قل لي كيف تفكر؟ ماكورو ماروياما( Magoroh Maruyama) Le courrier de l’Unesco. Fév. 1996

-2-
وحتى إن كانت طرق التفكير تعرف تعددا حسب تعدد الأفراد، فإن الطرق الأربعة الآتية ( ومركباتها الممكنة)، تمثل ثلثي الأفراد داخل كل ثقافة:
إن الأفراد الذين يفكرون حسب الطريقة (ه)، يحاولون إرجاع الكل إلى معيار واحد؛ إنهم يبحثون عن مبادئ كونية، ويسلسلون ويحاولون وضع كل الأشياء على خط بين قطبين متعارضين؛ يؤمنون بحقيقة وحيدة، ولا يحددون علاقاتهم مع الآخرين إلا بمفاهيم الصراں من أجل أن يربح فرد ما، لا بد أن يخسر الآخر.
إن الأفراد الذين يفكرون حسب الطريقة (ي)، ثائرون على مفهوم التجانس، يبحثون عن الاستقلال وعن الاكتفاء الذاتي وعن الاعتباطية والفردانية والذاتية. يظنون أن الفعالية تنقص كلما عمل الناس جمبعا، وهكذا تبدو المدن مثلا، بالنسبة إليهم، على أنها سبب من بين أسباب التلوث، وإذا اهتم كل واحد بزرع قرنبيطه، فإن الأحوال تتحسن.
بالنسبة للأفراد الذين بفكرون حسب طريقة (س)، فإن الأحداث تتحدد بالتفاعل، بمعنى أن الأثر يؤثر بطريقة تفاعلية، مباشرة أولا على العلة، وأن الاختلافات الموجودة بين الأفراد هي التي تسمح بالتعاون، وأن الشكل الأحادي يسبب الصراع. والعناصر المتنافرة تؤثر على بعضها البعض وتساهم في توازن البنية الموجودة لمصلحة كل واحد. وهكذا فإن الفاصل بين أعيننا هو الذي يسمح للمخ بخلق مفهوم العمق، وكذلك الجمع بين الآراء المختلفة (النظرة المتعددة) ويبرز الأبعاد المستورة.
إن الأفراد الذين يفكرون حسب الطريقة (ج)، يمتازون عن أولئك المصنفين في الخانة (س)، بحيث أن التفاعل يخلق بنيات جديدة، بالنسبة إليهم.
أما الأشخاص الذين يختلفون في التفكير، يمكن لهم التفاهم حول نقطة خاصة، ولو كانت لديهم احتمالات مختلفة ومسكوت عنها، والتي تكون سببا في صراعات فيما بعد. وهكذا مثلا، يمكن أن نجد عدة أشخاص متفقين حول إيجابية اللامركزية، لكن كل ينظر إليها حسب أسباب خاصة:
بالنسبة ل(ه) الذي يظن أن البلاد تشكل على أية حال مجموعة متجانسة، يظن على أنه لا يخسر شيئا، وبالنسبة ل (ي) الذي يرى على أن كل جهة مستقلة، فإن اللامركزية أتت في وقتها؛ أما (س) و (ج) فإنهما يؤيدان الفكرة لأنهما حساسين لفكرة التنافر ويظنان أن الجهات تتفاعل طبيعيا، الشيء الذي يضمن لهم أرباحا.
وإذا تم اتفاق بين عدة أطراف، فهذا لا يعني بالضرورة أن نفس المنطق هو الذي تحكم في القرار المتخذ من جانب كل طرف. إن هذا الاتفاق يعد اتفاقا وهميا، لأنه مبني على أسس تقديرية، ويمكنه أن يتسبب مستقبلا في عدم التفاهم، الشيء الذي يؤدي بكل طرف الظن على أن الآخر تعمد الخدعة. لهذا يصبح من الضروري معرفة طريقة تفكير الآخرين إذا أردنا تجنب الارتياب والخيبة.
بالنسبةللأفراد الذين يفكرون حسب الطريقة (ه)، فإن الشخص العديل هو ذاك الذي يظل متشبتا ببعض المبادئ المطلقة، مهما كانت الظروف. أما الأفراد الذين يفكرون حسب طريقة (ي)، فإنهم يتشبتون بمبادئهم الخاصة مهما يقول عنهم الآخرون. فيما يتعامل الأشخاص المصنفين في الخانتين (س) و (ج) حسب الظروف. ويمكن لهذه الاختلافات أن تدفع بكل واحد الظن بأن الذين يفكرون بطريقة أخرى ليست لديهم مبادئ وبأنهم عديمو الأخلاق.(يتبع)




1 Comment
المرجو من الأخ قدوري نشر الجدول، ويأتي مباشرة بعد « … داخل كل ثقافة : » ، وإلا سيكون النص غير مفهوم.