Home»National»وحدة الإطار والحقيقة الضائعة

وحدة الإطار والحقيقة الضائعة

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خير الأنام وخاتم المرسلين.
السلام على من اهتدى واتبع الهدى واتخذ من الحكمة رشدا.
الحقيقة أنني لم أكن أريد أن أعج في موضوع ما اصطلح عليه في نقابة المفتشين بوحدة الإطار على المواقع الإلكترونية والمنابر الصحافية، باعتبار أنه من أبجديات الاشتغال في التنظيمات كيفما كان نوعها (حزبية ، نقابية أو جمعوية)، هو طرح النقط المراد التداول فيها على هياكلها وأجهزتها محليا وجهويا ووطنيا؛ وخاصة منها الهياكل التقريرية مثل المؤتمرات والمجالس الوطنية التي لها وحدها السلطة في التغيير والتعديل في النقط المتداولة ؛ مع الحرص على الحضور المكثف في هذه الهياكل، وفي الجموع التي تعقدها. لكن، لكثرة المغالطات التي ضل البعض يرددها حول هذه النقطة، بات من اللازم تنوير الرأي العام بصفة عامة، ومفتشي التعليم بمختلف فئاتهم بصفة خاصة.

قبل التطرق للموضوع، أذكر ببعض القواعد المنهجية التي أراها أسسا لمعالجة المواضيع، وهو ما تعلمته من تكويني الابتدائي، ومحتم علي أن أدمجها في سلوكي وتفكيري كمؤطر(على حد قول أهل الإدماج ) ، قبل القيام بتأطير الأساتذة وحثهم على تعليم تلامذتهم إدماج التعلمات، لتصبح لديهم موارد يوظفونها في حياتهم، وليست مكتسبات يرددونها في الخطاب فقط. فينطبق علي وعليهم قول أبو الأسود الدؤلي :
يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيما يصح به و أنت سقيم
و أراك تصلح بالرشاد عقولنا نصحا و أنت من الرشاد عديم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم.
وأعوذ بالله من علم لا ينفع.

القاعدة الأولى دينية مصداقا لقوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾، ولقوله عز وجل :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، والتي تعلمت منها أن لا أسيئ الظن بالآخرين بناء على تمثلاتي وتخيلاتي وقراءاتي الذاتية، فالأصل في الإنسان العاقل أن يبني أحكامه ومواقفه على العلم كما يحث على ذلك تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾. فحينما يريد أن يحكم على شخص معين، أو أمر ما، فعليه التأكد والتثبت من صحة الأدلة والبراهين.
القاعدة الثانية لها علاقة بالمنهج العلمي في التفكير، والذي ينبني على طرح الفرضيات في الأول وليس الأحكام ؛ ثم إخضاع هذه الفرضيات للتجريب والاستقصاء. كأن أقول الفرضية التالية « بعض مفتشي التعليم الابتدائي طرحوا وحدة الإطار ليغيروا إطارهم فيستفيدوا من بعض الامتيازات المالية ». في هذه الفرضية أمور يجب أن أثبتها ليستقيم المنطق : الأمر الأول أن أثبت بالملموس عبارة « بعض من مفتشي التعليم الابتدائي طرحوا وحدة الإطار »، وذلك بإيجاد أسماء ممن « دسوا » نقطة وحدة الإطار كما يقال، إما بكتابة منهم، لدي نسخ منها؛ أو حضرت مؤتمرا أو مجلسا وطنيين، وكنت شاهد عيان على ذلك على الأقل.

