Home»Régional»سوق اللحية

سوق اللحية

0
Shares
PinterestGoogle+

سوق اللحى

عزيز باكوش

على يسار الشارع الرئيسي الملتف سبع التفافات صوب المدينة العتيقة مسجد كبير، وللمسجد فضاء على الجانبين يملؤه المصلون عن آخره كل صلاة جمعة . احتله قبل شهر باعة متجولون من قندهار.

ليس صدفة ،أن يكون معظم هؤلاء الباعة ملتحين ، وأصحاب عادات وممارسات تنسب جميعها الى السنة والكتاب، من الغداء الى الدواء ، لذلك أصبح الفضاء معروفا ، وزبناؤه شرائح واسعة من أصحاب سيكولوجيا البحث عن الخلاص عن طريق تعاويذ الأولياء و سدنة الكرامات ، وعقاقير ممزوجة ، مجهولة المصدر ، لكن ثمة مفارقة عجيبة .

يقول أبو مرودة ، أحد تجار الفضاء الملتحين أن" كثيراً من المسلمين هنا والآن – هدانا الله وإياهم – قد احتقروا الحبة السوداء ، وبخسوا توابل الصين ومنتجاتها الصحية النافعة ، ومقابل ذلك ، رفعوا قيمة ما تعرضه الصيدليات من أدوية مسمومة ومدسوسة ، كما احتقروا اللحية ، هذه الشعيرة العظيمة، وامتهنوها وحلقوها من وجوههم، والذي لم يحلقها كلها، يتابع أبو مرودة كخطيب جمعة ، أخذ يتلاعب بها،انظر الى الشاب أمامنا ، لقد جعلها صغيرة على الذقن، والآخر جانبه أمام محلبة بسم الله ، لقد فضلها خفيفة كأنها خط أسود معقوف ، ومن عباد الله من يربط شاربه مع لحيته ، ويجعلها على شكل دائرة!! أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم …و لا حول ولا قوة إلا بالله ….

السلع التي يعرضها أبو مرودة وزملاؤه الملتحون ، والمفروشة على أرصفة الشارع العام كل جمعة ، باستثناء عربة مثبتة لبيع الحبة السوداء وعقاقير مكافحة العجز الجنسي و السرطان بأنواعه ، نوعان لا ثالث لهما ، فهي أما قادمة من دول جنوب شرق آسيا ، مثل الصين وتايلاند والفيليبين… ، فتنحصر في مستحضرات تجميل رخيصة ، وأدوات ترميم وعقاقير وأجهزة.. ببطاريات وساعات يدوية ومنشفات ذات جودة أقل، او تلك المهربة من أوروبا ، كالملابس المستعملة ، وخردة الغرب وسقط متاع رجاله ونسائه " البال" كما ينعتها العوام . لكن المفارقة تكمن في أن جميع هذه السلع والمنتوجات المعروضة للبيع الحلال ، يوصف أهلها بالكفر والمجوسية من قبل أبو مرودة ورفاقه من الباعة والتابعين له الى يوم الدين .

سماء الجمعة مزدحم بالغيوم ولا مطر، الفضاء سوق ضاج ،شبان وكهول يوحدهم زي مميز ، تمترسوا على الرصيف من الجانبين ، كما لو كانوا قادمين من تورابورا في أفغانستان، في أفواه بعضهم عود الارك ، على مؤخرة رؤوسهم وضعوا طواق نقش حولها عبارات التكبير والشهادة ، لباسهم داكن ، يتمطى حتى الركبتين، ولحاهم لا تطول ، وان طالت ، لا تحلق بمهارة. وكان لافتا، أن احدهم منع شابا لا يسمع ما يجري حوله ، من عرض أشرطة و أقراص ديفيدي لشباب موسيقى الراي ، وبعض مطربي ومطربات الموجة الشبابية بجانبه ، تحت ذريعة انه مشبوه ، وحداثي.

— اذهب الى حال سبيلك ، مكانك ليس بجانبي ، أتفهم..

صباح من كل جمعة ، يتفقد الملتحون بعضهم البعض ، يتبادلون السلام على الطريقة الإسلامية ،ولا يترددون في إبداء انزعاجهم من وافد جديد غير معروف ، ينضدون في فرح سلعهم التي تجرف الطوار، وتتحدى عجلات السيارات التي تمر بالكاد، بين عربات الخضر والفواكه، وجحافل المتسولين الموسميين وذوي العاهات المصنوعة و الزاحفين من الاحواز كل جمعة . ولان السير أشبه بالدبيب ابتداء من العاشرة صباحا ، والعبور الى الضفة الأخرى من الشارع العام ، أصبح صراطا مستقيما يوم الجمعة . فقد نبّه صديق ملتح احدهم، وهو يعمل مدير مدرسة ابتدائية قائلا " كن حذرا في تنقلاتك ، لقد تفاقمت حوادث السير بالمنطقة ، فأجابه المدير على الفور : لا أخاف ، ولن يصيبني مكروه إن شاء الله.

— لكن الاحتياط واجب يا أخي في الله .

— لا أخاف ، لأنني كل صباح ،حين أخرج من البيت أقرا سورة ( يس ) .

ولم يجبه صديقه الملتح بأن في القرآن الكريم آية تقول :
"ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" صدق الله العظيم.

توقفت سيارة أجرة صغيرة بصعوبة ، وكما تستل الشعرة في العجين انقذفت شابة في الثلاثينيات ، فهي تبحث منذ أسابيع عن ترياق لبثور جلدية كاسحة نصحتها بها جارتها ، ولم تجد من يرشدها ، لكن شابتان في كامل أناقتهما تحينتا الفرصة ، وعبرتا الى الضفة الأخرى ، قبل ان تنطلق السيارة ببطء شديد ، إلا أن عطرا فاح من جسدهما ، غمر المكان كما لو أن المكان جنة.

قال أبو مرودة متأففا وهو يبرز معطفا شتويا ثقيلا ، أمام أنظار الزبناء

— أوف لعنة الله عليهم ، رائحة الكفر تكاد تخترق المعطف. يا سبحان الله..

— عطر سان لوران كفر..يا أخ ؟؟؟؟ يا له من كفر جميل ، قال زبون له بجانبه.

— أي نعم …كفر وزيادة .. كل من لا يقول اشهد أن لا الاه إلا الله وان محمد رسول الله ، كافر.

— صحيح .. التفت الزبون جهة الفتاتين، ومضى يقول " لكن ، لا أحد يعلم حقيقتهما ، إلا الله . فهما مؤمنتان حتى يثبت العكس.

لكن ، قل لي بربك ، كيف عرفت إنهما كافرتان؟؟

رد أبو مرودة على الفور : العياذ بالله ..ومضى يقول "

فراسة المؤمن لا تخطئ أبدا ياأخي في الله. تمتم ، ثم صرخ مصعوقا:

–انظر ، تنسم العطر الذي يفوح من المعطف ، ألوان فساتينهم …أليست فاتحة ، ومتحجرة ، مثل عقولهم ، حفدة القردة وأبناء الخنازير،لو تدري ما ينتظرهم يوم القيامة…؟؟

مشط لحيته وتابع في توعد "آه…لوتسنح.. لأفرغت وقودا على هذا البال ، واستمتعت بالنار وهي تشوي ضلوع الكفرة وأبناء المجوس ، ولكن. …

ما لمانع من ذلك؟

–الظروف..ونظام الحكم في البلد..

— الظروف سانحة ، قال الزبون بمودة ، وتابع في تكلف " حتى ان نظام الحكم في البلد بنى لك مسجدا ،وسمح لك باحتلال فضائه…وقول ماتشاء ..في حق الكفرة وأبناء المجوس…

–بعد أن طردني من المدرسة..وسمح للفتيات بولوجها..

— هل لديك بنات..اقصد أخوات…؟؟

–دعنا من كل هذا ..

— لك ما تشاء ، لكن..لست وحدك على هذه الكرة الأرضية ،هناك أناس يصنعون ، وأنت تستهلك ، يبتكرون وأنت تصف ، أن العقل والفكر لهم والحياة.وأنت مجرد متفرج…

— يبدو انك ممن لخبطت الحداثة والانترنيت عقولهم ، قلت لك رائحة الكفر تكاد تخترقنا، فهي في ثنايا معاطفهم البالية ، رغم ابتعادهم عنا بآلاف الكيلومترات..أتفهم…

صراخ الباعة ،وزعيق السيارات يمزقان الأعصاب. رغم أن صاحبنا لم يفهم شيئا مما سمع ، إلا انه ردد متجاوبا " الآن..فقط فهمت .

اتكأت سيدة في الستينيات على خصرها، قلبت ركام خردة بتأفف ، وحينما تعبت ، استلت بوذي سالت عن ثمنه ، امتص الملتحي حامضا، وقال غير عابئ "20 درهما".

وبينما تقلب شابة أسفل الخردة الى أعلاها ، فاضت ملابس على الأرض ، نهرها شاب ملتح "

–أديك البرهوشة ، هل تبحثين عن كنز،؟؟ إنها نقود ، تلقين بها على الأرض غير مكترثة ؟؟ لست من دفع ثمنها بالعملة الصعبة…

— لا ..لا.. فقط أريد معطفا لعثمان ، قالت الشابة مرتبكة وأضافت متلعثمة "تركه والده في حضني قبل أن يرحل الى الآخرة منذ خمس سنوات و12 يوما ، أتفهم … اسكن في الحومة 18 ، ألا تعرفني ؟ قل لهم أحليمة الحناية ، وسيحيلك اصغر بز في الحومة الى بيتي مسكني..وتابعت في تماوت ، اللي خرج من الدنيا ياولدي ، ما خرج من عقايبها …

لاحول ولا قوة إلا بالله…

—استل الملتحي معطفا سيبيريا ثقيلا بلون الجبال ، وسأل " كم سن الولد؟؟

15 سنة.. نعم..

–وتشترين له معطفا … ياللعار ..ياللامة التي بدأت من القاع وبقت فيه…حسبي الله ونعم الوكيل ..حسبنا الله ونعم الوكيل. انتظري لحظة أيتها الأخت الكريمة ، سأرضيك بما يرضي الله .

في هذه الأثناء ، يصل شيخ ستيني ، لا لحية له ، يضع عصاه مصليا ، ينتقي مادة ويسأل مبحوحا"

–كم ثمن هذا الكبوط ياولدي؟

150 درهما ، ويضيف أبو مرودة كاسطوانة " منتوج جيد ، وصانعه متمرس ، انه مصنوع في روسيا ،أيها الحاج ، ومصمم لابن رئيسها ، كي يمضي به سبع شتاءات وربيع، إلا انه لأسباب اقتصادية ، لم يلبسه سوى ثلاثة أسابيع ،انه ديال برا ، واش فهمت الوالد…فهمت؟؟؟

نقنق احدهم في في أذن أبي مرودة"

— هذيك بياسة واعرة في "لافيل" احد أحياء المدينة الراقية ، أبيعها لك ب200د هم..حوالي 20دولارا.

دارت عينا الملتح في محجريهما ، وقفز كما لو اكتشف شيئا عجيبا.

وفي لحظة ..استل معطفا .. بمواصفات محددة ، وقال بفرح :

— الوالد.. خذ هذا،.. هات 100درهم فقط …وأمطرني بدعواتك .

امتلأ المسجد ، وفاضت جنباته ، وأصبح من غير الممكن مرور عربة بائع خضر، مما حدا بالشرطي أن يصدر أوامر إغلاق الممر الرئيسي الى حين انتهاء الصلاة ..وعلى الفور شرع سائقو الحافلات والشاحنات وسيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة في إيقاف محركاتهم والبقاء محاصرين داخل عجلات القيادة الى حين انتهاء صلاة الجمعة..

وكما تفلي قردة الشامبانزي أبدان صغارها ، كان العجوز يفعل بالمعطف الروسي الثقيل ، وبعد أن أنهى عملية الفحص ، كان المصلون على وشك الانتهاء من الصلاة ، قال أعطيك 20 درهما."2 دولار"

كبر أبو مرودة وهلل ، وقرا المعوذتين. وهو ينظر بشبه حسرة الى وفود المصلين وقد بدؤوا يتلون السلام .

-اصبر ياولدي ، لا تغضب ، يبدو انك تفهم بينك وبين الله ، أنت متق، والله سيرزقك من حيث لا تحتسب ، توكل على الله وخذ 30 درهما. انه ليتيم…وأما اليتيم فلا تقهر…

سكت الستيني لحظة وقال بتهالك :

ياك أوليدي غير زبل النصارى هذا ، كتجمعوهم وتبيعوهوم لينا.

ياك أوليدي هذو مجوس ، والبيع والشرا معهم حرام.

ياك أوليدي كفرة وملعونين ، وتبيعون لنا أوساخهم وبقايا لباسهم. ب200 درهم ، أليس حراما عليكم ….

– جنان اليهودي… تأكلون منه، وتسبون مولاه…يالطيف..ياله من جنس …

– ليس زبل النصارى هذا الذي أمامك أيها الوالد، انه معطف بفرو متين مصنوع بكفاءة عالية ، وهو ديال برا…رحم الله من عمل شيئا فأتقنه…

سبحان الله…

والدي الحبيب : قل لي بربك ، أين نسيت لحيتك ؟ لحيتك التي أمرك الله بتركها ، يبدو انك اعتدت على حلقها ، تب إلى الله من هذا العمل، واترك لحيتك كما خلقها الله لك، واتبع سنة نبيك الذي أمرك الله بها، ولا تعرض نفسك لسخط الله وعقابه بسببها.

اقتعد الستيني جانبا وقال في تنهد " وأنت أيها الشاب " فكما أنك يا ولدي قد أطعت الله في اللحية والصيام وبعض الواجبات الأخرى ، فما الذي يمنعك من أن تطيعه كذلك في أمر الصلاة مع الجماعة يوم الجمعة ؟ أليس الذي أمرك بكلا الحالتين هو الله جل وعلا؟ لماذا تفرق بين أوامره فتطيعه في أمر، وتعصيه في آخر؟ أين صدق الإيمان؟ لماذا هذا التلاعب ،والاستخفاف بتعاليم الكتاب والسنة النبوية.؟

– وبينما ألقى الستيني المعطف جانبا، أمسكته الحاجة وقربته من انفها ، تنسمته ، وتساءلت عن طبيعة الرائحة ،ولماذا تشبه نسمة نبتة القرفة ؟

— نعم الحاجة، إننا نعتني به وننظفه ، واش النصارى موسخين بحالنا ، ورآها نظيف بحال مولاه . وصحيح، وباقي يضرب للولد سنوات ….رحم الله عبدا عمل شيئا فأتقنه..

–تمتم رفيق له " لم افهم ..هل تمرغون" البال" في القرفة في غيابنا ؟؟؟

عزيز باكوش

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

4 Comments

  1. أفغانية مقيمة بأرض المغرب الكريم
    11/12/2007 at 13:13

    سبحان الله لقد صارت قندهار القلعة الإسلامية الصامدة موضوع تندر وتهكم وتفكه لماذا لا تختار يا حضرة المثقف المحترم اسم مدينة من مدنك ماذا لو سخر أفغاني من اسم مدينة من مدنك ؟؟ الشعب الأفغاني شعب مسلم يعتز بقندهار وتورابورا وكل شبر أفغاني ذاق فيه المحتل الغاشم مرارة الهزيمة . أنت حر في نشر غسيلك يا محترم ولكن ليس من الأدب سوء الأدب مع شعب لم تصلك منه الإساءة قندهار أشرف من تل أبيب وواشنطن ولندن وباريس …..

  2. Samir Ismail
    12/12/2007 at 00:21

    متفق مع الأخت الأفغانية المقيمة في بلدها المغرب كما أحيي الشعب الأفغاني المجاهد والأبي الذي يجاهد ضد الاحتلال الأمريكي. هذا الأخير الذي جرب على أرض أفغانستان كل أنواع الأسلحة الفتاكة المحضورة دوليا والتي لا تبقي زرعا ولا نسلا إلا أبادته وهذا بشهادة خبراء وإعلاميين دوليين.
    الباعة المتجولون هم ظاهرة اجتماعية ناتجة عن وضعية اجتماعية مزرية يعيشها المغرب. يعيش في المغرب 6 ملايين مغربي دخله اليومي لا يتجاوز 10 دراهم و 25 ℅ من المغاربة يعيشون في وضعية هشة هذا وفي المقابل هناك مديرون لوؤسسات مغربية رواتبهم خيالية تتجاوز 20مليون سنتيم في الشهر إظافة إلى الرشاوى التي يتقاضاها بعض المسؤولين عن الصفقات المشبوهة وضلوع مسؤولين آخرين في بيع المخدرات ( إقرأ فقط بعض جرائدنا النزيهة) والقائمة كبيرة.
    يمكنك باكوش أن تختلف مع بعض الناس في سلوك لباسهم أو طريقة عيشهم ولكن ليس من حقك أن تتهكم على الناس وتدعو للتضييق عليهم. لأن هذا الأسلوب لا يجدي شيء أسلوب الحضاري هو قبول الناس كيفما هم وتفتح معهم قنوات للحوار.
    الإنسان خلقه الله حرا مادامت حريته لا تضيق ولا تمس حرية الآخرين.
    أقترح عليك أخي باكوش أن تناقش ظواهر جديد بدأت تنتشر في مجتمعنا المغربي مثل الاحتفال الذي أقيم بالقصر الكبير أو ذلك الذي أقيمة بالعاصمة الإسماعيلية مكناس. وشكرا

  3. عزيز باكوش
    12/12/2007 at 00:22

    ومن قال العكس ايتها الافغانية المحترمة؟؟؟
    ليس غسيلي يامحترمة..
    انما غسيل امة …اللافغانية الكريمة ليس لدي الان سوى ان اردد معك ومع كل الافغانينين المغاربة »
    قندهار أشرف من تل أبيب وواشنطن ولندن وباريس ….. » وتحية لك واقامتك رائقة ببلدك الثاني ايتها الكريمة.

  4. un citoyen
    13/12/2007 at 00:03

    Monsieur Aziz Bakouche: vous avez d’autres sujets qui font peu de cas des choses de la morale etdont les lecteurs pervers raffolent que celui de vous en prendre aux barbus que vous faites venir d’un pays lointain dont les habitants paient le lourd tribu pour leur appartenance à la communauté des Musulmans. Pourquoi ne pas parler des hommes aux joues lisses ? Pourquoi ne pas parler de ces hommes qui se marient entre eux et qui ne viennent ni de Bagram, ni de Tora Bora ? Ce sont des sujets tabous ou vous craignez le lobby de ces hommes qui ont un penchant pour les derrières d’autres hommes au point de les demander en mariage ?

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *