Home»Débats»حرام في الرباط حلال في طنجة

حرام في الرباط حلال في طنجة

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم

حرام في الرباط حلال في طنجة

الحسن جرودي

بعد كل الجدل الذي رافق منع كتاب يوميات مثلية لصاحبته فاطمة الزهراء أمكراز من المعرض الدولي للكتاب بالرباط بعد التنديد والاستنكار اللذان عجَّت بهما وسائل التواصل الاجتماعي، ها هو يعود للظهور والعرض من جديد بمهرجان تويزا بطنجة، مما يعطي المشروعية للتساؤل عن سبب منعه هنا والسماح له هناك.

إذا كانت الإجابة المتعلقة بمنعه في الرباط قد اعتمدت تقنية « شد العصا من الوسط « بحيث تم استرضاء المناهضين له بشكل من الأشكال، لكن دون إغلاق الباب نهائيا أمام ضهوره مرة أخرى مكانا أو زمانا، على اعتبار أن التبرير الذي تم تقديمه هو كون الكتاب ورد على المعرض بطريقة سرية غير قانونية، ولم يمر عبر اللائحة المدلى بها قبل العرض، مما يتخالف وأعرافَ وقوانين معرض الكتاب.

ما ينبغي التأكيد عليه هو أن الذين طالبوا بسحبه لم ينطلقوا من اعتبارات تقنية أو قانونية، وإنما انطلاقا من مرجعية دينية كان من المفروض أن ينطلق المسؤولون منها لا لسحب الكتاب من المعرض فقط وإنما منعه من التداول كليا على الأقل في أرض الوطن، إلا أن عدم تجانس المرجعية الرسمية، كما أشرت إلى ذلك في مقال سابق بحيث قلت بالحرف: (كيف يمكن الجمع بشكل متجانس بين كون المغرب « دولة إسلامية ذات سيادة كاملة » وبين « تتعهد المملكة المغربية بالتزام ما تقتضيه مواثيق المنظمات الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات » علما أن عددا مهما من هذه المبادئ تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية. ويبدو عدم الانسجام جليا عندما يتم التنصيص على « جعل الاتفاقيات الدولية تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية »). قلت إذًا بأن عدم تجانس هذه المرجعية هي التي حالت دون اتخاذ القرار الحاسم إن مع الكتاب أو ضده ليبقى الحل الوحيد هو « شد العصا من الوسط » لاسترضاء ذوي المرجعية الإسلامية من جهة، لأنه تم سحب الكتاب، وذوي المرجعية العلمانية من جهة ثانية لأن المشكل لا يعدو أن يكون تقنيا ومن ثمة فمسألة السحب هي مرحلية لا غير. ومما يُبرر هذا الرأي هو عودة الكتاب للظهور بمهرجان تويزا بطنجة، وهو أمر كان جد مرتقب، خاصة وأن الكفة تميل لصالح العلمانيين الذين أصبحوا يسيطرون على أغلبية الجمعيات والمهرجانات التي تخدم نفس أجندا « مؤسسة المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية » المسؤولة عن تنظيم هذا المهرجان الذي يتميز بتبني ونشر الفكر العلماني المنحط الذي يبدو واضحا من خلال الاحتفاء المتكرر بالكاتب محمد شكري صاحب كتاب الخبز الحافي لمن لا يعرفه، وفتح المجال واسعا أمام كل من يعمل على تقويض المرجعية الإسلامية للشعب المغربي، كما هو الشأن بالنسبة لأحمد عصيد الذي كان حاضرا خلال مهرجان هذا الموسم وعبد الصمد الديالمي الذي شارك في الدورة السابقة بمحاضرة تحت عنوان الانفجار الجنسي والجندري دون الإشارة إلى كل ألائك الذي يخدمون نفس الأجندة من البلدان العربية من مثل يوسف الصديق من تونس ويوسف زيدان من مصر والجزائري أمين الزاوي …

أعود إلى صاحبة الكتاب ذات ال25 ربيعا التي أدلت بتصريحات تم الترويج لها عن طريق فيديو تم تصويره من داخل المعرض المقام بهذه المناسبة، تعبر فيه عن سعادتها لعرض كتابها، وتصرح بملإ فيها أن الرواية كانت سابقة في تاريخ الأدب المغربي، ثم تتوجه باللوم للمجتمع الذي يرفُض المثلية الجنسية، وأنا أقول ينبذها، وأنه حتى في حالة سن قوانين لصالح المثلية فإنها تتنبأ بانتشار ما أسمته بثقافة شرع اليد لِخِصِّيصة في المواطن المغربي تتمثل في رفضه للمثلية ولكونه معنِّفا في نفس الوقت، كما أشارت بأنها تنوي الكتابة في ما أسمته العبور الجندري، مما يدل على أنها مصممة  على مواصلة اقتفاء أثر عصيد  والديالمي.

وأنا أشاهد هذا الفيديو انتابني شعور بالغضب لكون أستاذة اللغة العربية، وهي التي كان من الممكن أن يُسند إليها تدريس مادة التربية الإسلامية بحكم التآخي بين المادتين، تتجاسر على المجتمع المغربي وعلى ثوابته الدينية في الوقت الذي كان بإمكانها أن تُسهم في معالجة مختلف الأمراض التي يعاني منها المجتمع من مخدرات وغش وجريمة وقتل الوقت الذي يعتبر أغلى رأسمال يملكه الإنسان…إلا أنه سرعان ما انتابني شعور بالإشفاق عليها اعتبارا لحداثة سنها، وللظروف التي رمت بها في أحضان عصيد ومن معه.