الأمر الثاني أن أثبت وجود مفتشين من التعليم الابتدائي يرغبون في تغيير فئتهم، وذلك عن طريق استمارة مثلا على الأقل. وفي هذه النقطة أتحدى كل من يزعم بهذا القول، أن يعطيني إسما واحدا من مفتشي التعليم الابتدائي بالجهة الشرقية لديه هذه الرغبة. الأمر الثالث أن أبين الامتيازات المالية المزعومة، والتي سيأتي التوضيح حولها فيما بعد.
القاعدة الثالثة لها علاقة بما تعلمته من الدراسات والأبحاث حول أسس و قواعد التواصل، والتي من بينها ضرورة « تحديد المصطلح » منذ البداية داخل مجموعة تواصلية، حتى يكون لها نفس المرجع (le même référent)، تفاديا لتنوع تأويلات أفرادها فتظهر الاختلافات. و »تحديد المصطلح » كما هو معروف لدى الباحثين الحقيقين من النقط الأولى والأساسية للبحث في موضوع ما. وعليه أطرح السؤال التالي : ما المقصود « بوحدة الإطار » عند نقابة مفتشي التعليم؟ لن أعطي لنفسي الحق في طرح تأويلي، أو تقديم شرح أو تفسير ذاتي ما دامت الوثائق التأسيسية للنقابة حددت المدلول كالتالي : « اعتبارا لوحدة إطار التفتيش وتكامل وظائفه تطالب النقابة بوضع قانون إطار Statut خاص بهيئة التفتيش؛ وجمع فئاته في هيئة واحدة في النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية، وعدم تعويمه في وسط الفئات الأخرى. » (ص1 من وثيقة الملف المطلبي للمؤتمر التأسيسي الأول)
إن ما أثير من مشكل حول ما سمي « بوحدة الإطار » كموقف يلقي بالاتهامات دون بحث وتمحيص لمجانب للصواب ؛ يتضح من خلاله أن متبنيه ليس لهم أي اطلاع بوثائق النقابة منذ تأسيسها. فمطلب « وحدة الإطار » ليس بالشيء الجديد في نقابة مفتشي التعليم كما يقدمه البعض، بل هو مبدأ حاضر منذ تأسيس النقابة.

والأستاذ محمد راشد رحمه الله كان من أول متبنيه. ولكي لا يقال أن هناك كذبا على الأموات، فإني أحيل مفتشي الجهة الشرقية على مطوي المؤتمر التأسيسي بالجهة الشرقية سنة 2003، والذي ترأسه الراحل، و قد وردت فيه عبارة « وحدة الإطار ». ولكل من أراد نسخة من هذا المطوي فهو في أرشيف المكتب الجهوي. كما أن وجود كلمة « الوحدة » في شعار النقابة منذ البداية دليل قاطع على ذلك. والأمر جاء مع تأسيس النقابة كرد على ما ورد في النظام الأساسي لوزارة التربية الوطنية (والذي قدمت النقابة طعنا في شأنه كما هو معروف)، حول إدراج فئات المفتشين في هيآت مختلفة : مفتشي التعليم الابتدائي ومفتشي التعليم الثانوي ضمن « هيأة التأطير والمراقبة التربوية »، مفتشي المصالح المادية والمالية ضمن « هيأة التسيير والمراقبة المادية والمالية »، مفتشي التوجيه والتخطيط ضمن « هيأة التوجيه والتخطيط التربوي » . وبالتالي، فسبب طرح « وحدة الإطار » إذن كما هو مبين في الوثائق الأولى لتأسيس النقابة، لا يرتبط بالمرة بابتدائي / ثانوي . بل ترتبط بفئات المفتشين الآخرين الذين أدرجهم النظام الأساسي لوزارة التربية الوطنية ضمن هيآت أخرى. فالمطلب أسس على أن « إطار مفتش » بقطاع التعليم إطار واحد بكل مكوناته الفئوية. وقد جاءت الاستجابة إليه جزئيا من بعد عن طريق اللجنة العشرية في ما هو معروف لدى المفتشين بالوثيقة الإطار والمذكرات المرافقة لها. ولا زال عالقا بالنظام الأساسي. إذن فهو مبدأ لم تطالب به فئة دون أخرى.

والادعاء بأن هذه الفئة أو تلك قد أرادت تمريره اتهام باطل، واستخفاف بممثلي باقي الفئات بالمجلس والمكتب الوطنيين، بوضعهم في خانة السذج الذين تمرر عليهم الأشياء. ومعرفتي ببعضهم وبتمرسهم النقابي فهم أبعد من ذلك. وللإشارة، فإن اللقاء الأخير مع كاتبة الدولة لقطاع التعليم حضره من ممثلي الفئات : أربعة من الابتدائي، خمسة من الثانوي، وواحد من التوجيه.
أما فيما يخص الامتيازات المالية التي رأى البعض أن مفتشي التعليم الابتدائي يسعون إليها من وراء مطلب « وحدة الإطار »، لكي يستفيدوا مما يستفيد منه مفتشي الثانوي؛ فإنني لم أفهمها. فحسب تكويني الابتدائي دائما ومعرفتي الابتدائية بالنصوص التشريعية، فإن مفتشي التعليم الثانوي ومفتشي التعليم الابتدائي وأطر أخرى من موظفي القطاع، يستفيدون من نفس النصوص القانونية لتحديد أجرهم، والسابقة عن تأسيس النقابة :

•الأجرة تحتسب بناء على نفس الجدول من الأرقام الاستدلالية التي تعتبر قاعدة احتساب الأجر. إذ نجد نفس الجملة تتكرر في النظام الأساسي لوزارة التربية الوطنية للفئتين : « وتخصص لهما الرتب والأرقام الاستدلالية المبينة في الجدول رقم 3 الملحق بهذا المرسوم ». والشأن نفسه مع تعويضات التأطير والعائلية والمنطقة … والتي يحددها بيان الالتزام.

•يستفيدان من نفس التعويض عن التفتيش حسب الدرجة وليس حسب الفئة.

•تعويضات التنقل يؤطرها المرسوم رقم 961-97-2 بتاريخ 22 ابريل 1997 المتمم للمرسوم رقم 453-75-2 بتاريخ 30 دجنبر 1975 لوزارة المالية، وهو لا يميز بين مختلف موظفي الدولة كيفما كانت فئتهم، إلا بالدرجة وليس بالفئة.

•التعويضات الكيلومترية التي يحددها المرسوم رقم 1053-97-2 بتاريخ 02 فبراير 1998 لا تميز بين الموظفين، بل حسب عدد الأحصنة للسيارة.

تعويضات التكوين التي تدخل في باب الساعات الإضافية محددة مبالغها لمختلف أطر وزارة التربية الوطنية بمراسيم حسب الدرجة ولا علاقة لذلك بالفئة.
إذن أين يتجلى هذا الامتياز ؟ وبعد توضيح هذه النقط داخليا، تم الخروج بالقول أن المطلب مرتبط بمطلب التعويض عن الإطار. حتى يكون نفس التعويض لجميع الفئات إذا ما استجابت الحكومة لهذا المطلب .

وأقول الحكومة مع التسطير عليها، لأن الأمر لا يتعلق بوزارة التربية الوطنية فقط ، بل كذلك بوزارة تحديث القطاعات ووزارة المالية. وهذا مطلب حسب تكويني الابتدائي ومعرفتي الابتدائية بالنصوص التشريعية – لن تناله النقابة، لأن في نصوص الدولة المغربية لا وجود لتعويض عن الإطار في أي قطاع من القطاعات، هناك تعويضات عن المهام نعم، والتأطير والأخطار و الأعباء… لكن لا وجود لتعويض عن الإطار؛ وبالتالي حتى وإن قبلت به وزارة التربية الوطنية، فإن وزارتي تحديث القطاعات والمالية سترفضانه لما سيكون له من عواقب على القطاعات الأخرى. وللاطلاع أكثر على هذه النقطة أحيل المهتم على القانون الإداري بالمغرب.
وفي الأخير أقول حتى وإن افترضنا جدلا، بأن هناك استفادة من امتياز مالي لهذه الفئة أو تلك، فما الضرر الذي سيلحق الفئة الأخرى. فهل سينقص ذلك من أجورهم؟ أم ستخرج المبالغ من جيوبهم؟
إن بعض أنماط التفكيرالتي تعشعش لدى البعض من أفراد التعليم حول التمايز والتفاضل بين الفئات، لا ترقى إلى المستوى الذي ينبغي أن تتبوأه هذه الشريحة من المجتمع بمختلف فئاتها، وهي الساهرة على المنظومة التربوية. فكل الفئات تكون تركيبة نسقية كأعضاء الجسم أو مكونات محرك لكل عضو أو مكون دوره. ليس هناك جزء أفضل من اللآخر. وإنه ليحز في النفس أن ترى مثل هذه المواقف والأفكار مستشرية بين أفراد هذا القطاع الذي يعتبر قاطرة المجتمع في بناء القيم و الأخلاق. والمفتشون بحكم دورهم التأطيري ملزمون بترسيخ سمو الفكر الذي ينهل من القيم الإسلامية والقيم الكونية. الفكر الذي يرفض التعالي والتفاخر والتفاضل بين الأفراد والمجموعات باعتبار انتماء معين .

بنيونس السائح

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *