Home»Débats»قمة العُرب بأية حال عدت بما مضى أم لأمر فيك تجديد ؟

قمة العُرب بأية حال عدت بما مضى أم لأمر فيك تجديد ؟

0
Shares
PinterestGoogle+
 

قمة العُرب بأية حال عدت بما مضى أم لأمر فيك تجديد ؟

محمد شركي

دأبت جامعة الدول العربية على عقد قممها كلما دعت الظروف إلى ذلك . والغالب على انعقاد قممها أن وضع الدول العربية يكون في منتهى السوء ، يطبعه شتات الأمر ، واتساع فتق خلافاتها على الرتق … وهو ما يجعل مخاض  القمم العربية عسير ، وينتهي بالعقيم من القرارات إذ لا يصح منها على أرض الواقع شيء يذكر . ويكفي كشاهد على ذلك، تكرار توصية أولوية القضية الفلسطينية على جدول أشغال كل القمم الفارطة ، وتوصية المطالبة بحق الشعب الفلسطيني في وطن مستقل ضمن حدود سنة 1967 وعاصمته الشطر الشرقي من  مدينة القدس ، وهي توصية  لا زالت تتكرر خلال عقود  انصرمت ، ولا زالت حبرا على ورق ، أوصرخة في واد ، لا يجاوز صداها مقر عقد القمم . وكل ما يصح من تلك القمم  المتتالية حسن الضيافة والوفادة بين الوفود المشاركة لأن الكرم العربي لا يضاهى ,

ولقد تابع الرأي العام العربي أشغال القمة  الأخيرة أو بعبارة أدق كلمات رؤساء الوفود الذين غنى كل  واحد منهم لليلاه كما يقال ، وتبرأ بعض الحاضرين منهم ممن غابوا، وعابوا عليهم ما عابوا  والجميع معيب ، فهذا  ممثل وفد السودان يزكي البرهان ،ويذم حميدتي، وهما سواء في  مسؤولية إضرام حرب عبثية يعاني منها الشعب السوداني  بسبب صراعهما على السلطة التي اغتصبت من هذا الشعب الوديع منذ عقود ، وقد تعاقب عليها العسكر الذي لا يقبل المقام في ثكناته ، ورباطه على الحدود ، ولا يقبل إلا بالسلطة التي يغتصبها اغتصابا .

 وأنى لقمة عربية أن تصلح فساد الأمر في السودان ، وقد تخندقت مع أحد طرفي الصراع الذي لا يختلف عن غريمه في الرغبة في الاستحواذ على السلطة ؟  وأنى لهذه القمة أن تضع حدا للصراع في كل من اليمن، وليبيا ، وسوريا ، وهي لا تلتزم موقف الحياد من أطراف الصراع فيها بل تشايع بعضها، وتعادي البعض الآخر ؟

وكيف يمكن اعتماد القمة العربية توصية عدم تدخل الأنظمة في شؤون بعضها البعض ، وعدم تدخل الدول الأجنبية في ذات الشؤون ، ومعظمها متورط في هذا التدخل  بشكل صارخ أو مفسح المجال واسعا للتدخلات الأجنبية التي تعسكر في أكثر من قطر عربي ، وهي طرف في كل صراع ينشب بين الفرقاء فيه ؟

والملاحظ في هذه القمة أن إرادة الشعوب العربية لم يتطرق إليها من تناوبوا على منصة الخطابة ، فهذا ديكتاتور سوريا قد فاخر بالعروبة، و ملايين من الشعب السوري  مشردون في كل أنحاء العالم ، و الآلاف منهم إما قتلوا أو هم يعذبون في المعتقلات الرهيبة، ولا يعلم بحالهم إلا الخالق سبحانه وتعالى ؟  فكيف يمكن أن تحل مشكلة هذا الشعب ،وقد استقبل جلاده بحفاوة في القمة ، وهو الذي كان يدان بالأمس القريب  وكأنه يجازى على ما فعله في شعبه من تقتيل وتنكيل ، وما فعله بالبلاد من دمار شامل ؟ وكيف يستقبل الرئيس المدني في تونس، وهو المنقلب على السلطة كانقلاب العسكر، وقد زج  بمعارضيه في السجون ، وخونهم، ونسب لهم زورا وبهتانا تهما ملفقة ؟

ومن الصدف أن القمة العربية قد تزامنت مع الاستحقاقات الانتخابية في تركيا التي تابعتها الشعوب العربية متابعة إعجاب، وهي تتشوق إلى استحقاقات مثلها يعود بها الحكم إليها ، كما أنها تتحرق لتذوق ديمقراطية حقيقية عوض الديمقراطيات المسخ التي يدعيها مغتصبو الحكم من العسكر الذي يخلع قواده بذلتهم العسكرية بعد كل مسرحية هزلية انتخابية ليلبسوا البذلة المدنية برباطة عنق ، وحالهم كحال الأفاعي التي تسلخ جلدها  دون أن ينقص شيء من سمها الناقع الذي يتجاوز حدود أقطارهم إلى أقطار غيرهم  بإيعاز من قوى أجنبية تسخرهم لإدارة الصراعات الدامية  العبثية في الوطن العربي نيابة عنها من أجل مصالحها المعلنة والخفية ، وما يخفى منها أعظم .

ولا شك أنه من صعب المنال وعسيره أن تفلح حتى قمم عدة قادمة  في رأب الصدع الذي تعرفه خريطة الوطن العربي خصوصا في هذا الظرف بالذات . وأكثر صعوبة وعسرا من ذلك، أن تحافظ الأنظمة العربية على البقاء بعيدة ودون انحياز عن صراعات لا ناقة لها فيها ولا جمل، كالصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا التي حضر رئيسها القمة العربية ، ولم يفه بكلمة واحدة في حق مأساة الشعب الفلسطيني ، وكان لحنا ناشزا في  هذه القمة يريد توريط الوطن العربي برمته  في صراع هو في غنى عنه، لأنه يكفيها ما هو عليه من شتات الأمر، وفرقة ، وصراعات  دامية عبثية .

وقد يقول قائل ما  كل هذه السوداوية ؟ وما  كل هذا اليأس ؟ والجواب تختصره حكمة الشاعر العربي طرفة بن العبد في قوله :

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا        ويأتيك بالأخبار من لم تــــــزود

ويأتيك بالأخبار من لم تبع لـــه          بتاتا ولم تضرب له وقت موعد

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.