الانتخابات المصرية: معركة معقدة… ونتيجة معروفة!

«بالغ التعقيد»، إنه الوصف الذي ينطبق على المشهد السياسي المصري قبل أسبوع من الانتخابات البرلمانية، وعلى رغم ذلك، فإن كل التوقعات تشير إلى أن الحزب الوطني الحاكم سيحصل على النصيب الأكبر من المقاعد مثل كل انتخابات أُجريت منذ تأسيس الحزب الذي ورث «حزب مصر» الذي ورث بدوره الاتحاد الاشتراكي. أما لماذا يبدو المشهد بالغ التعقيد فلأن كل الأحزاب والقوى المشاركة في الانتخابات تعاني أوجاعاً واضطرابات داخلية بصورة تفوق تحدي منافسة القوى السياسية الأخرى على مقاعد البرلمان، وحتى الحزب الوطني أيضاً يعاني! ففي حين عانت الأحزاب من عدم القدرة على ترشيح رموز لها للمنافسة على كل المقاعد المطروحة في الانتخابات، فإن مشكلة الحزب الحاكم هي العكس تماماً، إذ فاق عدد الراغبين في خوض الانتخابات والترشح على قوائم الحزب والمشتاقين للفوز بمقاعد البرلمان عدد المقاعد التي ستجرى عليها المنافسة، ولذلك لجأ الحزب الى ابتكار، ودخل التاريخ عندما سجل انفراداً من بين كل الأحزاب السياسية على مستوى العالم. فوفقاً للنظام الانتخابي المصري، فإن كل دائرة انتخابية يخصص لها مقعدان أحدهما للعمال أو الفلاحين تنفيذاً لمواد الدستور الذي يشترط أن يمثل الفلاحون والعمال بنسبة لا تقل عن 50 في المئة في البرلمان، لكن الحزب الوطني لم يطرح اثنين من المرشحين في كل دائرة ليتنافسا مع باقي مرشحي الأحزاب والقوى السياسية الأخرى أو المستقلين، وإنما لجأ إلى طرح أكثر من مرشح للتنافس على المقعد الواحد! ليبدو أن النزال ليس بين مرشح «الوطني» من جهة وبين مرشحي باقي الأحزاب الأخرى أو مرشح «الإخوان» أو المرشحين المستقلين من جهة أخرى، ولكن يضاف إلى هؤلاء مرشح ينتمي إلى الحزب الحاكم أيضاً!
طرح قادة الحزب مبررات لم تكن مقنعة للبعض، لكن بدا واضحاً أن الحزب يسعى إلى تفادي حدوث انشقاقات بين أقطابه فابتكر فكرة «الدوائر المفتوحة» ليتنافس فيها أكثر من مرشح ينتمي إلى الحزب على مقعد واحد. قد يؤدي ذلك إلى تفتيت الأصوات في بعض الدوائر ليفوز بالمقعد مرشح لا ينتمي إلى الحزب مثلاً، لكن تلك قضية أخرى. والأهم الآن أن غالبية الذين رغبوا في الترشح على لوائح الحزب وتم استبعادهم تماماً غاضبون، ونظم بعضهم ومعهم مؤيدوهم وقفات احتجاجية واعتصامات لا تختلف عن تلك التي تنظمها فئات من الشعب المصري في أنحاء مختلفة وعلى فترات متقاربة للمطالبة بتحسين الأجور أو صرف علاوات أو حوافز. هؤلاء الغاضبون لم يتوقفوا عند الاحتجاج وإنما هدد بعضهم بدعم مرشحي «الإخوان» في الانتخابات نكاية في حزبهم «الوطني»!
أما جماعة «الإخوان المسلمين» التي عارض بعض أعضائها مبدأ المشاركة في الانتخابات من الأساس على اعتبار أنها ستزور، وأن الحكومة ستلجأ إلى العبث بالصناديق، فإن مرشحيها أيضاً يخشون من عدم التزام كل أعضاء الجماعة بالتوجه إلى لجان الاقتراع ليفقدوا ميزة ظل مرشحو «الإخوان» يتميزون بها عن باقي المرشحين في أي انتخابات. الأمر نفسه ينطبق على مرشحي أحزاب الوفد والتجمع والناصري، حيث برزت معارضة شديدة لمبدأ المشاركة. وعلى ذلك، فإن المرشحين في الانتخابات المصرية من كل الأحزاب وكذلك «الإخوان المسلمين» يخوضون معارك في اتجاهات متعددة. كل ذلك يحدث ونتيجة الانتخابات تكاد تكون معروفة سلفاً ليبدو المشهد بالغ التعقيد على رغم أن النتيجة بالغة الوضوح!




Aucun commentaire