Home»Correspondants»الأستاذ عبد العالي

الأستاذ عبد العالي

0
Shares
PinterestGoogle+
 

الأستاذ عبد العالي

فاطمة شفيق

 

انهمك  الأستاذ عبد العالي وهو يقاتل الدهر في تكوين أسرة مبروكة .. وتوفير جميع مستلزماتها. عاش عامين في بعض النعيم مسافرا هنا وهناك. زوجته تؤكد له في كل مناسبة أن الاستقرار هو امتلاك بيت يأويه ويأوي عياله من بعده.. يقهقه من قولها ساخرا ومؤكدا أن السفر والعطل و’الزرادي’ بين أهله وأهلها هي الحياة. الراحة في نظره هو أن يعيش المرء في الحياة حرا طليقا لا هم ولا أتعاب له، محلقا من مكان إلى مكان، آكل هنا، وشارب هناك.. جاء الطفل الأول و انهمك عبد العالي في توفير لقمة العيش، لم يعد يكفيه الراتب واتجه نحو البنك يسعى  بعض المال، مر عامين أخريين، ومشاعر الأبوة تنسيه هموم الحياة، وضيق القرض الذي يكبس على أنفاسه. لم يحلق من مكان إلى مكان في كل مرة كانت المدرسة تفك قبضتها القوية عن جسمه الضئيل مثلما كان يفعل دائما.. ارتئ أن يجلس على ‘قهاوي’ الرصيف، يتفقد المارة. وهو يتصفح وجوه المارة، تراءت له ضبابية الحياة المنعكسة على وجوههم. وسأل مرة نفسه « هل يبدو وجهي مثل وجه هؤلاء.؟ إن همومهم ولا شك تفوق همومي »، هكذا عزى نفسه وانصرف إلى التفكير في أحواله تاركا أحوال الآخرين للآخرين..المركب غادية، والكل يبحث بين ثغرات الكون عن مسلكه ومنجاه.. إن الشيء الوحيد الذي نزع عنه الابتسامة هو ذاك القرض اللعين، فكيف له أين يسدده وهو على وشك أخذ ‘سُلفة’ جديدة مع قدوم المولود الجديد؟. وهو منهمك… سارح في أفكاره، نهض عن كرسي ‘القهوة’، وهو يقطع الطريق.. دهسته سيارة.. سقط على الأرض وهو في حاله البائس، منغمس في الدماء  جعل يسأل ذاته؟ « ترى من سوف يعيل أسرتي؟، هل ستتدبر زوجتي راتبي بطريقة مثلى، أم أن القهر سوف يحل عليها؟ وتخرج للشارع تنظر في شأنها؟؟… الدماء تسيل.. أناس يحاولون المساعدة… أحدهم يكلم الإسعاف في الهاتف.. مرت عليه موجة من لقطات حياته متسلسلة، جعل يردد « الحياة قصيرة…. الحياة قصيرة… الحياة قصيرة…. ».

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.