Home»Débats»أحزاب سياسية تركب موجة الأحداث الأخيرة بالبلاد من أجل حملة انتخابية قبل الأوان

أحزاب سياسية تركب موجة الأحداث الأخيرة بالبلاد من أجل حملة انتخابية قبل الأوان

0
Shares
PinterestGoogle+

أحزاب سياسية تركب موجة الأحداث الأخيرة بالبلاد من أجل حملة انتخابية قبل الأوان

محمد شركي

بداية تجدر الإشارة إلى كثرة الدلاء التي أدلي بها بخصوص الأحداث التي عرفتها بلادنا وقد صدر أصحابها  في ما أدلوا به عن  مختلف القناعات الفكرية والإيديولوجية والسياسية ، وتراوحت مواقفهم بين مؤيد للشباب الصانع لهذه الأحداث ، ومعارض له ،  أو منزلة بين المنزلتين  تجمع بين التأييد والاعتراض.

والواقع أن الأحداث في حد ذاتها يصدق عليها المثل العربي الشهير القائل :  » قطعت جهيزة قول كل خطيب »، وهو يضرب للتعبير عن الحسم في أمر كان قيد تشاور . ولمن لا يعرف سبب قول هذا المثل نُذكِّر بأن قوما  اجتمعوا للبث في أمر دية قتيل ، وبينما  أهل القاتل منهم يطيبون قلوب أهل  القتيل لإرضائهم بدية معلومة إذ جاءتهم جارية تدعى جهيزة فأخبرتهم بأن بعض أهل القتيل قد ظفروا بالفاتل فقتلوه .

ولقد كانت الأحداث ناطقة ومفصحة ومغنية عن كل تحليل أو تعليق إذ لم يُخرِج  ما سمي بجيل  » زاد « للتظاهر سوى تردي أحوال  شتى بالبلاد على رأسها  حال التعليم والصحة والشغل ، كما أنه لم يحمل  بعض من انخرطوا في أعمال الشغب وإتلاف الممتلكات العلمة والخاصة  على  فعلهم هذا دون أن  يستطيع أحد الجزم  بأنهم  من الجيل أو من فئة لا علاقة له بها ،وإنما  يتعلق الأمر بفئة  مارقة ركبت الموجه للإفساد، أولا إفساد قصد الجيل الذي رام أصلاح الفساد  ثم تشويه سمعته لدى الرأي العام الوطني  مع انتهاز الفرصة  للسطو والنهب  والتخريب المقصود به تأجيج نيران الفوضى كي تعم  لضمان المزيد منه .

ومعلوم أن  هذا النوع من الانتهازية التي يكون القصد وراءها السطو والنهب والسرقة الموصوفة  أمر مألوف لدى  فئة من المفسدين  يعيشون بيننا وقد شهد مجتمعنا  في عدة مناسبات نماذج  من سطوهم، وكان ضحاياها أبرياء نكبوا في أموالهم أو ممتلكاتهم إما بحريق كما وقع في سوق مليلية بمدينة وجدة على سبيل الذكر لا الحصر حيث انتشر اللصوص وغير اللصوص أيضا  بين جنباتها،  واستباحوا سلعها وأحضر بعضهم مركبات لنقلها وهم  يموهون على سرقاتهم المكشوفة والفاضحة والصارخة  متظاهرين أو متذرعين بمد يد المساعدة للمنكوبين من التجار . والمؤسف المحزن أن بعض الناس ممن لا يحترفون السرقة انخرطوا  معهم في هذا الجرم ، فبدا كأن نشوب الحريق في تلك السوق أحل للجميع  السطو على سلعها .

 ومن المناسبات أيضا  حادثة انحرف قطار عن سكته وانقلاب بعض عرباته  حيث اغتنم  المفسدون من اللصوص الفرصة، فسطوا على حقائب المسافرين المصابين وعلى أموالهم وهواتفهم الخلوية … وهم يموهون على جرائمهم بالتسلل وسط من كانوا صادقين من الناس في تقديم الإسعاف والعون للمنكوبين .

 ومن المناسبات أيضا انقلاب شاحنات تحمل مواد غذائية أو سلع، فهرع إلى مكان الحادث جموع من الناس بينهم المفسدون الذين تهافتوا على سرقة تلك المواد ، واستدرجوا غير اللصوص من عامة الناس إلى تقليدهم  في إجرامهم  مع شديد الأسف والأسى.

ولا حاجة لذكر حوادث السير العادية التي لا تخلو في الغالب من وجود لصوص متأهبين للسطو على حساب ضحايا تلك الحوادث بقلوب قاسية ، وضمائر منعدمة وغياب خوف من الله عز وجل .

إنها آفة  مخزية موجودة في مجتمعنا، ولا يستطيع أحد إنكارها أو إنكار وجودها حتى في المجتمعات التي تحسب على التحضر والتقدم ويحلم بعضنا بالتشبه بها رغبة في اللحاق بتحضرها، وقد نقلت لنا وسائل إعلامها صورا من سطو مواطنيها وهم خليط من اللصوص وغير اللصوص على الأسواق النموذجية واستباحة سلعها في ظرف من ظروف انفلات الأمن .

لقد  قطعت أحداث جيل « زاد  »  عندنا قول كل محلل أو معلق بعدما صرح هذا الجيل بكل وضوح  بقصده ، واتضح القصد من وراء الشغب  لدى البعض وهو السطو  إلا أن التحليات والتعليقات  لم تتوقف ، وانهالت من كل حدب وصوب ، وشَرَّق بها من شَرَّق، وغَرَّب من غَرَّب بين مدع وجود أيد خارجية  وأخرى داخلية أو هما معا وراء اندلاع الأحداث… إلى غير ذلك من التحليلات والتعليقات  والتأويلات .

والمثير للانتباه أن بعض الأحزاب السياسية  أدلت بدلائها  في الموضوع  راكبة موجة الأحداث للخوض مباشرة  في حملة  انتخابية قبل الأوان وهي تظهر التعاطف مع الجيل المتظاهر عسى أن تكسب أصواته خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة . ويكفي أن نسوق نموذجا واحدا كافيا للتعبير عن هذه الحملة السابقة لأوانها ، ويتعلق الأمر بشخص ظهر على فيديو محللا  لما حدث عارضا ومقارنا ومستنتجا وجازما بأحكام ومدعيا العلم بما لم يحط  به غيره علما … لينتهي في الأخير إلى أن الدواء الناجع والترياق الشافي  للفساد الذي اثار جيل  » زاد  » يكمنان في  عودة تياره الحزبي الذي أقصي من الساحة  السياسية  من قبل. ولا  يختلف  ما أدلى به هذا عما أدلى به غيره من أمثاله تصريحا أو تلميحا ،علما بأن الوطن قد جرب كل الأحزاب السياسية يمينية ويسارية وما بينهما وكلها تتحمل نصيبها من  تكريس الفساد فيه وهو الذي يشبه الأم الرؤوم  التي لم  تدخر جهد في إسعاد أبنائها وبناتها لكنها لا تجد منهم إلا الجحود .

وأخير نفول إن الفساد إذا عم  كان كالعجاج لا تنجو عين من قذى يحمله ، لهذا تقع مسؤولة القطيعة معه على الجميع من أجل الوطن الأم  الرؤوم بعيدا عن المزايدات الحزبية والسياسوية التي براد من ورائها تصفية الحسابات من خلال أساليب ممجوجة من التجريم والشيطنة… وكل ما تربأ  الهمم العالية بنفسها عن الانحدار إليه  من سيء القول.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *