صراع الأفيال تدفع ثمنه الحشائش2

أنهيت قبل يوم فقط قراءة كتاب في الكوميديا السوداء ، وخلصت إلى حقيقة مذهلة ، بل حقائق ضاحكة ومؤلمـــةحول موضوع التعري كمفهوم دال ومدلول ، فهذا الأخير أي التعري، دلالة واصطلاحا ، يشبه القارئ العربي في تجلياته وتمظهراته إلى حد بعيد ، ولتقريب وجهة النظر هذه نقول » إذا حدث » العري أو التعري » في الشارع العام ، سيعتبره المحافظون كما الحداثيون خلاعة !!. وإذا مثل على خشبة المسرح ، سيتفق الجميع على أنه فن!! وإذا أنجز على رمال الشاطئ صباحا أو بعد الزوال ، فهو رياضة ،بكل تأكيد .
لذلك ، يبدو لي أن القارئ المغربي اليوم ، في جزء من المشكلة التي تعيشها جريدة المساء المغربية ، هو هذا التعري نفسه ، فهو أولا ضحية في علاقة بحرية الصحافة حين سيحرمه القضاء » رمزيا » على الطريقة » الزيانية » من التهام أسطر جريدته المفضلة « المساء » كل صباح وهو يلزمها بأداء 600مليون درهم كغرامة .
والقارئ المسكين ضحية ثانيا، حين يشتم الخط التحريري للجريدة المفضلة لديه، أو يعري سيان ونيابة عنه ، الفساد و المفسدين باسم الجرأة والضمير المهني وحرية التعبير مرة، أو تحت غطاء تضليل المصادر والرغبة في تحقيق السبق الصحفي دونما تحقق ميداني أخرى ، كل شيء وبلسانه.
وضحية مرة ثالثة، حين ينزاح القضاء، وينحاز لحمايته كمتضرر قارئ ، وهو في الحالات الثلاث تعر سريالي وإيغال عميق في اللاواقعية وللاموضوعية . حيث القارئ المستهدف هو من يؤدي فاتورة الجرأة .
بهذا المعنى ، يمسي القارئ « المسائي » المسكين كبش فداء ، في الحالات الثلاث ، لكن الصعود إلى الجبل، سيتحقق حين تستغل جريدته المفضلة براءته الأدبية، فتأكل الثوم بفمه عن طريق إقحامه كمتضامن تطوعا ليس إلا .
وأيا كانت الحقيقة في النازلة ، فإن الإجماع منعقد حول إدانة المساء.وهذه حقيقة تؤكدها جريدة المساء نفسها على لسان احد مؤسسيها إذ يقول » ، نعم أخطأنا ، وكانت لنا الشجاعة وما يكفي من التشبع بروح المهنة لنصحح خطأنا ونعتذر إلى المتضررين، رغم أننا لم نذكر أسماءهم، ولم ينلهم أي ضرر مادي أو معنوي » لكن إجماع الإجماع أيضا ، سينعقد حول اعتبار الحكم مغاليا .مغاليا إلى ابعد الحدود.
لا شك أن الفقراء من المواطنين المغاربة ينتظرون بفارغ الصبر عزيزي « بوشتى »هذه الأيام ، و قبل حلول رأس السنة الجديدة 2009 ، تنفيذ الوعود التي تلقوها منطرف المسؤولين وعلى رأسهم السيد العباس حول تخفيض الأسعار ، وخصوصا في المواد الاستهلاكية، وتليين القدرة الشرائية وضمان مستوى أدنى للعيش الكريم ، ومبررات هذا الترقب وذاك الانتظار، هو انخفاض أسعار المواد الأولية عالميا ، نتيجة للأزمة التي يتخبط فيها العالم الرأسمالي المتوحش تحت قيادة الزعيم الأوحد أمريكا. وبقائها صاروخية في بلد حقوق الإنسان كما يتعارف عليها زيان.
وفي خضم انتظاراتهم تلك ،تأبى الصحافة الكريمة والنزيهة والمستقلة إلا أن تصالحه، و تطبطب فوق كتفيه ..زيادة..
– لم أفهم ، وضح كلامك؟
– أيها المغفل ، زيادة مفاجئة في سعر جريدة مغربية مستقلة ، أقرها خطها التحريري ، منذ أسابيع ، ومن جانب واحد ..
– دون استفتاء ولا دستور ..ولا تصويت ولا إشراك لقارئها..
– يبدو لي انه تم بموافقة أخلاقية مبدئية ..
-كيف…وضح كلامك..
– أليست جريدته المفضلة الأولى وطنيا…؟؟؟
-تريد أن تقول… آه..فهمت. هي التي كانت تصم آذان الشعب بانتقاداتها اللاذعةللمسئولين مطالبة إياهم بوقف لهيب الزيادة في الأسعار إبان كل سنتيم زيادة.
– لكن لا..لا.. المسالة ليست بهذه البساطة، وهذا الاختزال ، زميلي ، فالحكم أحمق وبكل المقاييس ، وهو يدعو بمجرد النطق به إلى الاشمئزاز والكآبة، وأكثر من ذلك ،هو حكم لا مبرر له، سوى تضييق الخناق على جريدة مغربية شابة تمهيدا لإعدامها.
– نعم سيدي..
– ماعلينا.. بلغت الزيادة في سعر الجريدة20 % مرة واحدة . حوالي 50 سنتيما.. ما القصة وأسباب النزول؟
عزيز باكوش يتبع 2/6




Aucun commentaire