Home»International»كيف يقيم العرب والمسلمين في فرنسا ؟

كيف يقيم العرب والمسلمين في فرنسا ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

كَـيـْـفَ يُـقـَيـّـَمُ الـعـَربُ والـمُـسْـلـمـون في فــرنـســا ؟

بادئ ذي بدء، لا بُـدّ من التأكيد أنْ لا قيمة تـُعطى لـ تقييم الفرنسيين أو الغربيين لنا، فهذا أمر لا يعنيهم ولا يُقلقنا، لكن هدف المقالة هو معرفة فكر الإنسان الآخر للتمكن من جودة التعامل معه، أمّا أسباب خيار فرنسا فتعود :

* لـ معرفة كاتب المقالة لهذا المجتمع.

* لـ أهمية التواجد البشري العربي والإسلامي في هذا البلد.

* لـ تاريخ فرنسا في بلادنا كدولة مُسْـتـَعْـمـِرة لأراضينا لمدة طويلة جدا،

* لـ حلم فرنسا باستعادة أمجادها، عن طريق اتحاد من أجل المتوسط.

للدّخول في صلب الموضوع، لا بــُدّ من معرفة مُـكَـوِّنات المُجتمع الفرنسي، فبرغم أنّ فـرنـســا وطنٌ يحتضن مواطنين مُتعدّدي الأعراق والديانات والمَشارِب السياسية، غير أن تعميم نظرة وتقييم الفرنسيين لقضايا العرب والمسلمين، يكاد يكون ممكناً.

إ

ذن، فرنسيـّو اليوم عبارة عن فئات عديدة سيتم التـّعرّف عليها لاحقا، وبكل تواضع.

ليس خطأ ً التأكيدُ على أنّ أغلبية هذه الفئات مُقـتنعة ٌ أو تُعلن عن قناعتها، بأن عرب ومُسلمي عصرنا يتميّزون بـ التـّطرّف الدّيني والتـّخلـّف الاجتماعي والتـّمزّق الطائفي والتـّبعيّـة السّياسيّة.

لكنهم، يعترفون في نفس الوقت، بفضل تعليمهم الجامعي وعن طريق السّـياحة ولمخالطتهم عرب ومسلمي فرنسا، أنّ حضارتنا وتاريخنا مليئان بالغنى، وأنـّـنا قد أثرينا العالم الغربي الحالي بعلوم وإبداع أسلافنا، وهذا ما يدفع الفرنسيون للتساءل بـ  » حــَـيــْـرَة كـُـبــْـرى  » عن أسباب تخلـّف العرب المُدهِش.

يعترف الفرنسيون أنّ لاستعمار العرب من قبل دول الغرب ولشنّ حروب على بلدانهم، باسم نشر الديمقراطية، دورٌ كبيرٌ في هذا التـّخلـّف والتـّمزّق، خاصة زرع الكيان الصهيوني في المشرق العربي، لكنهم يعتقدون أيضاً، أنـّه كان بإمكان العرب تحقيق وحدة دفاعية ونهضة نوعية، منذ ما يُقارب سبعة عقود على استقلال أولى دُوَلهم، لما لديهم من ثروات طبيعية وبشرية وحضارية، ولما يوحّد بينهم من عوامل كاللغة الواحدة والمصير المشترك والعادات.

يعتقد الفرنسيون أنه كان من السهولة بمكان، تحقيق اتحاد مَغاربيّ عملياً لا إعلامياً، ففي هذا الجزء من الوطن العربي لا يوجد « كيان جرثومي، ولا أديان، ولا طوائف متعدّدة ».

يعتمد الفرنسيون باستغرابهم من وضع العرب المُتردّي، على تجربتهم الخـَلاّقة التي أدّت إلى نهضة وازدهار قارةٍ بكاملها، وذلك بُـعـَيْـد انتهاء الحرب العالمية الثانية التي دمّرت اقتصادهم ومزّقت شعوبهم وزرعت الحقد بين أوطانهم، ويفخرون بالقفزة النادرة منذ انهيار جدار برلين ليومنا هذا، باحتضان الغرب الأوربي لمعظم دول شرقه « الشيوعية سابقا »، وبتوسيع اتحادهم ليضم شعوب كل القارة، المتخلفة منها والمتطورة، الهدف النهائي هو إنشاء تجمّع أوربيّ بـ مصالح مشتركة، ذي قوة ونفوذ وتأثير، مُنافس دوليّاً لقوة « الولايات المتحدة الأمريكية » الوحيدة.

أمّا عن القضايا العربية، فالغالبية الفرنسية العظمى تقف بجانبها، تـَحـَدّتْ حَرْبَيْ أمريكا على العراق 1991 و 2003، كما اعتقدت ومازالت تعتقد قطعيّاً بوجوب قيام دولة فلسطينية، لكن هذه الأغلبية الساحقة ترفض بحزم تهديد أمن الكيان الجرثومي، فالفرنسيون يتلقفون أحداث بلادنا، ممّا اتـّفق عليه حكام العرب بدعواتهم للسلام مع العدو : كامب ديفيد، مدريد، أوسلو، وأخيراً المبادرة العربية « للسلام » بموافقة كل الدول العربية، وبالتالي لا يستطيع الفرنسيون أن يكونوا عرباً أكثر من العرب.

اعتراف خـُلـُقيّ : خلال حصار قطاع غزة الفلسطيني، برهن بعض البرلمانيين والإنسانيين الأوربيين ومنهم الفرنسيين، بـ تضامن مع عرب فلسطين أكثر من حكام عرب الجوار.

لا يختلف الفرنسيون على أنّ أحوال العرب والمسلمين في العالم، تتأرجح بين تراجُع، وتدهور، وفقر على كل المستويات : العقائدية والمجتمعية والاقتصادية والعلمية والثقافية والسياسية.

تتباين مواقفهم تجاه قضايانا، وفق الشرائح التي يتألف منها المجتمع الفرنسي، والتي تستغرب من استحالة تحقيق الحريات في كل البلاد العربية، أو عدم كفاح الشعوب من أجل انتزاعها من حكامهم.

1- السّاسَـة الذين يحكمون أو الذين يُعارضون بانتظار وصولهم لحكم فرنسا

كلهم مُتعلـّقون، ككل الحكام العرب، بالاعتراف بـ الشرعية الدولية، مندّدون تصريحاتيّاً فقط، بتصرفات الصّهاينة ضد الشعب الفلسطيني وضد عمليات الاستيطان، لكنهم يضعون أمن الكيان الصهيوني فوق كل اعتبار، تقرّباً من اللوبي اليهودي الذي يتحكّم بالإعلام والدّعاية والتـّجارة والتـّوظيف والسّياسة، بعض هؤلاء السّاسة يشذون عن هذا الخط، لكنهم قلـّة بلا أيّ نفوذ.

2- النخب الفكرية والعلمية والإعلامية والفنية المؤثرة في فرنسا

يُسيطر عليها اللـّوبي اليهودي كـُلـّـيّـاً، فتمنع أيّ إمكانية للترويج لصالح المقاومة الفلسطينية، خاصة الإسلامية منها، قوة هذا اللوبي جعلت نظرة المُجتمع الفرنسي للمسلم سلبية، لكثرة التكرار، تكرار أحداث 1979 : وصول الجمهورية الإسلامية الإيرانية « المتطرفة »، توقيع اتفاقية كامب ديفيد « المُسالمة » برأيهم، ظهور الحركات الإسلامية في أفغانستان بدعم عربي غير رسمي، ساهم بمجيء حكومة طالبان، ناهيك عمّا تعرّضت له فرنسا من هجمات تحت شعار الجهاد الإسلامي، و( التكرار يُعلـّم الحمار)، كما يقول المثل السوري والعربي.

تستغل نخب اللوبي اليهودي هذه الأحداث وتزيّفها، لتستثمرها، بـ تـَذكيٍر الفرنسيين باستمرار بـ « خطر الفكر الإسلامي والعربي »، مُنوّهة ً تلقائياً لما يتعرض له « مستعمرو الكيان الغاصب » من « إرهاب » من قبل المقاومين الفلسطينيين الإسلاميين « المتطرفين » الذين يطلقون صواريخهم على بلدات العدو، ومُركّزَة ًعلى العمليات الاستشهادية الـّتي نـُفـّذَت منذ سنوات. للأسف الشديد، بعض المثقفين العرب يُساهمون بهذه الحملة، للحصول على منصب ما، أو على شهرة ما.

3- غياب النفوذ العربي الإسلامي في فرنسا

لا تـُجيد الجاليات العربية في الغرب، وفي فرنسا بالذات، عملية توحيد أبنائها، لأسباب عديدة :

* الشعور بعقد نقص أمام اليهود، وبخوف الكثيرين من حكامهم، خوفاً من حرمانهم العودة للوطن.

* بعض الخلافات التي تـُسيء لجالياتنا، بين عرب ومسلمي المغرب العربي المُجنـّسين والمُقيمين بما يُسمّى (عرب وأمازيغ)، فهم الذين يشكّلون الأغلبية الساحقة من التواجد العربي الإسلامي في فرنسا.

* قلـّة خبرة وحنكة وشهرة مثقفي العرب والمسلمين الفرنسيين.

* شبه انعدام تضامن العرب مع بعضهم، مقارنةً مع تعاضد اليهود الكامل والقوي.

* قلـّة الجرأة من التهجم بعنف وإقناع بحجج على الدولة الغاصبة، مع محاولة تفسير الفرق السخيف بين اليهودية والصهيونية و »إسرائيل »، والاعتراف الساذج السطحي أحياناً، بوجود تمايز بين العربي والمسلم، والدخول في متاهات عقيمة يضيع فيها الكثيرون من المثقفين والأكاديميين العرب، بخلط العلمانية والتديّن وربطه بقضايانا التحررية، التي تفوق كل تعلـّّق آخر.

* اختلاف عرب المشرق، كأقلية مثقفة بلا أيّ وزن، حول قضايا قطرية غير محورية، يربط بين هؤلاء العرب المشرقيين، منظمات صداقة فرنسية/عربية، تعود فكرة تكوينها لشخصيات فرنسية، بعضوية عربية مشرقية بلا أي تأثير.

باختصار، ضعف أبناء الجالية العربية في فرنسا كما هو الأمر في أمريكا، ليس إلاّ صورة صادقة عن ضعف وصراع حكامهم، فيُلـْهون أنفسهم بالتأقلم وبمزاولة مِهنهم وباللقاء حول مائدة مأكولات شهية تذكّرهم بالأهل والوطن، وحين يعودون سنوياً لبلادهم لا يعرفون متى سيصل موعد الرجوع، لما يلاحظون ويرون بأمّهات أعينهم من غرور وادّعاء كل عربي ومسلم باقتنائه الحقيقة المطلقة.

يرجعون لمَهْجَرهم، مُحبطين ومٌتسائلين عن مصير تطور وطنهم العربي بكل مجتمعاته.

الفرنسيون العاديون من أصحاب المهن الحرّة والحرف المهنية : طبيب، صيدلي، محامي، مهندس، مزارع، تاجر، كهربائي، ميكانيكي، فران، حلاق.. والموظفون والمستخدمون والعمال : مدرّس، موظف إداري، موظف بلدية، عامل.. هم الوحيدون الذين من الممكن إقناعهم من قبل العرب، كلٌّ حسب مستواه، وبشكل عام لا يوجد فرنسي خارج المدن الكبرى أو الأحياء الثرية، لا يؤمن بأحقيّة قضية فلسطين ولا يوجد من لا يكره اليهود باطنيّاً.

لكن هؤلاء الناس يتبعون مصالحهم أولاً، فينتخبون من يَعٍدُهم بـغـدٍ أفضل، غير مهتمين بقضايا العالم، فالمرشحون، أيّا كان الاستحقاق، لا يتطرقون عموماً للسياسة الخارجية، والمرشح الفائز يبقى عضواً في حزب ما، يلتزم بمقولات تنظيمه وبمواقف مسؤولي دولته.

هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن حقيقة ما يفكّر به كل الفرنسيين من أصول لاتينية أو أجنبية، لكنها فكرة موجزة، المقصود منها إيصال خبرة مُقيم مُجـَـنـّس مُمارس في المهجر، عمّا يعيشه ويتألـّم منه يوميّاً في غربته، فبرغم سهولة العيش وطيبته، وبرغم السلوك الفردي العلاقاتي المثالي للمواطن الفرنسي، فـ « تـَفـَرْنـُسُ الذوبان » ونسيان الأهل وقضايا الوطن العربي، أمر مستحيل. إنها وجهة نظر قد تختلف مع أخرى.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *