Home»National»هل يمكن الحديث فعلا عن غزو ثقافي؟؟

هل يمكن الحديث فعلا عن غزو ثقافي؟؟

0
Shares
PinterestGoogle+

لنحدد ابتداء مفهوم العلم ومفهوم الثقافة حتى يتسنى لنا الاستنتاج إن كان في الإمكان الحديث عن غزو ثقافي وهل من الممكن لمجتمع ما كالمجتمع الغربي أن يركز على العلم دون الثقافة؟ وهل الثقافة هي شيء يركز أو لا يركز عليه؟
فالعلم في أحسن تعاريفه، بغض النظر عن المعاني اللغوية المتشعبة، هو المعرفة التي تؤخذ عن طريق الملاحظة والتجربة والاستنتاج كعلم البيولوجيا والكيمياء وغيرهما من العلوم .
وإذا أردنا أن نعقد مقارنة ما بين العلم والثقافة فلامناص من أنهما يلتقيان في كونهما معرفة ويختلفان في مجموعة من الأمور منها أن العلم مشاع، وكما يقول الدكتور محسن عبد الحميد مخاطبا المسلمين: العلم ليس كافرا أي لا يمكن تصنيفه ضمن دين أو مذهب أو أي توجه ، وبمعنى آخر هو عالمي لا وطن له، فلا تختص به أمة من الأمم دون الأخرى، وإنما هو مشترك بين جميع الأمم ، أما الثقافة فهي خاصة بأمة معينة ويمكن أن تكون خاصة حتى بمجتمع ما، لأن السلوكيات التي تنتج عن فكر منتشر تخلق ثقافة سارية المفعول داخل المجتمع وكأن الناس بتعاطيهم مع بعضهم ينتجون علاقات وسلوكيات ومعاملات تخلق الثقافة المتعارف عليها.

ولهذا فعندما نتكلم عن غزو ثقافي فإن الغرب استطاع إلى حد بعيد سلخ الكثير من أبنائنا عن ثقافته الأصلية سواء من حيث طريقة حلاقة الشعر وطريقة ارتياد اللباس ولم يخطئ هذا حتى المرأة العربية التي كانت إلى حد قريب تكره الشيب وكلما برزت شعرة بيضاء في رأسها إلا بادرت إلى إخفائها بالحناء أو الأصباغ خوفا من أن يقال طاعنة في السن.

فالغرب من خلال منتوجه الثقافي الذي يعمل على تصديره لنا صارت المرأة العربية تنفق المال من جيبها أو جيب زوجها لتحصل على شعيرات بيضاء في رأسها وهي في كامل السعادة والتباهي. الغرب أقسم أن يخرج المرأة العربية من حشمتها وعفتها فصدر لها المينيجيب والميكروجيب والسراويل والأقمصة التي تظهر البطن. وكان في مجتمعي والبيئة التي تربيت فيها من العيب أن ترى شابا أو رجلا متدلي السروال لأنه كثقافة كان يمثل لدينا الكسل وانعدام المروءة. ومعناه أن هذا الشاب أو هذا الرجل لا يستطيع حتى أن يوقف سرواله لتبدو عليه هبة الرجل ووقفة الفحل. فمن أين جاءتنا هذه السراويل التي يتخطفها الشباب العربي في الأسواق ودون حياء يلبس سروالا متدليا قد قطع نصفه الأعلى فصار شبه سروال يرتديه شبه رجل. الغرب من موقع قوته وهيمنته عندما يصدر لنا سلعة ما، فهو يبعث معها طريقة الاستعمال أي منهاجا معينا بالطريقة التي يراها. وإذا كانت جل إشهاراتنا المتلفزة مأخوذة من الغرب فإن الإشهار لا يقدم السلعة بقدر ما يقدم نمطا في العيش والحياة. فالإشهار يقدم لنا قنينة من الزيت لكن بالقرب منها امرأة فاتنة عارية والكاميرا تركز على المرأة أكثر من تركيزها على القنينة. وكأن قنينة الزيت هي من تقوم بدور الإشهار وتقدم لنا المرأة. أما إشهارات المعجون والعطور فحدث ولا حرج فالعطر بمجرد أن يضعه الرجل تأتيه الأنثى راغمة في الحين. وهناك معجون أسنان أصلا اسمه بالفرنسية »très près  » أي قريب جدا وبمعنى آخر الفم عند الفم..والإشهار الذي يقدم هذا المنتوج يقدم حياة كاملة لشباب وشابات très près .
فلنرجع إلى العلم فهو يؤخذ أخذاً عالمياً دون قيود، لأنه محصلة إسهام الأمم كلها، وهو في ذلك يخالف الثقافة التي لا يجوز أخذها من الأمم الأخرى. .

كما إن العلم معرفي أكثر منه عملي، في حين أن الثقافة سلوك أكثر منها معرفة، فهي علم وعمل فكر وسلوك في وقت واحد تماما كما عرفها المفكر الإسلامي الذي سبق عصره مالك ابن نبي إذ قال الثقافة نظرية في الفكر ونظرية في السلوك.
وإذا كان العلم جزءا من الثقافة لأنه لا يتصف بصفة واحدة مميزة كما هو حال الثقافة التي هي أعم وأشمل فإننا لا نستطيع أن نقول أن شعبا ما يهتم بالعلم ولا يهتم بالثقافة. كما أننا لا نستطيع أن نقول في شعب بأنه غير مثقف لأن لكل شعب ثقافته الدائبة في سلوكه ونمط عيشه ولبسه وتعامله. إلا إذا كان المقصود من الثقافة هي الكم الهائل من المعلومات الجغرافية والتاريخية وسلوك الأمم والدول والشعوب. فالثقافة تشمل كل المجتمع وتعبر عنه في شتى مجالات الحياة. تماما مثلما نتحدث عن الثقافة الإسلامية التي تتجلى في طريقة الحياة التي يعيشها المسلمون في مختلف مجالات الحياة وفقا للإسلام وتصوراته المادية والروحية والفكرية إذ هي ثقافة شاملة تشمل العلم والعمل والفكر والسلوك القائم على تعاليم الإسلام وتوجيهاته وأحكامه.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *