Home»National»معاناة الحجاج المغاربة بالديار المقدسة

معاناة الحجاج المغاربة بالديار المقدسة

1
Shares
PinterestGoogle+

عندما
توجه الحجاج المغاربة الى الديار المقدسة فقد كانوا  يتوجهون قبل ذلك 
بإيمانهم الراسخ الى الله ، وتوكلهم واعتمادهم عليه  في كل ما سيصادفهم في
حلهم وترحالهم  من خير اوشر او صحة او مرض اوحياة اوموت، وقد اسلموا أمرهم
كله لله ، كما انهم قد افرغوا صدورهم من كل هموم الدنيا ، وعدم التفكير حتى في
الزوج والولد والمال ، لنخلص في نهاية الامر الى ان التوجه الى تلك البقاع المقدسة
يفرض على المؤمن ان يتخلص من كل هذه المشاغل التي ستشغله عن عبادته وأداء مناسكه ،
مما يتوجب عليه ان يترفع عن كل التبعات الدنيوية . فاذا كان الانسان سيسأل بعد
موته عمن يكون ربه  ونبيه وما هي عقيدته   كذلك سيسأل اثناء حياته
 عن جنسه ووطنه وقومه ، وهذا ما كان يفتقده الحجاج المغاربة في ذلك التجمع
الاسلامي العظيم عندما كان كل حجاج العالم  يسيرون وراء لواء وطنهم الى كل
المناسك في مسيرات مهيبة ، ويرفعونها  بأبواب الحرم او بمخيمات منى وعرفات
مرفرفة في الاعالي لتؤكد وجود ها ، حتى يمكن لكل ضال او ضائع ان يهتدي إليها
لتوجهه الى مقصده . الا حجاجنا المساكين كمن طمس على هوياتهم حينما كانوا يسيرون
في ذل وراء ألوية أمم مجاورة  لئلا  يضلوا عن مخيماتهم في  » منى
 » بعد رمي  الجمرات ، وكأنهم أقلية أسقطت من السماء او أخرجت من تحت
الارض كتب عليها لتنضم اليها حبا اوكرها . لطالما تمنيت لو أرى بين هذه الألوية …. الراية المغربية لكن دون جدوى ، حيث لم يكن
يتوارد على مراكز الاستعلامات والإرشادات وعلى المصحات من التائهين والمرضى سوى
الحجاج المغاربة بكثرة ونسبة عالية ، ذلك من غياب  كلي لمرشدين وصحيين ومن
وجود بعثة مغربية حقيقية ، انه واقع مخجل معاين ومشهود من طرف حجاجنا وليس تعليقا
سياسيا لصحفي معارض

       فحينما وصلنا على متن طائرة الخطوط المغربية التي ألقت بنا في مطار المدينة
المنورة ، حيث وجدنا في استقبالنا حافلات مهترئة متآكلة لا تشرف المغرب والمغاربة
، قلما كانت تشبه ناقلات حيوانات  » السرك » .  ومن حسن حظنا لم تكن
المسافة طويلة . ولما وصلنا الى مقر إقامتنا في فندق  » الشرفة » حيث كنا
نحشر في غرف كعلب السردين ، لكن كل هذا لم يكن يهمنا كما سبق القول إيمانا منا
بضرورة احتمالنا كل المتاعب والمشاق ولم نكن نرمي  بالقول الى ألرفه والتسلية
والبذخ ، وإنما كنا نعود النفس منذ شهورعلى الخشونة  والصبر وعلى الجوع
والعطش والحر والقر والسهر والتعب ، مع علمنا ان طريق الجنة لم يكن مفروشا بالورود
والطنافس الحريرية ،  ولكن بالنسبة للمرض فالامر  يختلف  فالصبر لا
ينفع اذا  لم  يقصد المريض مراكز العلاج في اقرب وقت ، وحينما كنت اخذ
بيد  امرأة مسنة مريضة الى مقر من تسمى البعثة الطبية المغربية ، حيث وجدت
طاقمها يستدير على مائدة مستطيلة ، وقد غلقوا دوننا الباب وادعوا انهم في اجتماع
وهم ليسوا متفرغين لفحص احد . لست ادري على ما كانوا يجتمعون وماذا كانوا
يتدارسون ؟ وقد تأسفت كثيرا لحال مسئولينا الذين لم ينتقلوا بعد من الكلام الى
العمل وينتهوا من قتل الوقت في الاجتماعات الفاضية وراء الأبواب المغلقة الى
الميدان والممارسة الفعلية  على غرار ما يفعله صاحب الجلالة نصره الله 
الذي يشرف يوميا وبنفسه  على المشاريع التنموية  بكل مدن المملكة …

       
وفي اليوم الموالي عدت مع نفس المريضة لأجد ممرضة عجوزا لاتكاد تنقل إردافها
اوتكلم احدا ، وطبيبة عبوسة تحمل نظارة تخفي نصف وجهها ، وبعد طول انتظار
استقبلتنا هذه الأخيرة  بقولها لقد  » أتعبتمونا  »  ثم سلمتنا
وصفة لشراء الدواء وتبرمت عنا متذمرة ، فان كان مقر هذه البعثة يحتوي على صيدلية
فان هذا الجناح يظل  مغلقا طالما كان الطبيب موجودا ، ولا يفتح إلا إذا غاب
الطبيب ليكون غياب احدهما يبرر دور الأخر  لعدم تسليم الدواء ، ولا احسب ان
هذه الصيدلية كانت  تتوفر على حبة أسبرين ، ولما كان لابد من فحص المريضة فقد
توجهت معها  الى بعثة دولة أخرى حيث سلمتها الأدوية اللازمة بعد الفحوصات
المتعددة ، وطلبت منها ان تعود في الصباح اذا لم يتحسن حالها

  
         وعندما غادرنا المدينة
المنورة الى مكة المكرمة على متن حافلات مماثلة وقد وصلنا الى مقر إقامة بنفس
المواصفات الأنفة الذكر، وتاكيدا لما  قلت سابقا إني لست بصدد وصف المعانات
لان ذلك بالنسبة إلينا عبادة  ، ومن اجلها سيكفر الله عنا الذنوب ويضاعف لنا
الأجر والحسنات ،

وقد كانت  ليلة النفرة من عرفات ليلة ليلاء كافية ـ ان شاء
الله  ـ ليغفر  لنا كل ما تقدم  وما تاخر الى سنين عديدة ، ذلك حينما
نفر كل الحجاج باستثناء الحجاج المغاربة وحدهم من باتوا معتصمين في شارع عرفات الى
منتصف الليل تقريبا منددين متظاهرين رافعين أصواتهم  لتغيير المنكر ، وقد
تعطلت بسبب ذلك حركة السيرفي هذا الشارع  الشيء الذي دعا  الشرطة
السعودية لإحضار المطوف الذي ألقى بالمسئولية كاملة على كاهل البعثة المغربية
الغائبة كليا ، وبأنها لم تكن تقوم بواجبها ودورها التنظيمي في مرافقة الحافلات
الى مخيمنا ، لكن رجل الشرطة السعودي أبى إلا أن  يستنجد  بحافلات نقل
الطلبة من اجل إجلاء حجاجنا عن الشارع وإفراغهم من عرفات ولو لبضع كلمترات قليلة
ولهم بعد ذلك ان يموتوا او يحيوا . فإلى الساعة السادسة صباحا مازال حجاجنا يدبون
على الطرقات نساءا ورجالا شيوخا وعجزة  تائهين ، منهم من وصل الى مخيم منى
بعد العصر، ومنهم بعد الغروب ، ومنهم الى صباح الغد ، ومنهم بقي ضالا الى يومين
بعد ان اتصلوا بأهاليهم في المغرب بواسطة الهواتف النقالة ، ومن المغرب أيضا كان
هؤلاء يستنجدون  بالرفاق والمعارف  في مخيم  منى قصد التوجه الى
أماكن تواجد أهاليهم الضائعين للإتيان بهم الى المخيم . انه منظر اليم ومشهد
رهيب حقا

      لذلك نقول لحكومتنا
وللمسئولين الوطنيين الغيورين على وطنهم ، ان مثل هذه التصرفات لم تكن تشرف
المغاربة  او كانت تشرفهم في مراكز قراراتهم ، ولا كانت تشرف وطنهم الغائب في
مثل هذه التجمعات التي يشكل حضور الدول الإسلامية والعربية فيه بمثابة وجود حي ،
ويزيد مواطنيهم هناك فخرا واعتزازا بوطنيتهم ، وأما أن يكون المواطن المغربي هناك
كاليتيم حول مائدة اللئيم فمن موقعنا كمغاربة نغارعلى وطننا اننا نستنكر مثل هذه
التصرفات الغير المبررة ، ونعيب على حكومتنا  هذا التهاون وعدم اللامبالاة ،
وحتى لاتتكرر هذه المأساة نتمنى ونرجو من دولتنا ان تعيد النظر مستقبلا في من
تفدهم ضمن بعثة الحج وطاقمها وأشخاصها، باعتبارهم ممثلو المغرب وممثلو الدولة
وسفراء صاحب الجلالة ، ومن  يتوفرون على قليل من الروح الوطنية وشيئا من
الإنسانية ، ويشهد لهم بالورع والقدرة على تسويق وطننا . اللهم اشهد فإننا قد
بلغنا وعلى الله قصد السبيل

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. حميدة
    11/01/2010 at 20:03

    لقد زرت بعض الحجاج من أفراد عائلتي بعد أدائهم المناسك هذه السنة،وكلهم تحدثوا عن معاناة حقـيقـية عاشها الحجاج المغاربةسواء في النقـل أو التطبيب وآخر فصل من هذه المعاناة عند العودة حيث انتظروا الطائرة بمطار جدة أكثر من يومين دون أكل.هل هذا مقصود لصالح الشركات المنظمة لرحلات الحج’ مجرد سـؤال.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *