قراءة في أسباب فشل ثورة 1936 – 1939 الحلقة الرابعة … يقلم يوسف حجازي

قراءة في أسباب فشل ثورة 1936 – 1939
الحلقة الرابعة … يقلم يوسف حجازي
الأخت صباح الشرقي
إذا كان الله لا يخفي خطايا الأنبياء لتكون دروس نتعلم منها ، فلماذا يخفي البشر خطايا الزعماء ، أنا اعرف واعترف انك تحبين فلسطين كما تحبين المغرب تماما لكن لا يجوز أن يكون هذا الحب سببا في عدم الاعتراف بمسؤولية الزعماء الفلسطينيين عن كل النكبات التي حلت بفلسطين ، من ماتوا وأصبحوا في ذمة التاريخ ومن لم يموتوا بعد وما زالوا في ذمة أمريكا ، لكن هذا لا يجوز أن يكون سببا في عدم الاعتراف بمسؤولية الآخرين عن هذه النكبات . شكرا واسلمي لأخيك يوسف حجازي
هذه هي الحلقة الرابعة في سلسلة مقالات" قراءة في أسباب فشل ثورة 1936 – 1939" والحلقة السابعة في نفس الموضوع إذا أضفنا إلى هذه الحلقات الأربعة الحلقات الثلاثة التي تناولت المقالات التي كانت بعنوان " الرجل الذي كان حظه اقل من نبوغه " ، وهي على كل حال آخر حلقة في هذه السلسلة ولذا أرجو أن يتحملني الأخوات والأخوة القراء خاصة وأنني اعرف واعترف أننا نعيش في عصر السرعة وأن أكثر المقالات قراءة هي المقالات الأكثر إيجازا والأكثر جاذبية ، وليست المقالات التاريخية والسياسية ، كما أنني اعرف واعترف أيضا أنني تجاوزت كثيرا في العنوان والمضمون ، ولكن مسألة التجاوزات هذه ليست مسألة مهمة لأننا كتاب وقراء وحكام ومحكومين وأحزاب وفصائل وسلطة بلا حكومة وحكومة بلا سلطة والذين تأسلووا والذين لم يتأسلووا والذين تأنجزووا والذين لم يتأنجزوا نعيش خارج الإطار وغير الإطار وخارج القرار وغير القرار وخارج العقل وغير العقل وخارج الوجدان وغير الوجدان وخارج المعقول وغير المعقول وخارج المنطق وغير المنطق وخارج الفكر وغير الفكر وخارج الفعل وغير الفعل وخارج المفهوم وغير المفهوم وخارج الممكن وغير الممكن وخارج المعلوم وغير المعلوم وخارج المجهول وغير المجهول وخارج الثابت وغير الثابت وخارج المتحول وغير المتحول وخارج التاريخ وغير التاريخ وخارج الجغرافية وغير الجغرافية ، لأننا نحتمي باللغة العربية وخاصة اللغة السياسية واللغة الإعلامية ، لأنها لغة مرنة ، ولغة لف ومداورة ولغة بين بين لا تقطع في أي شيء ولا تصنف أي شيء بأنه ابيض أو اسود ولكنها تصنفه بأنه اقرب ما يكون إلى البياض وأقرب ما يكون إلى السواد ، ولذلك نجد السياسيين يحتمون وراء هذه اللغة في تزوير التاريخ وفي إساءة الاختيار ، ونجد الإعلاميين يحتمون وراء هذه اللغة أيضا في تبرير وتسويق تزوير التاريخ وتبرير وتسويق إساءة الاختيار ، رغم أن اخطر الأخطار التي يمكن أن تواجه أي شعب في التاريخ هي تزوير التاريخ ، وان اكبر الأخطاء إلى يمكن أن يقترفها شعب في التاريخ هي إساءة الاختيار ، لأن تزوير التاريخ يعني تزوير الفكرة أو على الأقل التزوير في التعبير عن الفكرة خاصة وان من يتقن فن التزوير يجد دائما أولئك الذين هم على استعداد لأن تنطلي عليهم خديعته في التزوير بوعي أو بدون وعي ، وأقوى دليل على ذلك هو فرض مفاهيم جديدة على الشعب الفلسطيني وتسويقها على شكل مسلمات بديهية بينما هي في الحقيقة شبهات زائفة جرت صياغتها في صور براقة خادعة فبدت وكأنها حقائق ومنها على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر مصطلحات الثورة والانتفاضة والسلام والتسوية والدولة والديمقراطية والعدالة والمساواة والانطلاقة والقيادة التاريخية والإستراتيجية ، ولأن إساءة الاختيار تعني وضع دوافع التاريخ في يد الإنسان غير المناسب في زمن يتميز بسرعته وتنوع مشاكله وأزماته وتحدياته المتعددة والمتداخلة والمتناقضة أيضا ، وهذه هي نقطة الخطأ المركزية التي أدت إلى كل هذا الفشل في مسيرة ومسار الحركة الوطنية الفلسطينية في الماضي والحاضر والمستقبل المنظور في ظل المعطيات الحالية ، لأن هذه القيادة الذي وضع الحظ في يدها دوافع التاريخ الفلسطيني كانت تنظر إلى القضية بنصف عين وتتحدث مع الشعب بربع لسان ، ولذلك لم تحسب حساب العواصف في أوقات الرياح الهادئة ، وعندما حلت ساعات المحنة لم يفكروا إلا بالفرار بدلا من المقاومة ، وتجنبا لكل سوء فهم ، وتجنبا لكل ناعق بالخراب ، أود أن أشير بإيجاز إلى بعض مواقف هذه القيادة ، ففي عام 1921 طلبت من اهالى يافا وقف الانتفاضة ، وفى عام 1933 خطفت القرار من مؤتمر الشباب ، وفي عام 1935 تخلت عن الثورة بحجة عدم استعداد الشعب والعمل على حل القضية حلا سلميا ، وفي عام 1936 خطفت القرار من اللجنة القومية التي أعلنت الإضراب في 19/4/1936 وشكلت اللجنة العربية العليا 25/4/1936 برئاسة المفتي وأمانة سر عوني عبد الهادي وعضوية رؤساء الأحزاب وبعض المستقلين من الأفندية وكبار ملاك بيارات البرتقال ، وفي 12/10/1936 وجهت نداء إلى الشعب ألفلسطينيي طلبت فيه وقف الثورة وإنهاء الإضراب استجابة لدعوة الملوك والأمراء العرب في 8/10/1936 ، وامتثل الشعب لنداء القيادة في 13/10/1936 وخرج قادة الثورة من فلسطين إلى سورية ولبنان والعراق بعد 176 يوما من الإضراب و164 يوما من الثورة المسلحة ، وبعد تقرير " لجنة ببل " في 7/7/1937 وتجدد الثورة خرج المفتي من فلسطين إلى لبنان ، وفي 1939 قبلت القيادة الكتاب الأبيض الرابع الذي أصدره وزير المستعمرات البريطاني " مالكولم ماكدونالد " في 27/5/1939 وأعلنت وقف الثورة ، وهكذا نرى أن القيادة لم تكن تصنع اللحظة التاريخية ولكنها كانت تكسر اللحظة التاريخية ، وخاصة في ثورة 1936 – 1939 التي كانت اكبر الثورات الفلسطينية امتدادا وأوسعها نطاقا ، ولكن وللأسف ضربت في مفاصلها الرئيسية الثلاثة ، المفصل الوطني الفلسطيني والمفصل القومي العربي والمفصل الإنساني العالمي ، أما بالنسبة للمفصل الوطني الفلسطيني فقد كانت أسباب فشل ثورة 1936 – 1939 ترجع إلى الثغرة الكبيرة التي نشأت عن التحول السريع للمجتمع الفلسطيني من مجتمع فلسطيني زراعي إلى مجتمع يهودي صناعي أدى إلى غياب البرجوازية الوطنية الفلسطينية عن لعب دورها التاريخي في قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية وإتاحة الفرصة للزعامات الإقطاعية الدينية في قيادة الحركة الوطنية والثورة دون منازع ، وذلك بالإضافة إلى انقسام الحركة الوطنية إلى أحزاب تقوم على أرضي




Aucun commentaire