 وإذا كانت الأستاذة تُصرح بأنها لا تخلط بين حياتها الشخصية وحياتها المهنية، معتبرة أن تدريسها بمستويات الثانوي التأهيلي يحول دون اقتداء تلامذتها بها، فإني أقول لها إن الأستاذ الذي لا يمثل قدوة لتلاميذه لا يستحق أن يتولى هذه المهنة الشريفة لسببين أساسين. يكمن الأول في تميُّز تلامذة  التأهيلي بمرحلة المراهقة التي تُعتبر من أكثر المراحل العاطفية حساسية بحيث يكون البحث عن النموذج والقدوة في قمته، فيما يكمن الثاني في استحالة هذا الفصل عمليا حتى وإن كانت تمارس التعليم في كوكب والكتابة في كوكب آخر، اعتبارا لوسائل التواصل الحديثة، ومن ثمة فإني أتصور بروز نموذجين من التلاميذ الذين تُدرسهم (حتى لا أعمم على تلاميذ المؤسسة)، الأول ينبذها ويُعرض عن كل ما يأتي من جهتها حتى وإن توفرت فيه الشروط الديداكتيكية، مما يقوض كل أسس التواصل معهم، والثاني يعمل على مناقشة الأستاذة في الموضوع، مما يضطرها للإفصاح عن هويتها الحقيقية، الأمر الذي يؤدي إما  لاكتشاف التلاميذ لنفاقها وازدواجية شخصيتها مما يؤدي بهم إلى الالتحاق بالنموذج الأول، وإما لإقناعهم بتوجُّهها  لتكون النتيجة حينئذ مزيدا من الكوارث التي أصبح يعج بها المجتمع.

هذا من جهة، من جهة ثانية اختارت أن تكون في صف المثليين لكونهم يعانون في المجتمع المغربي، والسؤال الذي يفرض نفسه هو ما طبيعة معاناة هؤلاء، مقارنة مع معاناة الطبقات المسحوقة، ثم ما الذي يمنعهم من ممارسة مثليتهم في السر؟ أم أنهم يريدون ممارستها في العلن كما هو الشأن بالنسبة للذين يطالبون بالإفطار العلني، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل في المقام الأول على عدم اعترافهم بحق اختلاف أغلبية الشعب المغربي المسلم معهم في الوقت الذي يعملون فيه على فرض ممارستهم وهم أقلية.

يطول الكلام في هذا الموضوع، لكني من باب الإشفاق عليها أرجو أن تقوم بقراءة تجربة مجموعة من الفتيات اللواتي غُرر بهن في الجامعة منذ السبعينات إلى اليوم، والراجح أنها ستكون منهن إن هي واصلت في نفس الاتجاه، من قبل تيارات معينة دون أن أذكر أسماءها، ليتم التخلي عنهن بعدما قضوا منهن وطرا، أوحين بلغن من الكبر عتيا. من هذا المنطلق أنصحها بالتراجع عن هذا المسار قبل فوات الأوان، لأن التيار الذي ركبته يشبه الرمال المتحركة حيث كلما زادت حركة داخِلها إلا وهوَتْ أكثر في وَحَلِها، الأمر الذي لن يؤدي بها إلا إلى البوار في الدنيا والآخرة، وأهمس في أذنيها بأن تتساءل عن الأهداف الحقيقية لألائك الذين يشجعونها ويستضيفونها في مهرجانات تُقام في أفخم الفنادق بالمجان !!! ولعل أول من استفاد من هذا النوع من التشجيع، هو ذلك الشخص الذي يُحتفى به دوريا في هذا المهرجان، ومع ذلك فلم يشفع له هذا الاحتفاء بعد موته عند أقرب المقربين إليه من عائلته وأصدقائه، وفيما يلي مقالا تحت عنوان لعنة « الخبز الحافي » تطارد محمد شكري حتى في قبره لعزيز الدريوشي  بتاريخ 24.03.2014 على الرابط  https://p.dw.com/p/1BU8U يشير فيه  إلى كيفية تلقف كتابه وترجمته إلى 38 لغة وإلى الشهرة الكاذبة التي اكتسبها، ومع ذلك فعندما دقت ساعة الحقيقة تبرأ منه من كان يحسبهم أقرب المقربين إليه بتصريحهم بأنهم لم يكونوا متفقين معه، ومع ذلك كان النفاق ديدنهم، ليواجه مصيره وحيدا أمام ربه علما أنه يحمل وزره ووزر كل الذين تأثروا به مصداقا لقوله تعالى: « إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ » (الآية 12 من سورة يس). ومصداقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإسلام سنَّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء». رواه أحمد ومسلم.

في الأخير أقول لها بأن لها خيارين لا ثالث لهما، إما طريق الله ورسوله علما أن الله يغفر الذنوب جميعا إلا أن يشرك به، وإما سبيل عصيد والديالمي اللذان لن يغفرا لها أدنى خروج عن طريقهما، وأتحداها أن تقوم على الأقل بالتظاهر أمامهما بالتوبة لتعلم الفرق بين السبيلين.

الحسن جرودي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *