2- دين التوحيد وحده من يوحد ولا يفرق
إن دين التوحيد وحده من يوحد المجتمع البشري ويلغي الفوارق والحدود، ولشموليته، فهو يستوعب كل الحدود والفوارق، ويهضم كل الاختلافات، ويصهر البشرية كلها في وحدة متكافئة لا يوجد ما يميز بعضها عن بعض من دم أو جنس أو قومية أو حدود جغرافية، فجمع بين بلال الحبشي و سلمان الفارسي وأبي بكر القريشي في وحدة أخوية منسجمة بل ومنصهرة في إطار خدمة وحدة المشروع خدمة للبلاد بما يعود بالنفع على العباد.
إن الدين الإسلامي بشموليته يوحد البشرية، ولكن الأهواء والطواغيت تجزئ البشرية وتشتتها .قال تعالى: »إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون » سورة الأنبياء الآية: 92 ويقول كذلك: » وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون » سورة المؤمنون الآية: 52
هذا هو منطق دين التوحيد الذي لا يعترف بحد أو حاجز في داخل هذه الأسرة البشرية بل يجمعها ويوحدها, والقرآن الكريم يتكلم عما يضاد التوحيد من هوى وطاغوت وفراعنة والتفرق في الدين فقال: »إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا » سورة القصص .الآية:4

3- التجزئة والتشتيت منطق الدكتاتوريات الفرعونية عبر العصور.
إن الدكتاتورية الفرعونية على مر التاريخ تبني العلاقات بين الإنسان وأخيه الإنسان على أساس الظلم و الاستغلال والقهر والاستعباد..وبذلك فهي تجزئ المجتمع وتبعثر إمكانياته وطاقاته، مما يؤدي إلى هدر ما في الإنسان من قدرة على الإبداع والنمو الطبيعي على ساحة علاقات الإنسان مع الطبيعة من خلال استخراج كنوزها وثرواتها وحرثها، أي استخدام التكامل والتنوع في طاقات أبناء المجتمع للتفاعل مع باطن الأرض باستخراج الثروات المعدنية المحتوية عليها، والتفاعل مع ظاهرها بالزراعة والفلاحة والرعي والصناعة والعمران.
إن عملية التجزئة الدكتاتورية الفرعونية تقسم المجتمع إلى فصائل وجماعات وطوائف وتعمل على تفريخ الأحزاب والجيوب ومع التفرقة سيادة الآخر: « فرق تسد »

4- المجتمع الفرعوني المصري أنموذج التقسيم والتجزئة.

يتجلى منطق التقسيم والتجزئة الدكتاتورية الفرعونية، من خلال الاستراتيجية الفرعونية في التعاطي مع أبناء المجتمع، وذلك بتقسيم المجتمع إلى فئات، ومعيار التقسيم هو مدى القرب والبعد من مواقف النظام الفرعوني والتماشي والانسجام مع نزوات فرعون والتأييد المطلق لسياسة الظلم والفساد واعتبار ما يقوم به فرعون هو عين الصواب ومنطق الرشاد. والقرآن الكريم يصرح بوجود هذا المنطق منطق التقسيم إذ يقول الله تعالى بعدما شهد على فرعون بالعلو في الأرض والفساد بأنه يعمل على تقسيم المجتمع فقال: ( إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين) ومن كل هذه الطوائف التي عمل فرعون على تقسيمها وتشكيلها توجد طائفة واحدة فقط هي التي حظيت بالقهر والاستعباد والتنكيل والتجويع لسبب واحد ووحيد، لا لأنها تنازعه الملك، ولا لأنها لا تطيعه وتتمرد عليه، ولا لأنها تعمل على تعبئة بني إسرائيل وتدعوهم إلى التمرد والعصيان..ولكن بسبب أنه كان يعلم أنها الفئة الوحيدة التي تؤمن بالتغيير، وكان هذا مصدر خوف وقلق يتجذر في قلب الدكتاتور فرعون.