Home»Correspondants»ماذا يمكن أن يستفيد المسلمون من غزوة بدر الكبرى ؟؟؟

ماذا يمكن أن يستفيد المسلمون من غزوة بدر الكبرى ؟؟؟

0
Shares
PinterestGoogle+

يحتفل العالم الإسلامي اليوم بذكرى غزوة بدر الكبرى التي أحق فيها الله تعالى الحق وأبطل الباطل وقطع دابر القوم الكافرين ، وهي ذكرى تصادف السابع عشر من شهر رمضان الأبرك ، وبعض بلدان هذا العالم تعيش تحت احتلال قوم كافرين ، وتعاني من باطل لا يقل عن الباطل الذي استأصلت شأفته غزوة بدرالكبرى ، ولكن هل سيستفيد هذا العالم من غزوة بدر ليحق الله تعالى الحق كما وعد عباده المؤمنين المخلصين ويبطل الباطل ويقطع دابر القوم الكافرين الجدد ؟ كل المسلمون يشعرون بالفخر والاعتزاز وهم يستعرضون النصر العظيم الذي أهداه رب العزة للمسلمين في بدر ، ولكنهم قد لا يتجاوزون هذا الشعور إلى الوعي بأن الله تعالى قد تعبدهم بغزوة بدر كما تعبدهم بغيرها مما عرفته حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله عز وجل إسوتهم وقدوتهم في كل أحواله سواء تعلق الأمر بسلم أم بحرب . وليس من قبيل التسلية أو تجزية الوقت ذكر القرآن الكريم لغزوة بدر بتفاصيلها لأن القرآن الكريم هو كلام الله الذي يتجاوز الزمان والمكان ولا يمكن أن يعامل كما يعامل كلام البشر الذي يأسره الزمان والمكان ، وتنقضي قيمته بمرور زمانه وتحول مكانه . فالقرآن الكريم كلام الله المصمم لينسحب على أحوال البشرية إلى نهاية العالم وقيام الساعة لهذا فقصصه وإن تعلق بأزمنة وأمكنة في الماضي فإنه يعني البشرية من حيث مغزاه في كل وقت وحين . فقصة غزوة بدر هي قصة حرب بين الحق والباطل، حق تقف وراءه فئة القلة والذلة ، وباطل تقف وراءه فئة الكثرة والعزة . والحق عندما يحارب الباطل لا يبالي بكثرة ولا بعزة هذا الباطل الزائلتين ذلك أن طبيعة الباطل الزوال مهما كثر عدده وتعددت عدده واشتد بأسه . ولقد تكررت قصة بدر عبر تاريخ البشرية عندما كانت فئة الحق المستضعفة تواجه فئة الباطل المستكبرة وتتغلب عليها بنصر يصنع الله تعالى وفق قانون الغلبة للأقوى ولكن قوة الحق لا قوة المادة التي يعول عليها الباطل وحدها . وقبل أن يشرع الله تعالى القتال للفئة المؤمنة ضد الفئة الكافرة كان يتولى سحق فئة الباطل عبر التاريخ بالقوارع المختلفة ، فلما كتب القتال على فئة الحق كان في ذلك نكاية في فئة الباطل حيث ينصر الله تعالى الفئة القليلة على الفئة الكثيرة فيكون ذلك خزيا لها إذ تنهار قوتها أمام ضعف غريمتها ، وما أشد وقع الهزيمة على الكثرة عندما تأتي على يد القلة كما كان الحال مع طالوت ضد جالوت ، وكما كان الحال في غزوة بدر الكبرى . قد يتعجب البعض من غلبة الفئة القليلة التي تكون على حق للفئة الكثيرة التي تكون على باطل ولكن القرآن الكريم يدفع هذا العجب عندما يحدد شروط غلبة الفئة القليلة للفئة الكثيرة ، فقد جاء في سورة الأنفال قبل سرد أحداث غزوة بدر بتسجيل إلهي دقيق ذكر أوصاف الفئة المؤمنة حقا والتي يتحقق لها النصر بالرغم من قلتها وذلتها وهو قوله تعالى : (( إنما المؤمنون الذي إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا )) فالإيمان الحق هذه هي أوصاف أصحابه ، وهي وجل القلوب إذا ذكر الله عز وجل ، وزيادة الإيمان إذا تليت آياته والتوكل عليه ، وإقامة الصلاة والإنفاق في سبيل الله . هذه هي أوصاف فئة الحق التي وعدها الله تعالى بالنصر بالرغم من قلتها وذلتها . ولقد جاء في كتاب الله عز وجل : ((ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة )) وفي هذا القول قطع السبيل على كل من يتذرع بالذرائع الواهية للتقاعس عن مواجهة فئة الباطل في كل عصر ومصر . فلو أن الله تعالى ربط النصر بالعزة لوجد المتقاعسون في ذلك ذريعة ، وقالوا إننا قلة وذلة وهذا عذرها في قعودنا وتقاعسنا عن مواجهة قوة وجبروت الباطل . وفي وصف الله تعالى لأطوار غزوة بدر ما يفيدنا في هذا الزمان ونحن نعاني من ظلم قوى الباطل في أرض الإسراء والمعراج وأرض العراق وأفغانستان وغيرها . لقد أخرج الله تعالى رسوله من بيته بالحق من أجل أن يعترض قافلة أبي سفيان لتكون عونا له على مواجهة قوة الباطل في مكة ، وصور لنا القرآن الكريم حالة مجموعة من المؤمنون الذين كرهوا هذا الخروج وجادلوا رسول الله فيه وكانوا كأنهم يساقون إلى الموت وهم ينظرون . وكانت رغبة البعض الآخر اعتراض قافلة العير للحصول على الأنفال ، ولكن الله تعالى حال دون هذه الرغبة ، وأمر رسوله صلى الله عليه أن يواجه قافلة النفير ذات الشوكة من أجل إحقاق الحق وإبطال الباطل وقطع دابر الكافرين . وهذه قاعدة إلهية سارية إلى قيام الساعة ذلك أن الله عز وجل لا يريد لفئة الحق أن يكون خيارها مواجهة اللقاء السهل اليسير إذا ما تعلق الأمر بإحقاق الحق وإزهاق الباطل ، لأن إزهاق الباطل يتطلب كسر شوكته. وهنا لا بد لنا من وقفة اعتبار ذلك أن بعض الناس في عصرنا يودون لو أن غير ذات الشوكة تكون لهم لهذا يراهنون على مسلسلات السلام وخرائط الطرق ويرجون من ورائها تحرير الأرض من الباطل ، والله تعالى إنما يحرر الأرض من الباطل عن طريق قطع دابر الباطل من خلال مواجهة فئة الحق لفئة الباطل ذات الشوكة . فكل طلب لاسترجاع الحق بغير مواجهة شوكة الباطل هو من قبيل الرغبة في مواجهة غير ذات الشوكة حسب التعبير القرآني. وكذلك شأن الذين تنكبوا مواجهة ذات الشوكة ، وفضلوا غير ذات الشوكة من قبيل إعطاء قوى الباطل في العالم ذرائع للمزيد من احتلال أراضي المسلمين بحجة مواجهة الإرهاب لأن الذين فضلوا غير ذات الشوكة وجدوا في بعض الأعمال الخاطئة ضالتهم وكان الأجدر بهم أن يوجهوا هذه الأعمال إلى قلب الباطل في أرض الإسراء والمعراج التي تئن من الاحتلال الصهيوني الغاصب لأكثر من ستة عقود عوض مساعدة قوى الباطل على إضفاء الشرعية على المزيد من الاحتلال كما وقع في العراق وأفغانستان .فلو أن الطائرات التي انفجرت في مركز التجارة العالمية ، وهي يومئذ غير ذات شوكة بمن كان فيها من مدنيين انفجرت بمقر الحكومة الإسرائلية ، أو فوق المستوطنات لكان لها شأن غير شأنها اليوم وقد نجحت قوى الباطل في ركوبها للتمادي في الباطل . فالقاعدة الإلهية هي أن تواجه الفئة المؤمنة حقا الطائفة ذات الشوكة لا الطائفة غير ذات الشوكة إذا ما أريد إحقاق الحق وإبطال الباطل وقطع دابر هذا الباطل . ولقد سرد علينا القرآن الكريم مقدمات وأطوار ونهاية مواجهة الفئة الذليلة القليلة للطائفة ذات الشوكة بعد اختبار الله عز وجل لإيمان فئة الحق التي استنجدت بربها سبحانه لأنها كان تجيد التوكل عليه فجاءت استجابته فورية وهي المدد الملائكي الذي جعله الله بشرى للمؤمنين حقا وطمأنة لقلوبهم مع أن النصر بيد الله لا بسبب المدد الملائكي ، وهو مدد شارك في النزال ، وقام بتثبيت المؤمنين بأمر من الله عز وجل . ولم يكن المدد الملائكي هو البشارة الوحيدة بل صحبته بشارات أخرى كالنعاس الأمنة الذي لا يمكن أن يراود أجفان فئة قليلة تهددها فئة كثيرة بالويل والثبور وعواقب الأمور. ولقد كان النعاس بشارة تطمئن القلوب ذلك أن الاستفادة من النعاس والتنعم به في ساعة الشدة والحرج دليل على قوة العزيمة إذ لا ينام إلا مرتاح البال لوعد الله عز وجل الناجز .وكانت بشارة المطر المطهر من رجز الشيطان الرابط على القلوب المضطربة المثبت الأقدام الخائرة إذ زاد هذا المطر الأجساد المتعبة قوة وحيوية ونشاطا وكان للطهارة به أثر في القلوب التي ثبتت الأقدام . وكان لتثبيت الملائكة أيضا أثر في ثبات المؤمنين إلى جانب أثر النعاس والغسل والشراب . وكل تلك المبشرات لم تصنع النصر حتى تدخل الله تعالى بسلاح دمار شامل وهو إلقاء الرعب في قلوب الذين كفروا ، ذلك أن القلوب بيد خالقها وهو يقلبها كيف يشاء ، فقلب قلوب عباده المؤمنين على الثبات ، وقلب قلوب الكافرين على الرعب ، وهو سلاح لا يوجهه سلاح مهما كان ، وكان النزال بعد سلاح الرعب كفيلا بترجيح كفة الفئة القليلة الصابرة المحتسبة التي ثبت الله عز وجل قلوبها بالبشارات المختلفة من مدد ملائكي ونعاس ومطر . فهل ستستفيد الأمة في عصرنا هذا من غزوة بدر ، وهي غزوة سردها علينا القرآن الكريم لتكون لنا إسوة بكل دقائقها . فلا بد أولا أن ندفع ثمن الإيمان الحق من خلال وجل إذا ذكر الله تعالى لا يغادرنا ، ومن خلال إيمان يزداد كلما تليت علينا آياته ، ومن خلال توكل عليه ، ومن خلال إقامة الصلاة والإنفاق في سبيل الله ، ثم بعد ذلك التفكير في الطائفة ذات الشوكة عوض التفكير في الطوائف غير ذات الشوكة من مسلسلات سلام وخرائط طرق ، وإهدار الجهد بعيدا عن ساحة الطائفة ذات الشوكة ، والاستغاثة بالله تعالى من أجل الظفر بالبشارات التي قد تختلف عن بشارات أهل بدر في نوعها وشكلها ، ولكنها بشارات تطمئن القلوب وتثبت الأقدام في انتظار نزال تخوضه الملائكة جنبا إلى جنب مع المؤمنين حقا ، وفي انتظار أن يضرب الله عز وجل بقنبلة الرعب في قلوب الكافرين وهي سلاح دمار شامل يحسم المعركة بنصر الله عز وجل وإحقاق الحق وإزهاق الباطل وقطع دابر الباطل وأهله .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *