Home»Correspondants»تعليق على خطبة جمعة

تعليق على خطبة جمعة

0
Shares
PinterestGoogle+

يبدو أن خطب الجمعة وصلت مستوى كبيرا من الانحدار  عن وظيفتها النبوية المرشدة برحمة قلبية وحكمة عقلية الداعية إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، فصارت مناسبة للتجييش و ـ الإرهاب ـ أحيانا ، وبوقا للقرارات الرسمية أحيانا كثيرة .

خطيب أحد المساجد بوجدة، واحد من هؤلاء الذين يتبنون  الصراخ شكلا لخطبه النارية، تتعالى نبرات صوته وينقطع منه النفس لأبسط فكرة ، أما مضمون خطبه فكثيرا ما تكون موضوع خلاف ، وأكثر ما يختلف حوله معه هو هذه القطعية التي يتحدث بها ، فالحلال ، والحرام ، ولا يجوز، وواجب ، عنده من المصطلحات المرسلة دون أدنى اعتبار للاختلاف والظروف …

ليس هذا ما يهمني في هذا المقال ، بقدر ما تهمني خطبته الأخيرة اليوم الجمعة 6 يوليوز 2012، والتي وإن لم يشر فيها الخطيب لاسمي الغزيوي والنهاري ، إلا أنها كانت مباشرة لموضوع الضجة الإعلامية الأخيرة بالمغرب حول الحرية الجنسية وما لحقها من متابعة للشيخ النهاري ..

وبعيدا عما أشار إليه الخطيب من كلام في الموضوع، مما قد نتفق أو نختلف حوله ، أو نضبطه بملاحظات ، فإن مما أثارني في هذه الخطبة ، هو ربط هذا الخطيب بين ما وقع بتصريح الغزيوي وتبني الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ملف الحرية الجنسية، والدعوة لإسقاط الفصل 490 ، وبين الاستفتاء على الدستور بنعم، في ربط متكلف غريب يذكر بقصة الطفل الذي حفظ عن ظهر قلب تعبيرا إنشائيا حول الحديقة ، إلا أن السؤال كان حول الطائرة فلجأ إلى استهلال جوابه بالقول : سقطت الطائرة في الحديقة .. واسترسل يصف ما حفظه ..

هذا القياس الفاسد  الخالي من كل شرط مناسبة، بنى عليه الخطيب استنتاجا شاذا مفاده : لهذا كنا ندعوكم للتصويت بنعم للدستور، لأن تلك المظاهرات كان الهدف منها الوصول لهذه المرحلة ، مرحلة الدعوة للحرية الجنسية ، ثم استرسل الخطيب في ألفاظ حري به تنزيه المسجد عنها ، من قبيل : عطيني لمرا واحد السيمانة ـ الفاسدة يبول فيها كل واحد …. إلى غيرها مما تمجه الفطر السليمة المتابعة لرسول الله الذي لم يكن فحاشا ، والكناية أبلغ من التصريح كما يقول البلاغيون .

لست ممن يدافع عن الحرية الجنسية بالطريقة التي تثار اليوم ، ولست ممن يريد أن تنطلي عليه حيلة صناعة صراعات هامشية  بعيدا عن جوهر المسؤولية الأخلاقية والسياسية ..للحكم والحكومة، عن حماية المجتمع من قصف الهوية وزعزعتها ،قبل الغزيوي  بكثير ، وما مهرجان موازين عنا ببعيد ولا إقالة الدكتور بنشقرون رئيس المجلس العلمي للدار البيضاء لدفاعه عن الأمن الروحي للمغاربة ، واستنكاره مهرجان موازين عنا بنائية…

إن أي حديث عن محاربة الهوية والهجوم على الإسلام وغيرها من المعارك ، بعيدا عن تحميل المسؤولية المباشرة للحكم والحكومة وتسمية الأمور بمسمياتها ، هو ضرب من ـ صداع الراس ـ لا أقل ولا أكثر ، يذكر بالمثل المغربي الشعبي ـ الناس تحكرني وأنا نحكر عيشة ختي ـ  ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن استغلال المناسبة للقول بأن الحراك الشعبي والمطالبة بالحرية والديموقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية ، وكل مطالبة بالتغيير ،  هي باب للوصول للفتنة والحرية الجنسية وغيرها ، هو قول لا يستقيم عقلا ولا يسنده واقع ، وإن من المطالبين بالتغيير فئة عريضة هي أس وعماد هذه المطالبة ، لا تتفق مع مفهوم الحرية المسوق من طرف أقلية لا يجب أن تعطى فرصة لتحصيل جمهور واسع ، كما أنها أيضا لا تتفق مع واقع الاستبداد والفساد والتخلي عن حماية الثوابت الحقيقية للبلاد وعلى رأسها ، دينه .

إن طامة عدد كبير من الخطباء ببلادنا أنهم  ـ عدا استثناءات قليلة ـ يعتبرون الخطبة مناسبة للمزايدة على الناس بالوطنية ، ولإرهاب الرأي المخالف بلي النصوص والتحذير من الفتنة التي تقرر هذه الخطب أنها تختبئ وراء كل شكل من أشكال المعارضة والتظاهر …

لقد خبرنا من ديننا الحنيف،أن من مقاصده العدل ، فأين المطالبة بالعدل من فوق منابر الجمعة ومن أفواه العلماء المكممة إلا على مخالف ومتظاهر .. ومن مقاصده الحرية ، وأين الدفاع عنها ونحن نقصف كل جمعة بسيل من القيود المانعة من المعارضة والمخالفة …

ما أحوجنا لخطيب جمعة حر من كل قيد ، إلا قيد الشريعة ، متابع لهموم الناس وقضاياهم بالنقل الصحيح والفهم السليم للمقاصد والعلل، والإرادة الحرة للتنفيذ والتبليغ دون ريب ، ولا اعتبار لمرتادي الجمعة لإحصاء كلماته وتمجيده وثنائه ، والحمد لله وحده.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *