Home»Débats»التحلي بروح المواطنة في الحرب ضد كورونا.

التحلي بروح المواطنة في الحرب ضد كورونا.

1
Shares
PinterestGoogle+

الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 67 لثورة الملك والشعب وضع النقط على الحروف في شأن مواجهة المغرب لوباء كورونا المستجد , وكان واضحا ومباشرا ملخصه كفى لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى .

إن الحالة التي وصل إليها انتشار الداء ببلادنا بات مقلقا للغاية خصوصا في الفترة التي تلت تخفيف الحجر الصحي في بعض الجهات ورفعه في جهات أخرى , ومرد ذلك إلى عوامل أبرزها تصرفات بعض الفئات التي تشكك في وجود الداء أصلا و استمرار اجترار لأسطوانة المؤامرة الدولية والمخططات المبيتة وغيرها من التبريرات التي لا تصمد أمام الواقع المعاش و تزايد أعداد المصابين و الهالكين من مختلف الأعمار بدون تمييز جغرافي و لا مهني , فالجميع معرض للخطر .

فجائحة كوفيد 19 موجودة و الفيروس القاتل مستمر في حصد الأرواح البشرية في جميع البلدان وفي مختلف القارات والأمصار , ولن يحد منه إلا اكتشاف اللقاح الناجع والدواء الفعال وهو الأمر الغير المتاح حاليا , رغم ما يعلن عنه بين الفينة والأخرى بقرب إنتاج وترويج الأمصال التي لازالت قيد التجارب السريرية وسط تضارب الآراء بين العلماء وذوي الاختصاص , والتي تجعل التفاؤل بالبلسم الشافي بعيد المنال في الوقت الراهن , وقد يطول الانتظار أو يقصر حسب الظروف والأحوال التي يتداخل فيها ما هو علمي بما هو سياسي وتجاري , والأمل غير مفقود طالما أن الأبحاث والتجارب بالمعاهد والمختبرات الصحية جادة في الوصول إلى النتائج المتوخاة تحت ضغط العامل الزمني و الوضعية الكارثية التي تعرف منحى تصاعديا لا أحد يمكنه توقع نهايتها ولا مخلفاتها على جميع الأصعدة .

إن الرفع الجزئي أو الكلي للحجر الصحي لا يعني نهاية المرحلة الحرجة و طي صفحة كورونا وبالتالي العودة للعادات القديمة من تجمعات

 وسلام وعناق و لقاءات عائلية لا تراعي الحد الأدنى من الاحتياطات , والسفر بدون أسباب معقولة , والتكدس في المسابح والشواطئ و الفضاءات العامة و بالمرافق الإدارية والحدائق والمصطافات .

كما إن تحويل المقاهي إلى أماكن للتجمعات بمناسبة نقل أطوار مباريات كرة القدم قد يجعل منها بؤرا لا تختلف عن المعامل والوحدات الإنتاجية التي فرخت العديد من الحالات المرضية بسبب عدم مراعاة التدابير الاحترازية .

الفئات المستهترة لا تقل خطورة عن المشككين في الوباء و المعتقدين بنهايته , فالتراخي الذي سجل في الأسابيع الأخيرة  قبل وبعد عيد الأضحى وتنقل الأشخاص بين المدن والقرى بدون احتياطات تسبب في انتشار الفيروس و وصوله إلى مناطق كانت إلى وقت قريب خالية منه , ليعم البلاء و تجد الأطر الطبية بالمستشفيات و المصحات نفسها أمام وضعية لا تحسد عليها من حيث ظروف العمل وامتلاء الأسرة و تزايد عدد المرضى و المخالطين و ناقلي العدوى ممن لا تظهر عليهم الأعراض و تجدهم يتنقلون بكل حرية في المتاجر والأسواق والمقاهي , مما يجعل الأرضية خصبة لرفع نسبة الإصابات في ظل عدم ارتداء الكمامات و لا احترام التباعد الجسدي ولا استعمال للمطهرات والمعقمات التي كما ورد في الخطاب الملكي السامي متوفرة و بأثمنة معقولة  تدعمها الدولة , لكن لا حياة لمن تنادي إلا من رحم ربي.

تركيز الخطاب الملكي على التحلي بروح المواطنة في مواجهة هذه الجائحة يذكرنا الروح التي سادت أثناء مقاومة الاستعمار التي توجتها ثورة الملك والشعب بدق آخر مسمار في نعش الحماية التي فرضت على المغرب وقاوموها بشجاعة ونكران للذات حتى تحقق الاستقلال ,وخرجنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر لبناء دولة المؤسسات و خوض حروب ضد مخلفات الحقبة الاستعمارية من أمية وجهل وتخلف وهشاشة , والشروع في عهد الانجازات والمشاريع التنموية في الميادين الاقتصادية والاجتماعية .

ما كان لنا أن نحقق الانتصار وننعم بالأمن والاستقرار لولا  التحام العرش والشعب في معركة التحرير و التخلص من قيود الحجر الكولونيالي , لكي تشرق شمس الحرية من المغرب .

هاته الروح هي التي ينبغي أن تسود معركتنا ضد الوباء الفتاك , وذلك بالاحترام التام للإجراءات الوقائية المقررة حماية لأنفسنا ولغيرنا والمساهمة في إنجاح منظومتنا الصحية التي ضرب بها المثل دوليا في بداية استشراء الوباء,  وكانت قدوة لدول لها باع طويل في التقدم العلمي والتكنولوجي و لها من الوسائل والإمكانيات ما لا يعد ولا يحصى . فمن غير المستساغ ألا نحافظ على هذا التتويج المستحق و نتقهقر في الرتبة وقد يكون مصيرنا السقوط لا قدر الله.

فالوطنية ليست بطاقة وطنية وجواز سفر بل هي سلوك وممارسة يجب أن نرقى بهما إلى مصاف العلى , وان لا نأتي أفعالا قد تسبب الضرر للبلاد والعباد.

إن عودة الحجر الصحي المشدد ستكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد الوطني و الصحة النفسية للمواطنين وتأثيرا كبيرا على المنظومة التربوية رغم الإجراءات المتخذة للتعليم عن بعد لان بقاء الأطفال في المنازل لفترة أطول سيؤزم وضعيتهم المعقدة . وان دعم الدولة للعاطلين عن العمل بسبب الوباء لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية, وبالتالي ستكون الانعكاسات سلبية على جميع المستويات. والحل الأمثل يكمن في الوقاية التي هي خير من العلاج.

فمزيدا من اليقظة والحذر لتجنب الحل الأسوأ , ولنعبر عن حبنا للوطن بإتباع التوجيهات الملكية التي تخدم المصلحة العليا للبلاد.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *