من الذي يخافه هؤلاء ,.ولم ينتبه إليه محمد السادس؟

عزيز باكوش

تشير المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة (اليكسو) التابعة لجامعة الدول العربية ، في تقريرها السنوي للعام 2005 ، الى أن عدد الأميين لدى الفئات العمرية التي تزيد عن 15 عاما، بالعالم العربي , يبلغ 70 مليونا أمّي فقـط!
ومع إقراري بحقيقة حجم خطورة الأمية في العالم العربي , إن على مستوى التفييى أو العامة, فإنني لا أتخيل كيف أن المسؤولين, وأجهزة الدولة , ينامون , ويدبجون الكلام بمناسبة أو غيرها, و يبشرون بفتوحات حضارية, وبفم ممتلئ.وشاشات مرتعبة . كيف؟ أدري ….ولا ادري….
إن جهل هـذا المواطن العربي بالقراءة والكتابة يمثل – بحق – قاع التخلف العميق جـدا في العالم العربي, من محيطه الى خليجه.

قد نختلف قليلا ,أو نتفق كثيرا , على تفاوت مخدوم في النسب ,هذه العاهة العربية بامتياز, ولكننا لن نختلف قطعا في كونها .قاعدة ارتكازاساسية لتقبل الوجع , و تصدير التفاهة.

غني عن البيان أن مسـؤولية محو أميـة المواطن العربي هي مسؤولية الدولة أولاً..ثم مسؤولية " عبد الخالق "فيما بعد . ولكنها ، في الوقت نفسـه ، مسؤولية كل نظـام عربي . ومما يرفع الضغط الى جاهز يته , أنه ليس ثمة مؤسسـة عربية واحـدة ، بما في ذلك جامعة الدول العربية, ومنظمـاتها المتخصصـة, حكومية وغيرها, استطاعت أن تقيم الـدليل عمليا , على أنهـا مؤهـلة وفي مستوى التحديات , لمواجهـة هـذا الواقع العربي البئيس والمحزن . لا تؤخذ البيانات بعين الاعتبار.

فإذا كان يحق للعرب أن يختلفـون في تدبير الشأن السياسي والديني , حيث يشاهدون القمر متى شاءوا , ويتغاضون عن رؤيته متى حلى لهم ، يختلفون في تقدير نسب الفائدة في البنوك السويسرية أو غيرها , يختلفون في مفهوم وإدارة التنمية الشاملة , فبأي حق يخـتلفون على أسلوب موحد ,وطريقة ناجعة ,في محـو الأميـة في أوطانهم !

الاستثمار العربي في "التكنولوجيا" هو الرهان ,و الاسـتثمار المغربي ، في محو الأمية ، هو الأفضل ؛ لأنـه الأقل كلفـة , والأوفر مردودية .. فمن يفكر في كلفة هائلة لامية تنخر الشعب , يغيب عن ذهنه , الكلفة الباهضة للجهل, هذا مؤكد.. انـه اسـتثمار مجتمعي , ورهان حقيقي مندمج , يحول المواطن المغلوب على أمره , و المستكين في قراراته , من جدار مسند.. الى فاعل حيوي , ومندمج نشيط , ومحاور حقيقي .

وما الذي يحـول دون تجنيـد "الإعلام السمعي البصري " أو "جميع القنوات الأرضية والفضائية المسموعة والمرئية من طنجة الى لكويرة " لـهـذه المهمـة النبيلة ,ما دامت التجربة التلفزيونية في الفكاهة , قـد منيت بالفشـل الذريع, في معظم نتاجها خلال موسم رمضان الحالي ، وما دامت "الذاكرة الفنية الوطنية ,بـكـل أجهزتها , المتخصصة , الحكومية وغيرها ,عاطلة أو معطلة عن العمل !

لمـاذا لا يتحمل المجلس الأعلى للسمعي البصري عبء هـذا المشـروع المغربي المتواضع ، رغم أنه – في تقديري – يليق كثيراً بهيبته وهرميته !!

مازلت لا افهم ما الذي يضير هؤلاء, ويجعلهم ينتكسون , ويتراجعون ,في تفعيل برامج محو الامية على ارض الواقع بالجدية والمتابعة اللازمين؟ أليس محمد السادس من اقر, وسن , وحفز ,ونظر, ودعا لذلك ؟ هل يوهمون الناس , إنهم أكثر حرصا عن الوطن والمواطن من محمد السادس؟ لا نتصور ذلك … لا .. أتصوره إطلاقا….

أموال كثيرة, رساميل خارج العد , تبذر في هذه العاصمة الغربية أو تلك, من طرف "الخليج" أموال طائلة ومستطيلة , تكفي لمحو الأمية في العالم العربي في المشرق والمغرب .ما نصيب الأمية منها ؟

إن التنمية التي نتحدث عنها في بلاغاتنا ، التي يصير بموجبها المواطن العربي صالحا وفاعلا ومتجاوبا مع خطط الدولة ، لن يتحقق منها شيء ، وإنما تضاعف حجم الأمية من حيث لا نحتسب …

لكن " إذا أصرَّ القادة العرب على أن حكم الشعوب ، بملايينها الـ 300 أسـهل إذا كان 40% منهم فقط أميين.." هنا للحكاية أسباب نزول .!!

عزيزباكوش