نتائج الانتخابات شبه المحسومة وفق طبيعة التركيبة الاجتماعية الغالبة

من البديهي أن بلدنا لا زال في مؤخرة الترتيب العالمي للنمو ؛ وحسب مؤشرات التنمية لا زالت الأمية ضاربة فينا أطنابها بنسبة عالية تفوق السبعين في المائة . وبناء على هذه النسبة تأخذ التركيبة الاجتماعية عندنا شكلا معينا يجعل الفئة المهيمنة في العملية الانتخابية هي فئة الأميين ؛ وأشباه المتعلمين ؛ وهو عامل يعول عليه كثيرا بعض المرشحين للانتخابات للفوز ؛ ولو كانت نسبة الأمية عكس ما هي عليه لما حلم هؤلاء بفوز أبدا. وهذه التركيبة الاجتماعية الغالبة تتحكم في صيرورة الانتخابات مما يجعل نتائجها شبه محسومة بناء على المعطيات الإحصائية التي تعطي الأغلبية لفئة الأميين.
وبناء على التجارب السابقة نجد الفئة الأمية خصوصا في المدارات البائسة تمتلك نوعا من الوعي الشقي يجعلها يائسة من نتائج الانتخابات وعلى يقين من عدم جدواها. فالفرد البسيط من ساكنة البوادي أوأحياء القصدير الفقراء يعي تماما أنه لا أمل في صناديق الاقتراع وما ستفرزه لهذا يتعامل معها بنوع من العبث واللامسئولية بل وببراغماتية منحطة أحيانا حيث يقبل أجرا زهيدا مقابل صوته لأنه يعلم علم اليقين أنه لن ينال أفضل منه؛ بل قد يردد مقولة المثل الشعبي : ( نترا من الحلوف ولا يمشي سالم ).
وعبثا تحاول الفئة المثقفة التأثير على هذه النتيجة المحسومة من خلال مجهودات التوعية اليائسة ؛ ولا معنى لمشاركتها في العملية الانتخابية سوى إعطاء المصداقية للنتيجة المحسومة رغم أنفها.
لقد سبق لي في انتخابات سابقة أن اقترحت اقتراحا اعتبر آنذاك ضربا من الجنون جر علي سخرية الساخرين ؛ وهو تمييز الفئة المثقفة عن غيرها في عدد الأصوات حسب ما تحمله من شواهد تعليمية وعلمية ؛ ويتم الاتفاق على عدد الأصوات بالنسبة لكل شهادة حسب قيمتها ؛ لأنني لا أستسيغ أن يكون صوت الأمي كصوت حامل درجة الدكتوراه مع الأخذ في الاعتبار نسبة الأمية عندنا. وقد قال بعضهم آنذاك هذا هذيان صادر عن فكر عنصري استعلائي يستخف بالمواطنين البسطاء؛ وكان جوابي ولا زال : ألا يعتبر اعتماد كثير من المرشحين على الفئات العريضة من الأميين استخفافا بهؤلاء وبقيمة المعرفة والعلم والوعي ؟؟؟ لماذا يغضب الغاضبون لمثل هذا الطرح الذي يتوخى تعديل الموازين في بلد قدره المحتوم غلبة نسبة الأمية؛ ولا يغضبون عندما تصير ورقة مالية من فئة خمسين درهما تغمز بها أكف الفئات المحرومة عاملا مؤثرا في مصير البلاد والعباد ؟؟؟
إن القضية لا تتعلق باحتقار أو الاستخفاف من أبناء وطني حاشا معاذ الله ؛ بل الهدف هو التنبيه إلى ركوب تجار الانتخابات ظهور الفئة الأمية الفقيرة لتحقيق الفوز المزور بطريقة ماكرة تتبجح بصناديق الزجاج وبالنزاهة والرقابة ذات المصداقية وهلم جرا من الادعاءات مع أن اللعبة واضحة النتيجة نظرا لهيمنة فئة اجتماعية معلومة .فإذا كان أفراد أسرة يفضلون الكسكس فلا قيمة لفرد واحد منهم يريد لهم ثريدا أو مضيرة أو شواء .
لا زلنا على بعد مسافة بعيدة من الانتخابات النزيهة بالمعنى الصحيح للكلمة؛ ولن تكون الانتخابات ذات معنى إلا عندما ننتصر على الأمية والجهل حيث يكون الوعي هو الموجه لها وليس العدد.
ولا زالت بوادينا متشبثة بعقلية : وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد . فابن القبيلة الفاسد المفسد أفضل من الغريب الصالح المصلح بموجب النعرة القبلية المتجذرة في عقليتنا التي صقلتها الأمية ؛ ولا زالت الرموز هي الرموز حيث يرث الأب البرلماني ابنه تماما كما يحمل خصائصه الوراثية ؛ ولا زال ماضي بعض الأحزاب كحاضرها لم يتغير إذ لا زالت تنجح بما نجحت به منذ سنين خلت من شعارات ؛ ولا زال لسان حال ومقال الأتباع كما كان ؛ علما بأنه رب حزب طفح كيل سيئاته على حسناته أضعافا مضاعفة ولكنه لا زال يخوض غمار الانتخابات بشعار: ( كان أبي رحمه الله ) .
فإلى أن تتغير تركيبتنا الاجتماعية عن طريق الحرب ضد الأمية يمكننا التسلي بالنتائج المحسومة سلفا قائلين لتجارها :( لعبوا يا الحجامة في رؤوس اليتامى).




3 Comments
تساؤلاتك مشروعة اخي الكريم وهي تعكس حرقة يشاطرك فيها كل من يضمر خيرا لهذا الوطن.اضيف الى ما قلت ، ان الاستحقاقات الديمقراطية في اي بقعة من الكون تتطلب مناخا معلوما لتنمو وتتجذروتثمر ولا اظن ان بلدنا يتوفر على كل عناصر هذا المناخ ،وعليه فان المبحوث عنه هو يافطة نشهرها للآخر معلتة اننا نمارس الديمقراطية، ولن اكون عدميا في رأيي فقد تكون المراحل الحالية بداية لتشكل المناخ المرجو ،رغم ان حمولة الآفاق لا تؤشرعلى سيرورة سريعة كما هو مرجو.ان اول شروط المناخ الديمقراطي ان يتوفر المواطن على ابسط شروط العبش الكريم التي تحفظ عليه كرامته وتشعره بانسانيته وتمقته في ان يبيع صوته بدريهمات او بفتات الموائد.كل انتخابات ونحن بخير ودام صوتك.
ان الدولة المغربية تريد هذه الفئة من الناس وهذه الفئة من النواب .
اقتراحك بعيد المنال وهو لا يجانب الصواب تماما . ولكن البديل له امران :
الاول : ان تعبر الدولة المغربية فعلا على انها ترغب بتسيير البلاد من طرف المثقفين والاطر
ثانيا : ان تجعل للمترشحين بجميع انواعهم شروطا معقولة . فلرئيس البلدية الشهادة الاعدادية مثلا .. ولرءيس المجلس الاقليمي الباكالوريا ممن فازو ولا فشهادة الاعدادي حيث هي الاصل
وللبرلماني الاجازة ..
وعليهم جميعا ان يكونوا في عمر يزيد عن 20 و25 و 30 ..
وهكذا من الشروط الممكن التواضع عليها ..
وليترك الامي وقتها يفعل ما يشاء فانه لا يعدم ان يختار واحدا ممن تتوفر فيهم نفس الشروط ..
هذا مع العلم ان عددا من المثقفين وحاملي الشهادات هم من يفسدون الانتخابات ويشترون الذمم .
وانت اعلم بالمفسدين بمدينة وجدة ..
اذن لا بد من قانون آخر ينظم الية الاقتراع ومراقبتها .
وهذا يحيل على استقلالية القضاء والاجهزة الادارية
………………………………………………………..
اذن لا بد من ارادة سياسية اولا . ولا بد من دولة تجعل الانتخابات فعلا مسألة وطنية بامتياز . وتقدسها وتصونها وتحترم نتائجها وتعاقب بصرامة من يتلاعب ها .
فالى حد الان ليس في العالم الية اخرى الا الانتخابات للحكم . ولكن اية انتخابات واي ناخبين في بريطانيا او اسرائيل او فرنسا .. واية انتخابات في المغرب ..
لااكاد اضيف شيئا على ما جاء به الاخوان غير الاشارة الى ان طائفة من الفئة المثقفة تبارك ترشيح السماسرة وتجار الموت ، ولن الوم الفئة الامية لان فاقد الشيء لايعطبه ، بل اكرر لومي الشديد للمحسوبين على الواعين من الامة.
ولهؤلاء اقول انكم قضيتم العمر في الدرس والتحصيل لتنيروا عقولكم وتتحصنوا من كل ما من شانه ان يهدر كرامة الوطن والمواطنين . وعليكم كان المعول ان تنقذوا من فاته التعلم الا اني اراكم اكثر من نتكر لمقعد الدراسة وصرتم تتزاحمون على سوق النخاسة للاسف.