كلما ازداد المحسود تألقا ازداد الحاسد كمدا
كلما ازداد المحسود تألقا ازداد الحاسد كمدا
محمد شركي
استوقفني في مقال : » وجدة سيتي في تألق دائم رغم كيد الكائدين وحسد الحاسدين ومكر الماكرين » حديث عن آفة الحسد، ففكرت في الحديث عن هذه الآفة في هذا المقال عسى أن يحدث ذلك في الحساد أثرا، فيتخلصوا من آفتهم ليخلصوا أنفسهم من كمد هم في غنى عنه .
الحسد عند أهل العلم إحساس نفساني مركب من استحسان نعمة في الغير مع تمني زوالها عنه ،ومع الرغبة فيها بدافع الغيرة . ولقد عد الله عز وجل الحسد من الشرور التي أمر عباده بالاستعاذة به منها في سورة الفلق، وهي إحدى المعوذتين حيث يقول : (( قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد )) ، هذه أربعة شرور يشد بعضها برقاب بعض، لهذا جمعها الله عز وجل في سورة واحدة ليتعوذ به عباده المؤمنون منها . ومعلوم أن الفلق هو شق وصدع بعض أجزاء الشيء عن بعض ، وهو فعل من أفعال الخلق عند الله عز وجل كما جاء في الذكر الحكيم في قوله تعالى : (( فالق الحب والنوى )) وقوله أيضا : (( فالق الإصباح )) ، وتتجلى عظمة الخالق سبحانه في فلق الحب والنوى، وفلق الإصباح، لهذا أمرنا أن تتعوذ به بهذه الصفة العظمى من شرور أربعة هي: شر كل مخلوق شرير ، وشر ليل تغشى ظلمته كل شيء ، وشر سحر ساحر أو ساحرة نفاثة في العقد ، وشر حاسد إذا حسد. وشر الحاسد يوجد ضمنيا في باقي الشرور الثلاثة، ذلك أن الحاسد شرير من شر ما خلق الله ، وأنه قد يتربص بالمحسود في ظلمة الليل لينال من نعمته سواء كانت مادية أم معنوية ، وقد يستخدم السحر ظنا منه أنه الوسيلة الأنجع لزوال تلك النعمة أو إتلافها. وهذا يعني أن شر الحسد مركب من شرور. ولقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث شريف بزمان يشيع فيه التحاسد في أمته فقال : » سيصيب أمتي داء الأمم ، قالوا وما داء الأمم يا رسول الله ؟ قال الأشر والبطر والتكاثر والتناجش في الدنيا والتباغض والتحاسد حتى يكون البغي » أما الأشر والبطر فهما الاستكبار والطغيان وكفر النعمة، وأما التكاثر فهو تفاعل في الكثر أي التباري والتنافس في الإكثار من شيء مرغوب في كثرته ، ومنه التكاثر في الأموال والتكاثر في العدد من الأولاد، ويشهد على ذلك قول الله عز وجل : ((وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا )) . وأما التناجش فهو كما قال الإمام الشافعي رحمه الله : » النجش أن يحضر الرجل السلعة تباع، فيعطي بها الشيء « أي الثمن « وهو لا يريد شراء ها ليقتدي به السوام، فيعطون بها أكثر مما كانوا يعطون لو لم يسمعوا سومه » ويقال : » إن الناجش آكل ربا خائن » . وأما التباغض فهو تبادل الكره ، وأما التحاسد فهو تبادل الحسد رغبة من المتحاسدين في زوال نعم بعضهم البعض سواء كانت مادية أم معنوية ، ويكون التباغض مصاحبا للتحاسد ، ويكون الحسد وراء التناجش ،كما يكون بسبب التكاثر . وأما البغي وهو عاقبة الشرور التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الظلم والعدوان . و ما أظن إلا أن داء الأمم قد شاع في زماننا هذا ، والقرآن الكريم يتلى فينا ، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم موجود بين ظهرانينا . وأخطر الشرور شيوعا فينا شر الحسد الذي أمرنا الله عز وجل أن نتعوذ به منه ، وجعل هذا التعوذ منه قرآنا يتلى إلى يوم القيامة ، وما كان ذلك كذلك إلا لخطورة آفة الحسد الذي كان سبب أول جريمة قتل في تاريخ البشرية فوق سطح هذا الكوكب حيث امتدت يد قابيل لسفك دم أخيه هابيل لأن هذا الأخير قدم قربانا لله تعالى، فتقبل منه، فحسده أخوه على ذلك . ولقد كان الحسد هو سبب خروج آدم عليه السلام من الجنة حيث حسده إبليس اللعين على ما كان فيه من نعم، فوسوس له ليحرمه منها حسدا من عند نفسه . ولهذا يعتبر الحسد فعلا شيطانيا ينتقل من الشيطان اللعين إلى الإنسان الحسود . والتاريخ البشري زاخر بالمآسي التي كان الحسد سببها ، وكم أزهقت أرواح وسفكت دماء بسببه في تاريخ البشرية الطويل ، وهل الحروب بين بني البشر إلا بسببه ؟ وهل الجرائم المختلفة إلا بسببه، فجريمة اللصوية الشائعة اليوم بين الناس ما هي إلا نتيجة لآفة الحسد ، ذلك أن اللص إنما يسرق لأنه يحسد غيره على ما عنده ،ويتمنى زواله منه ليصير إليه عن طريق السرقة والاختلاس .
والحسود بقدر ما هو مخلوق شرير، فهو مخلوق في منتهى الغباء ،لأنه يعاني الكمد المجاني بسبب حسده ، ذلك أنه طالما لم يدرك بغيته من حسده ،وهي الرغبة في زوال نعم غيره، يظل في كمد يعاني، ويتجرع مرارة حسده ، وهو بذلك أول ضحايا حسده، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ، والحسد من المكر السيء .
ولقد تناول الشعراء العرب قديما آفة الحسد في أشعارهم ، وإن من البيان لحكما ،فكان مما قالوا فيه :
وإذا أراد الله نشر فضيلة = طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت= ما كان يعرف طيب عرف العود
وهذان البيتان يشيران إلى نتيجة عكسية لا يلقي لها الحاسد بالا حيث يقدم أكبر خدمة لمحسوده، و يقوم بإشهار فضله ،هو يظن أنه ينال منه . ومما قالوا أيضا :
حسدوا الفتى أن لم ينالوا سعيه = فالقوم أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها = حسدا وبغضا إنه لمشوم
وهذان البيتنا يشيران إلى أن الحاسد عاجز عن بلوغ شأو محسوده ، وبسبب حسده يرى الحسن فيه قبحا ، ولا يرى في الحسن قبحا إلا سقيم الذوق . ومما قالوا أيضا :
إن يحسدوني فإني غير لائمهم = قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا
فدام لي ولهم ما بي وما بهم = ومات أكثرنا غيظا بما يجد
وهذان البيتان يشيران إلى أنه لا يحسد إلا الفضلاء ، وأن الحاسد يموت بغيظه جراء حسده .
وأخيرا أقول لمهندس موقع وجدة سيتي الشاب الألمعي السيد علاء الدين قدوري حفظه الله من عين الحسود اللامة زد حساد هذا الموقع غيظا بإبداعك حتى يموتوا كمدا به ، فدام لك التألق ودام لهم الغيظ والكمد ؟ ، وأقول للأخ الفاضل الأستاذ الحسين قدوري حسدوك في موقعك إذ لم ينالوا سعيك، فالقوم أعداء وخصوم يقولون في موقع وجدة سيتي ما تقوله الضرائر في الحسناء الفاتنة ، وحسنها يكذّبهن، وكذلك يكذب تألق موقعك حسادك فكن قرير العين وأعينهم لن تقر أبدا، وقد أضرم فيها الحسد نارا ذات لهب.
Aucun commentaire