مثلك لا يودع

باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين.أيها الإخوة والأخوات ، اليوم نحتفل بتكريم أخينا ميمون بوصحابة ، وهذا اقل الواجب الذي نقوم به . واليعذروني أخي ميمون ، إن كنت لا أعرف كيف أرتب كلماتي ولا كيف أصوغها ، لأني لا أجيد الكتابة بقلمي القزم العاجز وحروفي الهزيلة أمام عملاق شخصيتك . أخوتي الكرام أخواتي الكريمات ، لقد ولد أخونا ميمون بأحفير سنة 1950، والتحق بمدرسة بوتان الابتدائية بأغبال وتابع دراسته بإعدادية سيدي محمد بن عبد الرحمان بأحفير، ثم انتقل بعد ذلك إلى ثانوية أبي الخير بأبركان ، وفي سنة 1973 غادر الثانوية ، بعد أن حصل على الباكالوريا في الآداب العصرية وشد الرحال إلى جامعة محمد بن عبد الله بفاس ليتخرج منها سنة 1977 حاملا للإجازة في الأدب العربي . و يشاء الله أن يعين أستاذنا ميمون بنفس الإعدادية التي درس فيها وهي إعدادية سيدي محمد بن عبد الرحمان بأحفير أستاذا للغة العربية ، ليقضي بها أربع سنوات .وبعد ذلك عين من جديد أستاذا للغة العربية بثانوية النهضة التأهيلة بأحفير ليقضي بها هذه المرة 6 سنوات . وفي شتنبر 1987 يرحل أخونا بوصحابة ميمون الإبن البار لأحفير بعيدا عنها بجسده ، ولكن قلبه ، وكل كيانه ظل متعلقا بها ولا زال ، فحسابه البنكي في أحفير ، وتمويله الشهري من أحفير وحتى شواهد ميلاد كل أبنائه تأتي من أحفير ، ليعين حارسا عاما للخارجية بورززات إلى غاية 1991 ،ثم انتقل إلى تاوريرت ليقضي بها سنتين ، وفي شتنبر 1993 عين مديرا بتويست ليرحل عنها سنة 1996 إلى تافوغالت ويبقى بها مديرا إلى سنة 1999 ثم يعود مرة أخرى إلى أبركان كمدير بثانوية الليمون ويبقى بها إلى سنة2003 . وأخيرا شاء الله أن يستقر به المطاف بثانوية عبد الله كنون بوجدة ليديرها لمدة 8 سنوات.أرأيتم أيها الإخوة والأخوات ، كيف أن الحياة عجلة تدور، وأن أخانا ميمون معها يجري ليحقق رسالته ، التي آمن بها ، ويلهم الأجيال العلم والمعرفة ، وينير لهم طرق الحق و دروب المستقبل ، دن أن يحور عن مبادئه أو يبتعد عن دينه ، . فقد آمن بالقيم النبيلة والأخلاق الحميدة ، و أدرك بعقله الثاقب أن المرء لمثل هذا اليوم يخلص في عمله ، ويكثر من الخير، فتعامل مع كل الزملاء ، كل حسب عقليته ، ليمتص في النهاية غضب الجميع ، صحيح يغضب أستاذنا أحيانا ، ولكن رد فعله يكون راقيا ، ولا يترك إلا ألأثر الطيب في النفوس . وحينما تعلق الأمر بالمبادئ والكرامة ،كنت جبلا لا ينحني ، فقلت للوزير لا ، وأرشيف المراسلات يشهد على صدق ما أقول ، وغيرك لبى وركع لمدير الأكاديمية . أخي ميمون ليس منا من ينكر بعدك عن العاطفة ، ووضوح ردك إذا كان الأمر جديا ، تحب الصراحة والصدق وتتمتع بالشفافية الكاملة ، وتكره الوشاة والمشائين بنميم ، متواضع في غير مسكنة ، ولا مهانة أو مذلة ، شديد من غير عنف ، ولا تفريط في هيبة . وإذا احتد النقاش و الاختلاف لا تتعصب لرأيك ولا تفرق بين من يخالفك أو يوافق ، لأنك آمنت بأن الاختلاف رحمة . أخي الكريم كنت أمينا على الطريق الذي رسمها لك الأفضلون من أب وأعمام قاوموا الاستعمار ، وعلموك مقاومة الجهل، كما علموك أن التضحية من أجل هذا الوطن هي جوهر الإيمان ، فاستوعبت الدرس ، ولم تفكر في راحة نفسك ، لعظم الأمانة وثقل المسؤولية ، علمت الأجيال القادمة كيف يحبون لغتهم ووطنهم ،.ومنحتهم عصارة تجاربك التربوية ، أتقنت تدبير الإدارة ، وكنت لأصدقائك قدوة ومستشارا ومعينا ، وأحسنت خدمة الأساتذة والمتعلمين . ويوم عينت ناظرا بثانوية عبد الله كنون ،دهشت لاتصال العديد من الأصدقاء ، وكلهم قلبه عليك ، وخطابه الإطراء والإشادة بك، ثم التحذير من الإساءة إليك . ولا أنكر عليك ، فلقد أسأت يوم ذاك الظن بصداقتهم لي ، وأصابتني الغيرة منك ، وقلت في نفسي هل يعتقدون أنني شرير إلى هذا الحد؟ وأنه خير إلى هذه الدرجة ؟ولم أعرف حقيقة ما كانوا يرمون إليه ، إلا بعد معاشرتك ، وعند ذاك فقط عرفت سر توصيتهم بك خيرا . أخي ميمون عرفناك كريما ، والكرم فيك أصل. لفعل الخير أنت سباق، وإذا قلت لا، فالمقصود عندك نعم، اعتليت عنوة قلوبنا، واستوليت على وجداننا، وفزت بمحبتنا، فاستحال علينا توديعك. بكت عيون لمجرد التفكير في وداعك ، ويوم رأيتك تحمل أوراقك ، وتسلم مفاتيح مكتبك ، وإدارتك ، دمعت عيناي حتى لا ترى حقيقة ما يخبؤه القدر للواحد منا .أخي الكريم . إن مثلك لا يودع ، فأنت ممن يستحيل مفارقته ، وإن قلنا لك وداعا ، فاعذرنا ، فنحن لا نقصد ، لأن الوداع لفظ متحد . لكنه باختلاف الناس يختلف .أخي الكريم كثيرا ما حدثتني عن أمنيتك على الله العظيمة عظم قدرك ، ألا وهي حفظ القرآن الكريم ، لأن قلبك النافذ المؤمن ، أدرك قول رسولنا صلى الله عليه وسلم : { يقال لصاحب القرآن ، اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها }. كم تمنيت أن نحقق لك هذه الأمنية ، ولكن هذا الأمر لا نملكه نحن ومن في الأرض جميعا ، وإن كنا نملك لك الدعاء . فاللهم حقق لأخينا أمنيته ، وحفظه كتابك الكريم .أخي الكريم نحن بدورنا لنا أمنية عندك ، نرجو أن تحققها لنا ، فلقد حفظت عن الأفاضل من المقاومين ،أب وأعمام وأخوال …حقيقة تاريخ مقاومة الاستعمار ، فانشرها ، أخي ، ليحفظها عنك الأخيار و لا تترك المتطفلين على التاريخ من الأغيار يروون للأجيال القادمة الأكاذيب والترهات من الأخبار.أخي الكريم إن مثلك لا يودع ولا يكرم ، لأن المرء لا يكرم في بيته ، وهذه قلوبنا كلها بيتك . وما يصبرني على فراقك إلا




1 Comment
MILLE FOIS JE VOUS SALUE MONSIEUR BOUSHABA POUR TON PARCOURS DE COMBATTANT .POUR TOUT CE QUE VOUS AVEZ DONNE ET CE QUE VOUS AVEZ CULTIVE .