Home»Islam»مجلة الأيام ومحاولة رفع القداسة عن شخص النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم

مجلة الأيام ومحاولة رفع القداسة عن شخص النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم

0
Shares
PinterestGoogle+

تناولت مجلة الأيام المغربية في عددها 420 بتاريخ 25/03/2010 موضوع حياة الرسول صلى الله عليه وسلم مع نسائه ، وفيما يلي مقدمة المقال كما جاءت كاملة في المجلة :  » النبش في السيرة النبوية للرسول محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا حينما يتعلق الأمر بعلاقته بنسائه اللواتي هن أمهات المسلمين أشبه بالسير فوق حقل ألغام. فأمام ضرورة الحديث عن صورة الرسول كبشر ، وصورته كنبي يمكن أن نسقط في المحظور، خصوصا وأننا أمام نبي يصفه القرآن بأحسن خلق الله لقوله تعالى : (( وإنك لعلى خلق عظيم )) في هذا الملف  » بورتريهات  » لعدد من نساء محمد عليه الصلاة والسلام من خديجة إلى عائشة وهند وصفية .. وفيه صور عن الطريقة التي عامل بها نساءه ، وفيه رأي لفقيه وعالم جليل كتب في الماضي عن  » حب الرسول للنساء  » وهو العلامة المغربي عبد الله كنون ، وشرح مستفيض لعبد الباري الزمزمي لحكاية التعدد الذي كان مباحا للنبي بنص قرآني . إنها عودة للتراث الملتحف بالمقدس ، وهي تبين لنا أن هذا الماضي كان أكثر انفتاحا وشفافية وليونة من تجهم الحاضر من خلال بعض المتجهمين، إنها صورة نبي هو خير المرسلين ، وهو بشر مثلنا كان لطيفا بالقوارير  » انتهت مقدمة المقال.
أ

ول ما يلاحظ عن هذه المقدمة أنها تضمنت ألفاظ وعبارات ليست برئية وبدون خلفية ، وهي كالآتي : / النبش في السيرة / أشبه بالسير فوق حقل ألغام / صورة الرسول كبشر/ وصورته كنبي / يمكن أن نسقط في المحظور/ بورتريهات لعدد من نساء محمد صلى الله عليه وسلم / التراث الملتحف بالمقدس / الماضي كان أكثر انفتاحا وشفافية وليونة / من تجهم الحاضر / من خلال بعض المتجهمين /
فلفظة  » النبش  » تدل على كشف المستور وإبرازه واستخراجه ، ويرتبط النبش في الاستعمال اللغوي بالكشف عما لا يجوز ، ومن ذلك نبش القبور المحرم في شرعنا. فصاحب المقال يعبر عن نيته المبيتة وهي النبش وليس البحث. ولا يوجد ما هو مستور في حياة الرسول الأعظم الذي جعله الله عز وجل قدوة للمسلمين أسوة . ومما يدل على سوء نية صاحب المقال هو قوله بعد ذلك أن النبش في السيرة خصوصا عندما يتعلق الأمر بعلاقة النبي بنسائه أشبه بالسير فوق حقل ألغام . فالمعروف في السير فوق حقل الألغام أنها مغامرة غير محمودة العواقب، ولا يمكن أن ينطبق هذا التشبيه على التعاطي مع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع نسائه والتي ليس فيها ما يخجل منه أو يعاب أو ما ينبش بل هي حياة نبي من أسمائه الطاهر صلى الله عليه وسلم مع نسائه أمهات المؤمنين الطاهرات . ولا يمكن أن يعتبر التعاطي مع حياة الرسول الأعظم في علاقته مع نسائه كالسير فوق حقل ألغام إلا صاحب نية مبيتة يعتقد أن في حياة النبي مع نسائه ما يوجد في حياة الناس العاديين من النقائص وأمور مخجلة مع أن الله عز وجل يقول في سورة الأحزاب : (( يا نساء النبيء لستن كأحد من النساء إن اتقيتن )) وما عرف عن أمهات المؤمنين إلا التقوى وبالتالي لسن كأحد من النساء ، وليس الزوج الرسول الأعظم بالضرورة كأحد من الرجال .

وهو بشهادة الوحي على خلق عظيم فليس في التعاطي مع أحواله الشخصية ما يدعو لتشبيه هذا التعاطي بالسير فوق حقل من الألغام لأن قضية قدسية حياة النبي صلى الله عليه وسلم محسومة بالنص القرآني الصريح الذي لا يقبل تأويلا أو تخريجا . وكان من المفروض أن يقف صاحب المقال عند هذا الحد ليكون كلامه بعد ذلك بلا معنى ولا جدوى . ومما يؤكد سوء نية صاحب المقال في التعاطي مع الحديث عن حياة الرسول الأعظم قوله أيضا أن ضرورة الحديث عن صورة الرسول كبشر ،وصورته كنبي يمكن أن نسقط في المحظور. فالمحظور هو الممنوع والمحرم والمفهوم من كلام صاحب المقال من خلال ذكر صورة الرسول كبشر وصورته كنبي أن المحظور المقصود هو النزول بالنبي من مرتبة النبوة وما تقتضيه من قداسة إلى مرتبة البشر العادي وما يناسبها من رفع القداسة عنها. وهو طرح يوحي بانفصام لدى صاحب المقال في فهم ظاهرة النبوة ، ذلك أن النبوة لا تبارح شخص النبي الكريم الذي جعله الله عز وجل في صورة بشر ولكن بروح مقدسة لا تجعل البشري يطغى ويغلب على المقدس في شخص النبي الكريم . وإذن فلا محظور كما توهم صاحب المقال ،وإنما هو إعداد القراء لقبول حديث عن النبي الكريم لا يختلف عن حديث عامة الناس وسوقتهم ورعاعهم.

وأما قوله  » بورتريهات  » لعدد من نساء النبي فالمعروف عن لفظة « بورتري » أنها تفيد رسم صورة الإنسان شمسيا أو بريشة الرسام أو بقلم الواصف ، وتتعلق بشكله الخارجي ، وهو ما لا يناسب أمهات المؤمنين بل هو عمل من سنخ الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لشخص النبي الكريم في الدنمارك وغيره. وقد نهى الله تعالى عن إذاية الرسول الأعظم في نسائه فقال سبحانه وتعالى في سورة الأحزاب أيضا : (( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبيء فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما )) فبموجب هذه الآية يكون صاحب المقال وهو يريد رسم  » البورتريهات » لأزواج النبي قد تعمد إذاية النبي ، ووقع في الأمر العظيم الذي نهى عنه الله عز وجل بنص صريح لا يقبل تأويلا . وأما قول صاحب المقال : إنها العودة إلى التراث ففيه دليل على قناعته وموقفه من الدين إذ شتان بين الدين والتراث ، ولا أدل على أنه إنما يعتبر الدين مجرد تراث قوله بعد ذلك مباشرة الملتحف بالمقدس . ومعلوم أن الالتحاف هو اتخاذ اللحاف وهو الغطاء الفوقي أو الخارجي الذي يتستر به ، وقد يكون للتمويه .

فالدين في نظر صاحب المقال حسب منطوق عبارته إنما هو تراث يلتحف أو يتستر بالمقدس ، وليس مقدسا في حد ذاته وبطبيعته . وأما قول صاحب المقال : أن الماضي ـ ويقصد به حياة النبي صلى الله عليه وسلم مع أزواجه ـ كان أكثر انفتاحا وشفافية وليونة من تجهم الحاضر. فالانفتاح نقيض الانغلاق ، وعندما توصف أحوال النبي الأكرم الشخصية بالانفتاح والشفافية فهذا يوحي بأنها كانت حياة مكشوفة على غرار حياة البشر العاديين في أحوالهم الشخصية وما فيها من ابتذال ـ حاشا النبي الكريم ، وتقدس عن وصف صاحب المقال ـ . والمعروف في الجهوم أو الجهامة وهو العبوس أنه كريه ، وهو وصف نعت به صاحب المقال غيره ممن لا يتعرض لحياة النبي الأكرم الشخصية مع نسائه كما فعل هو ليعبر عن انفتاحه وشفافيته مقابل انغلاق غيره . فالانفتاح في نظره والشفافية والليونة هي الخوض في علاقات النبي صلى الله عليه وسلم مع أزواجه ، وتحديدا العلاقات الخاصة جدا وهي علاقات المعاشرة في الفراش ، كما أنها رسم البورتريهات لأزواج النبي الطاهرات . وبهذا التوصيف يكون صاحب المقال قد كشف عن هويته الحقيقية فهو من دعاة إسقاط الحياة العصرية على حياة النبي الأعظم لتنقلب الآية فتصير الحياة العصرية هي أسوة النبي وليس العكس .

ويبلغ الغرور بصاحب المقال مبلغه حيث يقول : إنها صورة نبي هو خير المرسلين ، وهو بشر مثلنا كان لطيفا بالقوارير . ففي قوله ، وهو بشر مثلنا تجاوز للقدر ذلك أن اشتراك النبي معنا في البشرية لا يجعلنا بالضرورة مثله لأن له العصمة وليس للبشر شيء من ذلك . ومن كانت له العصمة لم تكن أحواله الخاصة كأحوال البشر الخاصة بل هي مشمولة بالعصمة أيضا ، ولا مبرر لمقارنتها بأحوال البشر غير المعصومة . ولا أريد أن أخوض في عبارات المقال التي استهدفت رفع القداسة عن شخص النبي صلى الله عليه وسلم للتطبيع مع سوء الأدب معه والتجاسر عليه ، وهو أمر أوكله لأصحاب الشأن الديني للحكم عليه من أجل صيانة المقدسات من الابتذال من طرف من لا يحق له أن يتناول المقدس كما يريد في وسائل الإعلام ، ويحاول ذر الرماد في العيون للتمويه على سوء نيته وطويته ،والتظاهر باعتماده استشهادات من أقوال العلماء لإكساب سوء أدبه مع النبي الكريم الشرعية ، ولتبرير خوضه حربا مع من يخالفه التوجه العقدي والديني راكبا مناسبة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو فوق كل مزايدات إيديولوجية وسياسوية وحزبوية معروفة الغايات والأهداف .
تنويه : سقطت لفظة  » أن  » من الآية الكريمة من سورة الأحزاب المرجو اعتماد هذا النص عوض السابق لتجنب تحريف الآية الذي وقع سهوا لا عمدا

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. عصام
    05/05/2010 at 23:48

    جزاك الله خيرا و جعل دفاعك عن خير البرية صلى الله عليه و آله و سلم في ميزان حسناتك

  2. محمد وريمشي - أحفير
    06/05/2010 at 13:15

    لقد تكلمت يا أستاذ محمد شركي وأوفيت جازاك الله خيرا، وقد كان ردك بلسما شافيا ، أتمنا أن يصيب منه شيئا قلب صاحب المقال ، ليشفيه الله . آمين
    وأكثر من أمثالك، وجعلك ذخرا لهذه الأمة وبارك الله فيك

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *