Home»National»المواطنون و المقاطعات وعقود الازدياد

المواطنون و المقاطعات وعقود الازدياد

0
Shares
PinterestGoogle+

راقني ما قرأته حول هذا الموضوع في جريدتنا الغراء وجدة سيتي. وهو أمر يدل على حسن مواكبة الجديد والاشتغال بهموم المواطنين من طرف الجريدة ومن طرف الكتاب والمهتمين. وراقني أكثر الموضوعية التي اتصفت بها كتاباتهم في هذا الشأن حيث لم يحملوا المسؤولية للموظف لأنه مغلوب على أمره في غياب تحديث آليات ووسائل  الاشتغال كما هو الشأن بالنسبة للقرى والمداشر التي كان لها شرف السبق في عملية التحديث هذه عن المدن الكبرى التي ظلت تتخبط في كل ما هو تقليدي وتليد.

 

إن إسهامي في هذا الموضوع سيكون بما يجهله المواطن  الوجدي عموما، والذي زار المقاطعات مؤخرا من أجل الحصول على وثائق الازدياد خصوصا، عن كيفية تدبير هذه الأزمة في هذا الزمن العصيب من السنة وهو زمن اجتمعت فيه العديد من الانشغالات وتزاحمت فيه الكثير من الأغراض التي تجعل المواطن منكبا على زيارة الإدارات العمومية بشكل يومي ومكثف. من هذه الأغراض والدواعي الحاجة لعقود الازدياد  بشكل خاص. وهي وثيقة دعا إليها الدخول المدرسي للملتحقين حديثا بالتمدرس، وملفات الجدد في سلك الثانوي، والمقبلين على اجتياز مباريات مهنية، فضلا عما يستدعيه الحصول على بطاقة التعريف الوطنية الجديدة من عقود ونسخ باللغتين معا إضافة إلى الحاجة إليها من طرف الكثير من المواطنين لأغراض أخرى مختلفة داخل البلد وخارجه.

إن هذا التسونامي الوجدي الذي شكله المواطنون في هذه الفترة الخاصة من خلال انكبابهم على الإدارات العمومية شكل توترا كبيرا وارتباكا شائكا في المقاطعات. ولتفادي هذا الارتباك وللخروج من هذه الأزمة لجأت الكثير من المقاطعات إلى وضع استراتيجيات كمخطط استعجالي لتقدم خدماتها للمواطنين بشكل سريع وفعال. ومن نقاط هذا المخطط حسن تنظيم الاستقبال وتسلم دفاتر الحالة المدنية وفق جدول زمني مضبوط يراعي اليوم الذي تم فيه دفع الدفتر العائلي حتى يتم العدل بين المواطنين ومراعاة الأول فالأول ..إلا أن هذه الطريقة خلقت جوا من الارتباك والفوضى وعدم تفهم المواطنين وعدم صبرهم ومراعاتهم لظروف وخصوصيات المرحلة ولعدم وجود جهاز معلوماتي سريع يلبي طلبات الجميع في ظرف وجيز. وذلك لكون الكثير من المواطنين وجدوا أنفسهم أمام ضغط الوقت وقرارات آخر أجل التي اتخذتها الكثير من المؤسسات دون مراعاة هذا الظرف الخاص والذي جعلها بعيدة كل البعد عن المواكبة المنطقية والعقلانية لظروف الإدارات وآليات اشتغالها التقليدية البطيئة، حيث كان من الممكن أن تفسح المزيد من الوقت وتسير بوثيرة متوازنة مع الآلة اليدوية لصناعة الوثائق.

وفي غياب هذا الفهم وهذه الثقافة اضطرت العديد من المقاطعات لتحمل الضغط وامتصاصه وذلك بالعمل أيام السبت والأحد والتضحية بعطلة  نهاية الأسبوع في سبيل هذا المواطن المضغوط بين مطرقة المواعيد  التي لا تقبل التأجيل وسندان العمل اليدوي البطيء. بل ولم تكتف هذه الإدارات بهذه التضحية النبيلة بل زادت عن ذلك بمطالبة موظفيها بأخذ الوثائق لإنجازها في منازلهم وهو الأمر الذي يستحق كل التنويه بهؤلاء الموظفين الذين يعيشون أصعب لحظات السنة كما صرح الكل  ودون استثناء.

وأما من جهة الإدارة المسؤولة عن هذه المقاطعات فقد قامت بشكل مسؤول عن عملية تتبع دؤوبة لكل مقاطعة علمت أنها تشتغل على أكبر عدد من السجلات، أي سجل عندها مواليد منذ السبعينات مما جعلها تستقبل أكبر كم بشري من المواطنين، على خلاف العديد من المقاطعات الحديثة التي لا تستقبل أكثر من مواليد التسعينات فما فوق. وقد قامت الإدارة المسؤولة بزيارات مرطونية سريعة لتفقد عمليات الإنجاز ومراعاة طلبات المواطنين وفي الكثير من الحالات تقوم بشكل فوري بإمداد بعض المقاطعات بعدد كبير من الموظفين كما فعلت مع المقاطعة الثالثة عشر والمقاطعة الثانية والمقاطعة الأولى وغيرهم من المقاطعات التي احتاجت لدعم بشري يجعل الإدارة العمومية مواكبة للظروف ومراعية لحاجات المواطن الملحة.

فإذا كان هذا عن الإدارة العمومية وكيف قامت بتدبير أعمال المرحلة. فكيف كان المواطن يا ترى؟ هل كان متفهما لهذه المجهودات الجبارة المبذولة من طرف الموظفين؟  وهل كان صابرا ومراعيا لمثل هذه الظروف الخاصة والعصيبة التي جعلت الجميع يعيش على أعصابه؟ وهل  تحمل أن يوجد مواطنون تقدموا بطلباتهم قبله؟ أم أنه كان حريصا على أن يكون أول من يتعامل معه الموظفون حتى ولو كان هو آخر من دخل الإدارة؟

أعتقد أن هذه الأسئلة مشروعة وما على المواطن إلا أن يتقبلها بصدر رحب لأنه يعلم أنها وجيهة وواقعية، ولهذا يجب أن نمتلك كلنا كمواطنين الشجاعة ونقر بأننا متخلفون في ثقافة التعامل مع الطابور ومع الأولويات ومراعاة من سبقنا واحترام حقه في الأسبقية. كما أن صبرنا إن لم أقل أنه قليل فهو يكاد ينعدم، ولا نملك القدرة على التعامل مع الظروف الخاصة، بل للأسف لأننا نتعامل معها بنفس عقلية ونفسية الظروف العادية. وهو أمر يتسبب لنا في أزمات وصراعات نحن في غنى عنها لكوننا في آخر المطاف نسهم في إفراز ثقافة متخلفة تجعلنا نولي الدبر للركب الحضاري المتميز الذي كنا عليه في الماضي كمغاربة. ونكرس واقعا متعفنا يمجه الذوق السليم والشعور بالانتماء لأذكى شعوب العالم.

إن مثل هذه الثقافة المتخلفة والمتجلية في النرجسية المقيتة وعدم الصبر في الظروف الخاصة وعدم مراعاة جهود الآخر، كل هذه الأمور متظافرة هي من جعلت ذاك المواطن يقتحم على منسق المقاطعة الحضرية الثانية مكتبه وينزل عليه ضربا وركلا رفقة صديقيه..وهو المنسق الذي يشهد له الجميع بتفانيه في العمل والمشهود له بكونه يعمل أكثر مما يعمل جميع الموظفين. وهو الغيور على إخوانه المواطنين والحريص على أن تكون إدارته أحسن الإدارات ولذلك رأيناه يستدعي الموظفين بهاتفه الخاص يوم الأحد ويقطع عليهم عطلتهم الأسبوعية لإنجاز ما بقي من ملفات المواطنين حتى يجد المواطن شواهده  وعقوده في انتظاره صبيحة الاثنين. وهو المسؤول الذي يشتغل على جميع الملفات فتراه فضلا عن مهمة التوقيعات يسجل المواليد عندما يغيب الموظف المسؤول عن هذا الملف لعذر ما، ويسجل التضامين، ويراجع مطابقات الأصل، ويملأ شواهد الازدياد وشواهد الحياة ويحرر المواليد والوفيات…إلى غير ذلك من الأعمال..ولمن أراد أن يتحقق من صدق هذا الكلام فما عليه إلا أن يزور المقاطعة الثانية ويبحث في السجلات والوثائق والتضامين وسيجد خط يده كبصمة تدل على الأعمال المختلفة التي ينجزها والتي تدل على تفانيه في عمله وحرصه على أن يكون عند حسن ظن المواطن خدمة للوطن وإسهاما منه في ترسيخ ثقافة الجد والفعالية التي نفتقدها في الكثير من إداراتنا ومقاطعاتنا للأسف الشديد.

ويبقى السؤال الذي يجب أن يطرح هو هل يستحق هذا الموظف المسؤول مثل هذا الجزاء من هذا المواطن؟ ولمزيد من معرفة السلوك المسؤول والقيم الوظيفية التي يتمتع بها هذا المنسق هو أنه بعد ملء محضر تعرضه للضرب والجرح لدى مقاطعة الأمن الثامنة، وهو الأمر الذي يؤدي بهذا المواطن مباشرة إلى السجن، لما رأى دموع أم الظالم وفقدها للوعي ودموع أخواته وطلبات العفو والصفح التي تأتيه من ذات اليمين وذات الشمال رق قلبه وامتنع عن توقيع المحضر مما جعل المواطن الظالم ينجو من عقوبة، الله أعلم كم كانت ستطول خصوصا مع اعترافه بما اقترفت يداه وجناه تصرفه المشين. إن الغباء وقلة الصبر التي تصرف بها هذا المواطن كادت تؤدي به، كذلك، لفقدان فرصة التوظيف لكونه كان يوشك على إجراء مقابلة خاصة ليتسلم وظيفة ما. كما كادت تؤدي به لفقدان أمه التي صاحت بكل قواها وزمجرت كالرعد باكية كالثكلى حتى  فقدت وعيها وسقطت مغشيا عليها على الأرض وهي التي تعاني من مرض القلب.

لن أقول بأن كل الموظفين مسؤولون، لأن فيهم اللصوص وفيهم المتحايلين على المواطنين وفيهم من يستغل الفرص كسداجة الكثير، ومنهم من يبتلع نقود الطوابع البريدية فلا يحضى المواطن بطابع بريدي على شهادته، ومنهم..ومنهم..

ولكن في نفس الوقت من المواطنين من يبدي كرما زائدا فيضع يده في جيبه ليتبرع على الموظف بمبلغ مالي مقابل ما قدم له من عمل دون أن يطلب منه الموظف ذلك.. وكأن الموظف في سوق يبيع الوثائق ويتاجر في العقود. مما يجعل الموظف إما أن يكون نزيها ومسؤولا و صارما مع هذه السلوكات الغريبة فيعطي للمواطن درسا لن ينساه على تصرفه اللاوطني هذا وبالتالي يكون قد قطع دابر هذا السلوك الخبيث. لأنه برفضه لهذا السلوك لم يسمح بتفشي هذه الثقافة داخل الإدارة. وإما سيجد الموظف راحته في هذا السلوك ومع تكراره سيألفه ويتطبع معه وبالتالي سيصيبه غضب في حالة لم يتلقى شيئا مقابل تسليمه وثيقة ما للمواطن.

فإذا كان الموظف يتحمل مسؤولية ترسيم ثقافة الخدمة والإتقان والفاعلية والجدية وتحمل المسؤولية. فإن المواطن يتحمل مسؤولية القضاء على تفشي الرشوة والمحسوبية والزبونية فيكف عن الرشاوي التي يسميها هدية تارة وقهوة تارة أخرى، وعليه أن يعي أنه كمواطن له الحق في أخذ أي وثيقة إدارية دون مقابل وفي وقتها المحدد في الظروف العادية ومع قليل من الصبر في الظروف غير العادية في أفق أن يهدي الله المسؤولين الكبار ويسرعوا بتحديث الوسائل والآليات ويقوموا بتجهيز الإدارات بأجهزة معلوماتية كفيلة بأن تجعل إدارتنا قادرة على أن تتخطى الظروف الخاصة العصيبة وقادرة على أن تكون شبيهة ولو في قليل بإدارات الدول المتقدمة.

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. derdouri
    20/09/2011 at 16:56

    tbarkallah alik tu as bien traité le sujet mais le probléme des attestations de naissances sera résolu avec la nouvelle carte nationale !!!!!!!!!!!!!!!! cordialement

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *