدلية وميوعه الاخلاقي ليس مستبعدا ان يكون موضوعا من طرف المخزن، والعديد من الوجوه لا علاقة لها بالوضع المحلي لمواقفها المعروفة تصبح بين عشية وضحاها في قائمة المحتجين.
انها سخرية الحياة السياسية التي تعيد انتاج الميوعة وباسم حركة شعبية لاحظنا مؤخرا انزلاقات بعض شعاراتها التي مست هرم الدولة ليس بالمعنى السياسي النقذي ولكن بالمعنى الشخصي القدحي وهو ما جعل السلطات تتعامل بمنطق « الهرماكة » التي نرفضها ولكن نتفهم دوافعها. وعلى ذكر الشعارات وبالعودة الى جرادة لاحظت الدعوة الى عدم اداء فواتير الماء والكهرباء وعدم اداء مستحقات النقل الحضري « الطوبيس » وهذا وجه آخر للعبثية والفوضى ، فلو كانت الحركة تعرف تأطيرا سياسيا لتم على الاقل بلورة هذه الشعارات في مطالب معقولة، فعوض الدعوة مثلا الى عدم اداء فواتير الكهرباء تتم الدعوة الى الانتقاص من السعر ورفع حجم الشطر الاول و دعوة المجلس البلدي الى الضغط من اجل ارجاع الضريبة على الشركات الى بلدية جرادة عوضا عن استفادت جماعة الدار البيضاء منها بدعوى ان المقر الاجتماعي للشركة بالبيضاء وليس بجرادة.. كما تتم دعوة مكتب الكهرباء الى المساهمة في انشطة بيئية وصحية لانه يسبب كوارث بيئية وصحية بالمدينة.. وبالنسبة ل « الطوبيس » هناك مستخدمون يتقاضون اجورهم من التذاكر المستخلصة وعوضا عن مجانية النقل كان الاولى دعوة البلدية مثلا الى تحيين كناش تحملات الشركة التي تتملص من اداء ما بذمتها لان مصالح الضريبة بالمدينة لا تستطيع الاستخلاص عن شركة يوجد مقرها الاجتماعي في تازة… هذا هو الحراك الذي نتمناه حفاظا على ثرواتنا و في ظل الثوابت التي تضمن استقرار البلاد ولكن لمن تقولها او بالمعنى الدارج « لمن تكولها ؟ !!! «
Aucun commentaire