Home»Débats»مآلات الشعارات المرفوعة في اليوم العالمي للمرأة.

مآلات الشعارات المرفوعة في اليوم العالمي للمرأة.

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم

الحسن جرودي

مآلات الشعارات المرفوعة في اليوم العالمي للمرأة.

كلما حل يوم الثامن مارس من كل سنة، إلا وكثر الحديث عما أُطلق عليه اسم « اليوم العالمي للمرأة »، بحيث تعمل التيارات الحزبية والسياسية على استغلاله لتمرير تصوراتها ونظرتها للمرأة. وبما أن المناسبة شرط كما يقال، فإني أريد أن أدلو بدلوي في الموضوع، لكن خارج أي انتماء سياسي، وعبر زاوية أعتقد أنه يتم إغفالها أو تغافلها، لذلك سوف لن أتناول تاريخ نشأة هذا الاحتفال والإطناب في ذلك، بل سأكتفي فقط بالتذكير بأن الأمم المتحدة لم تشرع في الاحتفال بهذا اليوم إلا عام 1975، والذي أُطلق عليه آنذاك اسم « السنة الدولية للمرأة« ، وأن دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء إلى إعلان الثامن من مارس عطلة رسمية للأمم المتحدة، من أجل حقوق المرأة والسلام العالمي،  كانت سنة 1977. وذلك بهدف التساؤل عن سبب تأخر الأمم المتحدة في تبني الاحتفال بهذا اليوم، علما أن مجموعة من الأحزاب والنقابات قد احتفلت به قبل هذا التاريخ بعشرات السنين*، وأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان اعتُمد من قِبَلها عام 1948؟

لا شك أن هناك أسبابا موضوعية، وراء هذا الفاصل الزمني بين تبني هذا اليوم، وبين الشروع بالاحتفال به من قبل الأحزاب والنقابات من جهة، وبينه وبين اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من جهة ثانية. سوف لن أكون في مستوى دهاة منظري ومخططي الأمم المتحدة للتعرف على الأسباب الحقيقية لهذا التأخر، لكني أُرجِّح أن التخطيط لمقتضيات بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومآلها المستقبلي كان يقتضي الالتفاف على هذا الاحتفال، وتكييفه حتى يصبح قابلا للتحول من المحلي إلى العالمي، الأمر الذي يتطلب وقتا، هذا من جهة، من جهة أخرى كان لا بد من أخذ الوقت الكافي للتخطيط الجيد لتفعيل وأجرأة هذه البنود في الحالة الثانية. ومما يزيد من احتمالات هذا الترجيح، التدرج في الإفصاح عن الأهداف المزمع تحقيقها، من خلال اليوم العالمي للمرأة، والتي تُستشف من خلال التدرج المعلن عليه، عبر مضمون الشعارات التي كانت تُرفع على التوالي بمناسبة هذا اليوم، لتستقر خلال السنوات الأخيرة على مفهوم المساواة بين الجنسين.

لم أتمكن من الحصول على أول شعار تبنته الأمم المتحدة للاحتفال بهذا اليوم، لكن التدرج في التصريح بالأهداف الحقيقية لهذا اليوم، بادية حتى فيما توفَّر من هذه الشعارات. فلنلاحظ على سبيل المثال شعار: « الاحتفال بالماضي، التخطيط للمستقبل » لسنة 1996، وشعار » المرأة على طاولة مفاوضات السلام » لسنة 1997، ثم نُقارنها مع الشعارات التي رُفعت منذ 2016 إلى اليوم وهي كما يلي:

2016 : « الإعداد للمساواة بين الجنسين لتناصف الكوكب بحلول 2030 »

2017 : « المرأة في عالم العمل المتغير : تناصف الكوكب (50/50) بحلول عام 2030 »

2018 : « حان الوقت الآن : الناشطون في الريف والحضر يغيرون حياة النساء »

2019 : » فكر على قدم المساواة، وابن بذكاء، وابتكار من أجل التغيير »

2020 : « أنا من الجيل الداعم للمساواة : أدرك معنى حقوق المرأة »

2021 : « المرأة في القيادة : تحقيق مستقبل متساوٍ في عالم كوفيد-19 »

2022 : « المساواة بين الجنسين اليوم من أجل غد مستدام »

2023: « الرقمنة للجميع: الابتكار والتكنولوجيا من أجل المساواة بين الجنسين »

واللافت للنظر في هذه الشعارات، ابتداء من 2016، هو تركيزها على المساواة بين الرجل والمرأة بطبيعة الحال، وقد يبدو الأمر عاديا، بل ومُغريا في ظاهره، إذا نظرنا إليه معزولا عن السياق الذي يندرج ضمنه؛ ذلك أنه لا يمكن عزل مفهوم المساواة عن مفهوم الحريات الفردية، وما يستتبعها من مفاهيم يُراد سريانها في المجتمعات العربية الإسلامية. وفي هذا الصدد تتبعتُ بعض ما يَصدر عن مجموعة من الجمعيات النسوية، التي يتم الترويج لها أساسا بجريدة مغربية إلكترونية معروفة بدفاعها عن حقوق الإنسان « الكونية ». وفيما يلي بعض ما تم نشره بهذه المناسبة:

عزم « فيدرالية رابطة حقوق النساء » تخليد اليوم الأممي للنساء بتنظيم وقفة يوم 8 مارس الجاري أمام مقر البرلمان بالرباط، تحت شعار » المساواة والحرية أساس التنمية“.

تأكيد رئيسة « جمعية التحدي للمساواة والمواطنة »، في معرض تصريحها، تأييد مطالب الحركة النسائية بخصوص « ضرورة الحذف الكلي لفصول زواج القاصرات مراعاة لما تنص عليه اتفاقية حقوق الطفل »

مطالبة رئيسة « فيدرالية رابطة حقوق النساء » بضرورة « إعادة صياغة مدونة الأسرة صياغة قانونية تحترم المرأة وتضمن انسجام بنودها، مع حذف الصيغ المبنية على التشييء والدونية بسبب الجنس والدين، والماسة بالكرامة الإنسانية للنساء، وضمان الحق في النسب، والتنصيص على منع التعدد نهائيا وبالمساواة بين المرأة والرجل في الزواج بغير المسلمين… »

إلى هذا الحد، يمكن بكثير من الغباء، افتراض أن هذه الجمعيات ومَنْ يسيرُ في ركابها يدافعون عن مصلحة الوطن من منطلقات مختلفة، لكنها صادرة عن قناعات أملتها الدراسة المتأنية للواقع المغربي وخصوصياته الثقافية، لكن عندما تتماهى هذه المنطلقات مع موقف وتوجيهات « مجموعة البنك الدولي » فهذا أمر تُطرح بشأنه مجموعة من نقط الاستفهام، خاصة إذا استوعبنا منطق التعالي، الذي يُستشف من تقريره الأخير، والذي يَحطُّ من قيمة المغرب بشكل يبعث على الذل والهوان، حيث نصَّب نفسه أستاذا على المغرب التلميذ، عندما أشار في تقييمه له بأنه يظل عموما بمثابة « تلميذ مجّد » يحصل على « نتيجة إجمالية ممتازة » فيما يتعلق بجهوده للقضاء على « القيود المفروضة على حرية التنقل، والقوانين التي تؤثر على قرارات المرأة في العمل، والقيود المفروضة على النساء لبدء الأعمال التجارية  وإدارتها ». وعلى غرار الملاحظات التي يوجهها الأساتذة لتلاميذهم، لم يتوان التقرير في توجيهِهِ إلى إمكانية « النظر في إقرار المساواة في حقوق الميراث بين الأبناء ذكورا وإناثا، والمساواة في حقوق الميراث للزوجين على قيد الحياة ». أعتقد أن في هذا ما يكفي للتدليل على أن هؤلاء عبارة عن مرتزقة، يبيعون أنفسهم للشيطان، ولا يختلفون في شيء عن « بياعة » الأمس عندنا، والحركيين بالجزائر أثناء معركة الاستقلال.

قد لا أحتاج للتفصيل أكثر، للتيقن بأن العلمانيين عندنا بصفة عامة، وجل الجمعيات النسوية على الخصوص، تأتمر بأوامر الغرب عامة، والبنك الدولي والأمم المتحدة خاصة، تحت غطاء الحقوق الكونية، عَلمتْ ذلك أم لم تعلمهُ، أخَذتْ مقابل ذلك أجرا مباشرا، أو لم تأخذه؛ من هذا المنطلق يُفترض أننا على بينة من أمرهم، ومن ثمة فليس لأحد الحق في أن يقول في يوم من الأيام بأنه لم يكن يعرف. إذا كان الأمر بهذا الوضوح بخصوص العلمانيين ومن يقتفي أثرهم، فإن ما أخشاه هو أن يتسرب لنا الماء من الجمعيات والهيئات التي تندرج ضمن المدافعين عن بيضة الإسلام، حتى إذا دقت ساعة الحسم، انقلبت على عقبها تاركة الباب مشرعا أمام أعداء الشريعة الإسلامية، ليفرضوا تصوراتهم وتوجهاتهم على الشعب المغربي، كما كان الشأن بالنسبة لبرلمانيي العدالة والتنمية، عندما دخلوا في لعبة عدم التصويت، ليتم بذلك تمرير قانون القنب الهندي وتعميم اللغة الفرنسية… وأنا لا أنطلق في هذا الكلام من فراغ، ولكن بالاستناد إلى فهمي الشخصي، الذي أرجو أن يكون خاطئا، لتصريح المكتب التنفيذي « لمنتدى الزهراء » الذي يصنفه العلمانيون في خانة المحافظين، الذي ورد فيه: « الإصلاح المنشود ينبغي أن يتم في احترام تام للمرجعية الإسلامية للمجتمع المغربي وخصوصياته التاريخية والثقافية والحضارية وثوابته الجامعة المستقرة في أسمى قانون وهو الدستور ». وهذا شيء لا يختلف فيه اثنان ما دام عاما، لكن الإشكال يصبح حقيقيا، عندما يُطالِب المكتب بالإسراع باعتماد المنهجية التشاركية، وتفعيل آليات التشاور العمومي قبل الإعلان عن أية تعديلات جديدة تتعلق بمشروع القانون الجنائي ». وهذا من شأنه فتح الباب على مصراعيه أمام العامة، حتى إذا استشكل الأمر رُفع المشكل للبرلمان حيث لا محالة من المصادقة على القانون بالصيغة التي يفرضها البنك الدولي، ولن يُعدم البرلمان الحيلة في ذلك.

 

* انظر موسوعة ويكيبيديا على سبيل المثال

الحسن جرودي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *