Home»International»أنوزلا: قضاء رقمي مستحيل ،في مواجهة جريمة رقمية مستحيلة

أنوزلا: قضاء رقمي مستحيل ،في مواجهة جريمة رقمية مستحيلة

0
Shares
PinterestGoogle+

رمضان مصباح الإدريسي

تقديم:
على المستوى الشخصي أكره في السيد أنوزلا –بصفته الصحفية الرقمية- دكتاتوريته الإعلامية التي قابل بها  القليل مما وجهته له من مقالات ،قبل أن أعرض عن موقعه، إلا قارئا. ابتدأت العلاقة عادية ،ونشر لي ؛لكن ما أن تأكد بأنني
قلم بناء للمؤسسات وليس هادما لها،محب لملكية محمد السادس ،ما صلحت، دون مواربة ولا طمع في جاه أو منصب، -كما ترى بعض التعليقات- حتى تخلى وتخليت ؛وللناس في ما يعشقون مذاهب.هو يرى الدولة شمطاء شاب وليدها ،وأنا أراها « هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة***لا يشتكي قصر منها ولا طول. أراها بهذه العين ،ولا أغمض عيني عن فسادها ومفسديها.
لكن كل هذا لا يغريني بأن أنأى بنفسي عن قضيته ،أو أن أرضى له المعتقل ،والبعد عن الأهل والأحباب وعن « لنا »
التي قال هو أنها « لكم ».
ركن الشريط:
شاهدته،وصبرت على أذاه للمغاربة،والملك منهم،إلى أن شبع منتجوه من غارتهم الضاربة بالكيلوبايت،في محاولة لاختراق القبة الحديدية التي تحمي شتائل الاستثناء المغربي؛ليس من الصقيع فقط ،كما يعرف الفلاحون ،بل من الدمار التفصيلي كما يعرف الإرهابيون.
لست خبيرا في بلاغات الجماعات الإرهابية ،لكن تراثهم الرقمي الذي مر عبر أشهر القنوات والمواقع ،وتختزنه أكبر
وأشهر »السيرفيرات » ،دون خوف من ألغامه،يشهد بأمرين :إما أن يكونوا غيروا نهجهم الإعلامي الذي وضع أسسه دفين بحر العرب ؛وهو النهج القائم على  الإيجاز ،والاصطفاف القتالي الحاسم والنهائي ،دون سعي للإقناع النظري والوثائقي ؛وإما أن يكون الشريط –برمته- من إنتاج جهة أخرى معادية للمغرب ،ولملكيته بالخصوص ،التي وفقت في جعل الربيع العربي السياسي ربيعا حقيقيا بأزهار وطيور،وان منها الجارحة.
ولا عدو لنا ظاهرا إلا الجزائر العميقة التي لاترى في النهضة المغربية – من دون بترول- غير فتيل بدأ يشتعل ليفجر الوضع لديها حيث يصنف البترول-خلافا لتصنيفات الأوبيك- وفق الرتب العسكرية؛وليس منها طبعا الرتبة السعيدة ل »أخ الرئيس ».
للمخابرات العسكرية الجزائرية سوابق في الذبح وبقر البطون وقطع الرؤوس ،بما فيها رؤوس الرهبان النصارى؛ونسبة كل هذا إلى الجماعات الإسلامية المقاتلة،على مدى عشرية الميثاق الدموي الجزائري؛فكيف لا تَنسب لها أربعين دقيقة فقط من التحريض الرقمي ؛وقد فضحت أول ما فضحت المنتجين لأنها أظهرت تنظيم القاعدة –خلافا لنهج بن لادن وخلفه و سائر أذرعه- بمظهر التنظيم الضعيف الذي لم يعد يمتلك الثقة والمبادرة ،وبات يسعى جاهدا لتعويضهما بالإقناع بالقضية.هناك مسافة طويلة بين جماعات مطاردة في الجبال وأرشيفات مصورة تغطي أزيد من نصف قرن.
في ما يخص نازلة أنوزلا ،لا أدري- قضائيا- هل هناك فرق قانوني بين متابعته بنشر رابط شريط إرهابي ،منسوب لفرع من فروع القاعدة؛ أو متابعته  بنفس الجرم لكن بنسبة الشريط الى مؤسسة جزائرية رسمية؟ هذا  اذا كان في وسع القضاء أن يصل الى المنتج الحقيقي؛وقد يكون جهة أخرى غير الجهتين.
هذا السؤال يوصلنا الى الركن الثاني في الموضع:

ركن القضاء الرقمي:
لن أقارب هنا قانوني الإرهاب والصحافة  لأبحث عن أنوزلا الإرهابي في ثوب الصحفي؛  أو الصحفي في ثوب الإرهابي. هذا نقاش قانوني متروك لهيئتي القضاء والدفاع.
ولن أقارب القانون  الثالث ،الذي يطأ على أقدام القضاة والمحامين معا؛ويصدر أحكام الإدانة أو البراءة ،وفق
سلوك القطيع الذي لا يعدو،مفتونا، في اتجاه واحد إلا إذا كان خلفه راع حطمة أو لص أو ذئب. وقد استمعت الى سياسيين يدينون أنوزلا ،والى آخرين يدينونهم على استباقهم القضاء؛لكن دون أن يكفوا بدورهم عن تبرئة الرجل قبل القضاء إياه.
للعائلة الصغيرة ،وحدها، الحق في قضاء العاطفة؛اذ لا يمكن أن تلوم الأم والزوجة والأبناء والإخوة على الانتصار حتى لمن ثبت إجرامهم ،من أفراد العائلة؛فكيف حينما يتعلق الأمر بصحفي متهم في مجاله؟
أفهم القضاء الرقمي حتى خارج النصوص القانونية المؤطرة للجرائم الرقمية. انه ،في اعتقادي، القضاء المستحيل ؛وان كان قائما ،بكيفية أو بأخرى. هو مستحيل لتمنع العدالة التامة فيه،واستحالة توفر أركانها في أحكامه.
في حالة الشريط المعني ،لا أعتقد أن التدقيق في مصدره لا يهم القضاء ،لأن هذا القضاء لا يمكن أن يسوي بين
العمل المخابراتي والتحريض الإرهابي ؛حينما يصدران عن مواطن مغربي.  وكل حكم لا يستند بكيفية لا لبس فيها الى هذه الجناية أو تلك لا يمكن أن يكون إلا ناقص العدالة.  هل يمكن أن تعتبر الهيئة القضائية أنوزلا صحافيا يحرض على الإرهاب ؛في حين أنه –افتراضا- خائن متعاون مع جهات عدوة للوطن؟
لا يمكن للقضاء أن يعفي نفسه من تدقيق رقمي « عنكبوتي » يؤسس عليه حكمه؛وكل عجز يجب أن يفسر لصالح المتهم.
إن الدفع بتوفر أركان الجناية أو الجريمة بمجرد نشر الرابط الذي يقطر كراهية وإرهابا ،مردود ؛ويصبح القاضي ،
في البحار الرقمية التي أغرقت البشرية ،كمن يسعى لمقاضاة صياد سمك في جزر اليابان ،بدعوى أن ما علق في شباكه  سمك ،مغربي مر من طانطان.
إن دم الشريط- مضمونا ،رابطا،تعليقا وتحليلا-  توزعته مواقع  وطنية ودولية ؛مما يقع ضمن النفوذ القضائي الوطني ؛وضمن النفوذ القضائي الدولي ؛وهو – طبعا- معني بالإرهاب ومحارب له أكثر منا.
هل بوسع قضائنا العادي-وحتى المنخرط في الرقمية- تكييف الدعوى،ضد كومبيوتر أنوزلا وحده ؛وهو يعلم أنه مرتبط بكل كومبيوترات وخوادم  الشبكة العنكبوتية المطبقة علينا –حالا ومآلا- كاللوح المحفوظ؟
ان كومبيوتر أنوزلا مجرد نافذة ضيقة جدا ،ضمن ملايير النوافذ التي تخفي محيطا هادرا من الملفات الرقمية المتنوعة
القادمة من كل فج عميق ،وغدا من كواكب أخرى.
أي قضاء هذا الذي يعرض عن محاكمة غول العولمة الرقمية المطبقة ،وديناصوراتها  في وادي السيلكون ،ليبحث في رئة صحفي عن احتمال وجود لوثة رقمية ؛والحال أن كل رئاتنا – بما فينا القضاة-أصابها التلوث منذ زمان.
وهل يصح أن نحاكم ذرة رمل بتهمة زحف الصحراء على المدينة؟
ان القضاء الرقمي ضروري ؛لكن بهيئة قضائية رقمية  تصدر حكما واحد وأخيرا ؛يقول ،بكل اقتناع ، بأن القضاء الرقمي العادل،وفق المفهوم العالمي والعولمي للعدل، مستحيل.
البراءة لأنوزلا الى أن يرتفع الشك:
لا لكل حروف الإرهاب،ولا لكل حروف الخيانة ،نعم لحروف الوطن ،ولو بها حروف علة.
لقد قلبت النظر ،وحاولت أن أبحث عن ثغرة أدخل منها لأقتص من أنوزلا الرقمي  الذي اتخذ موقفا من مقالاتي لأنها لا تطيح حجرا من فوق حجر ؛ولم يعجبه أن يراها تكمل البناء. حاولت لكني لم أجد إلا ثغرة توجد لدى كل واحد منا ؛لا نملك ألا نطل منها على محيطات هادرة من المعارف الرقمية العابرة بالعقول الى حيث لا أحد يدري.أساطين وأساطيل تجري بالبشرية لمستقر لها لا نعرفه.
حتى أناملنا غدت بقوة خارقة ،وبسرعة ضوئية ،وهي تعبر الشبكة صوب كل الجهات في نفس الوقت.
فلا يعقل ،والحالة هذه ،أن تقود ومضة – بدرجة صفر من الزمن- صحافيا رقميا الى السجن.
ولم لا تكون ومضة من الكتائب الرقمية الضاربة ،كما حصل مع الشيخ الفزازي؟ من يملك اليقين؟ من يستطيع أن يقتطع لأنوزلا مساحة سجنية ،وليس في نفسه شيء من حتى؟  هذا إذا لم تكن هناك أمور أخرى لم يتم الإعلان عنها.
والأمل كل الأمل أن لا نؤسس قضاء رقميا مستحيلا .ورحم الله الحسن الثاني،فحينما فكر بعض الوزراء في تشريع ضريبة فاحشة على  البارابول،أجابهم ،مقتنعا،بأن هذا مستحيل ؛نحن لسنا مالكين لأقمار البث الرقمي.
حتى ولو أخطأ كل القضاة فلن يخطئ القاضي الأول الذي تصدر الأحكام باسمه.
Ramdane3@gmail.com
Ramdane3.ahlablog.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *