الشيخوخة المزمنة

بقلم : ذ.عبد الفتاح عزاوي

يقــــــول ابن خلدون  في مقدمته الشهيرة   »إن الهرم (الشيخوخة ) إذا أصاب الدولة لايرتفع  » ، فهل بقاء دولة المخزن على ماهي عليه أمرا حتميا أم أن  »الخطو لايقبل الانعكاس ، فإما إلى الأمام وإما السقوط » على حد تعبير الدكتور محمد عابد الجابري ؟.

لايخــتلف اثنان في كون السياسة المغربية قد بلغت من العمر عتيا ،خاصة في ظل وجود قيادات هرمة – لم تتقاعد سياسيا لحد الساعة -اختزلت  العمل الحزبي في الاستوزار، فأصبحنا نرى  »الزعيم السياسي  » يغير الوزارات كما يغير ربطة عنقه ، ناهيك عن  اعتزاله التأطير والتثقيف السياسي لأطره ومنخرطيه ،واكتفائه باستقطاب الكائنات الانتخابية التي تستطيع الفوز في الانتخابات  بأي وسيلة كانت  .

نفس الأمر ينطبق على المجال الاقتصادي الذي يعيش اختلالات بنيوية لازمته منذ الاستقلال إلى يومنا هذا . وهذا ماأكده الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي في أكثر من مناسبة،حيث قال » أن الاقتصاد المغربي يعتمد أساسا على اقتصاد الريع الذي يناقض الخطاب الرسمي بشأن اقتصاد السوق والانفتاح مما يخلق صعوبة أمام تقدمه » .
وإذا قمــــــنا بتشريح واقع القطاعات الأخرى فإننا نحصل على نفس النــــتائج المحزة في النفس . فقد أصيبت العديد من القطاعات الاجتماعية الحيوية كالصحة والتعليم بداء الشيخوخة المزمنة التي أنهكتها وأدخلتها غرف الانعاش . فالتعــــــليم أصيب في مقتل عبر إخضاعه للنهج التقليدي الذي انتصر للمناهج التربوية المغــيبة للابتكار والتجديد .أما القطاع الصحي فيمكن اختزال وضعيته  في الصورة القاتمة التي تتحدث عن  »وجود أقل من سرير واحد لكل ألف مغربي ومـــركز صحي واحد لـ42 ألف مواطن » . وعلى غرار هذه القطاعات ، فالقطاع الرياضي  لم يسلم هو الاخر من داء الشيخوخة ،إذ أصبحت رياضتنا مكلفة وغير منتجة رغم الامكانيات المالية الضخمة الـــــــتي يتم تبذيرها سنويا .
هــــــــــذا الوضع المزري الذي وصلت إليه البلاد،يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفا مما هو قادم ،خاصة في ظل استمرار ديمقراطية الواجهة التي تعمل على امتصاص صدمات التناقضات السياسية والاجتماعية .
fattahazz@yahoo.fr