سلام عليك يا تويسيت 29

ما اكرمك من ام حنون,انجبت الشهامة والكرم,انجبت السواعد المفتولة التي دخلت غياهب مناجمك,لتكسر الجبال,وهي محاصرة بالمياه الهادرة في باطنك,بحثا عن كنوز اغنت كل وافد عليك,ليذهب بغناه نحومسقط راسه ومنبت نبعته,فيسخر الاموال التي جمعت بسواعد ابنائك,في بناء وتاهيل بلدته,الا من تعلق بحبك,واعترف بمعروفك,ففضل البقاء بين احيائك المهترئة,ليموت فيها شامخا,ويدفن تحت ثراك راضيا.
ما اكرمك,كنت سببا في تنمية اقاليم عدة بفضل كنوزك,فشقت الطرقات الواسعة,وشيدت المنازل الفارهة,بينما طريقك المؤدي الى مدينة الالفية قاتل,كل من سلكه منك واليك يحس وكانه يسير في شماريخ الجبال,على الصخور البارزة,
مااكرمك,لانك قانعة بالقضاء والقدر,اعطيت الشيء الكثير خالصا,وقنعت باحياء ذات سقوف لا يمكنها في يوم من الايام ان تواجه عتو الطبيعة,وطرقات عليها سواد الزفت,على الهوامش,بينما تتوسطها حفر,تصير بركا عائمة حينما يحل فصل الشتاء القاهر.
ما اكرمك,ولدت رجالا اكفاء,دخلوا باطنك اصحاء اقوياء,فخرجوا منه واهنين ,وقد امتلات صدورهم بغبار المعادن,رحل منهم عدد كبير ومنهم من ينتظر الدور حين يحل.
ما اكرمك,لم تقدمي ابناءك فداء لوطنك بين ظلمات جوفك الغائر فحسب,بل رميت باكثرهم في غياهب المناجم بديار الغربيين,مناجم اشد قسوة وخطرا من باطنك,فمنهم من نجا وعاد اليك وقد اصابه السعال وضيق التنفس,فلم يبق بين احيائك المهترئة الا اعواما قلائل ليودعك بلا رجعة,وفي قلبه حرقة وشوق اليك.ومنهم من حمل اليك في صناديق عبر الجو او بين عباب البحر الهائج المزمجر,ليعانق ثراك الطيب,ويعلم الله شوقه اليك,فقد حمله معه الى دار البقاء.
ما اكرمك لان رجالاتك الكادحين في غياهب المناجم في باطنك,علموا ابناءهم,وكدحوا من اجل تعليمهم,فصاروا اطباء يداوون العلل,اومهندسين يساهمون في البناء والتشييد,اومعلمين يعلمون الاجيال,وكلهم بررة لم ينسوك ابد الدهر,لانك رسمت بين جوانحهم ذكريات لا ينساها الا جاحد عاق.
ما اروعك فان نساك البشر,لم تنسك الطبيعة,اشجارك باسقة مخضرة,وغاباتك مترامية الاطراف,تحفها جبال شامخة,مما يعطيك رونقا يسر الناظرين,رغم احيائك المهترئة,ووديانك الجافة,ورحيل عصافيرك هروبا من العطش وعزوف اراضيك عن انجاب نبتات الفناها في الصغر.
سلام عليك يا بلدة الاجداد,وملتقى الصحاب,لك الله,كنت كريمة ولن يضيع الله كرمك وخيرك على الاخرين,سننتظر الفرج الاتي لا محالة,لتصلح طرقاتك,وتبنى احياؤك من جديد.




Aucun commentaire