Home»Enseignement»نافذة على المدرسة العمومية :إبداع…قراءة منهجية في سيرة رجوع إلى الطفولة لليلى أبي زيد

نافذة على المدرسة العمومية :إبداع…قراءة منهجية في سيرة رجوع إلى الطفولة لليلى أبي زيد

14
Shares
PinterestGoogle+

تفكيك النص السيري لسيرة رجوع إلى الطفولة لليلى أبي زيد  وتحليل مكوناته

الجزء 2

 

حسب   فليب لوجون في كتاب السيرة الذاتية الميثاق والتاريخ الأدبي الطبعة 1994 ترجمة عمر حلي ص8  فإن مفهوم هذا الجنس الأدبي ينحصر في أنه : » حكي استعادي نثري يقوم به شخص واقعي عن وجوده الخاص وذلك عندما يركز على حياته الفردية وعلى تاريخ شخصيته  »  ويعتبر معجم لاروس  سنة 1866 محكي الحياة أوالسيرة  الذاتية  : »حياة فرد ما مكتوبة من طرفه » ص 10 ويعرف فابيرو في المعجم العام للآداب سنة 1976 السيرة الذاتية هي  » أي عمل أدبي …يسعى من خلاله المؤلف…إلى حكاية حياته وعرض أفكاره وتشخيص إحساساته » و الملاحظ  أن القاسم المشترك بين هذه التعاريف هو التأريخ والصدق والتطابق بين الوقائع والواقع إلا أن جنس السيرة  عرف تطورا على يد فليب لوجون ليستوعب إلى جانب الذاتية التخيل والاستيهام.لكننا سنحاول في هذه القراءة المتواضعة  رصد مستوى التأريخ  فقط والاحتفاء بالمكونات الأساسية لفن السيرة حيث  سنعمد إلى تفكيكها وتحليلها ثم في مرحلة  موالية  إلى تركيبها من جديد:

تحتكم ذاتية ليلى  الساردة  إلى التأريخ الشخصي والعائلي   واسترجاع التواريخ المضيئة والدالة  رمزيا وواقعيا وإعادة قراءتها بما يحقق النضج للرؤية التاريخية والاعتبار من تسلسل الأحداث و فتح كتاب سيرة الأفضية وحوار الأزمنة وتوصيف الشخوص وتبادل الكلام والأفعال السردية  وصراع الوقائع والأفكار والرؤى والعادات وأنماط العيش وتناسل الحكايا من داخل الحكاية لتلحيم المحكي الرئيسي بمحكيات ثانوية  تسرع شبكة الأحداث وتصعدها إلى ذرى التشويق وتفرج أزمات السرد بلحظات ختم وتنوير عبر معابر الحكاية كالسفر والانتقال والسجن وفضفات المجالس.

*-التأريخ:

يتجلى دال التأريخ في منجز ليلى أبي زيد السيري في وعيها عند اختيارها لبنية زمنية خطية مهيمنة تتابع فيها السنوات من 1950 إلى 1982 ثم اللجوء أحيانا إلى بنية زمنية  مقعرة تحفر في ذاكرة السنوات وتنفذ إلى عمق أحداثها خاصة سنة 1963 لتكشف حيثيات وتفاصيل المؤامرة التي حيكت بمناضلي حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وأخيرا إلى بنية زمنية ارتدادية عابرة  للاستشهاد على بعض الوقائع أو الاستدلال على بعض الأحداث.و يمكن عرض البنية الزمنية في نص السيرة في إطار توليفة المكونات بالشكل التالي  :

 1- الزمان:  وهو عنصر حيوي في تأطير الأحداث وتغليف الوقائع زمنيا ونميز فيه داخل السيرة  بين عدة أنواع :

-زمن السرد : 1-1-1993 وهو زمن تأليف السيرة.

-زمن الوقائع : من 1950 —سنة الولادة مرورا ب 1963—اعتقال أحمد أبوزيد بسبب التآمر وانتهاء ب1982 — وفاة الأب.

-زمن الاستعمار: زمن مهيمن ويبتدئ من سنة 1950—سنة ولادة ليلى إلى 1955 —سنة عودة محمد الخامس.

-زمن الاستقلال : وهو زمن عابر يبتدئ من سنة 1956 —نيل المغرب لاستقلاله مرورا ب1963 —سنة اعتقال الأب وانتهاء ب1982 —سنة وفاته.

-زمن عام :يؤرخ لفترة الطفولة ومرحلة الكفاح الوطني ضد المحتل الفرنسي.

زمن خاص :يشير إلى اليوم والأسبوع من خلال مؤشرات : الغد ، الفجر،تلك الليلة، الصباح،المساء، السابعة والنصف…

وتكشف هذه التصنيفات عن طبيعة البنية الزمنية  باعتبارها نظاما نصيا يتسم بالتنوع والتدرج بحسب  تطور مراحل الطفولة والارتقاء في محطات الحياة والعمر ويهيمن عليها قانون التتالي والتعاقب الذي يقتضيه فعل استرجاع الوقائع واستدعاء الذكريات وتوارد الخواطر والأفكار.

 

2- المكان: هو الحيز والفضاء الذي تقع فيه الوقائع و يحتضن الأحداث وتتحرك على مسرحه الشخوص ويحتفظ بالذكرى. وهو عدة أنواع :

-مكان مغلق : تتضايق منه الشخوص مثل السجن  ومحكمة الاستئناف وفضاء الداخلية…

-مكان مفتوح : تحس فيه الشخصيات بالارتياح مثل ملتقى الطرق الذي يحقق انتقال الشخوص ويشكل منافذ للتنفيس ومثل البادية التي يتميز فضاؤها بالجاذبية والحميمية …

-مكان اختياري : تشعر فيه الشخصيات بالاستقرار وإعادة التوازن  وتتطلع فيه إلى وضع أفضل مثل القصيبة فضاء الهوية وعالم الطفولة الأثير لدى الساردة ومهد الذكريات المؤثرة في البنية الذهنية  والمشكلة لمعالم شخصيتها . وصفرو فضاء بداية التحول في أسرة الساردة على صعيد المقاومة واعتقال الأب وعلى مستوى بروز النموذج النسائي  ومساندة فاطمة لزوجها السجين وبناتها المتطلعات للدراسة وعلى صعيد الذاكرة الشعبية خزان الحكايا ونواة القصص المسلية والمثيرة  التي تكشف حقيقة الأنا الجمعي ونزوعه إلى تحريك ترسبات النفس الإنسانية.  والدار البيضاء فضاء نضال الشخوص الرئيسية   في ساحة المقاومة أو داخل الأسرة أو في قاعات المدرسة كما يشكل منعطفا في مجرى تحول العمل الوطني  وانتقاله  إلى العمل المسلح واستشراف عالم الحرية والاستقلال حيث يمثل بديلا بالنسبة لأم ليلى  فاطمة عن الغياب والفقد والتهميش والإقصاء  والعنف الرمزي ومعادلا موضوعيا لوالد ليلى أحمد  الرجل المناضل والوطني الغيور الذي ضحى بالغالي والرخيص من أجل تحرير بلده فواجه تسلط المحتل  وقهر السجن وإكراهات تهريب السلاح  ومتطلبات تنشيط خلايا الحركة الوطنية  فكان بحق بطل المقاومة ومالك فعل التغيير رغم  زيغه العاطفي ومزالقه النفسية.والرباط فضاء النقد الذاتي لتجربة الاستقلال وتأسيس الدولة المغربية وتقويم نموذج التدريس المتبع في المدرسة المغربية وقراءة لتوجهات اليسار وأدائه السياسي في فجر الاستقلال وفضاء بداية التصدع على مستوى التفاف الوطنيين حول ملك البلاد وعلى مستوى العلاقة بين أحمد وفاطمة وليلى ووالدها.

-مكان إجباري : تقحم فيه الشخصية إجبارا فتحس بالتضجر والتبرم مثل فضاء الرباط المرتبط بتسلط الإقامة الفرنسية واستقواء المستعمر ومطاردته للوطنيين والتحقيق معهم والزج بهم في السجون وكفضاء القنيطرة الذي يرتبط عند نساء ورجال المقاومة بالاعتقال والسجن.

تتميز البنية المكانية  داخل السيرة الذاتية بالرحمية فالقصيبة مسقط رأس ليلى أبي زيد وصفرو مهد ذكريات النشأة الأولى  وتربطها بالمكانين صلات الحميمية  وتشكل العناصر الأولى للهوية كما تتميز بالحنينية إلى فضاءين متميزين: فضاء  الرباط  المتعلق بالدراسة  واكتمال الوعي الوطني والشخصي والتطلع إلى التغيير والاستقلالية واستشراف  المستقبل وفضاء الدار البيضاء  المرتبط  بمقاومة المحتل وباستشراف غد الحرية  الواعد حيث برز بشكل جلي  النموذج النسائي المغربي وأبلى في شخص الأم فاطمة البلاء الحسن.ونظرا لأهمية المكان كبنية حدثية سردية  فقد قسمت ليلى سيرتها وفقه  وصنفته إلى أربعة فصول هي:فصل القصيبة وفصل صفرو وفصل الدار البيضاء وفصل الرباط وفق ترتيب زمني يخضع لخطية زمنية تبتدئ من سنة 1950 إلى سنة 1982 وبناء على ترتيب منطقي يرتهن بتداخل مراحل عمر الإنسان: الطفولة والشباب…ويتعلق بوظائف المدن المغربية وتكاثف جهود المدن الصغرى مع المدن الكبرى لمقاومة المحتل الفرنسي والانخراط في بناء المغرب الجديد مغرب ما بعد الاستقلال.

 

 3- الشخوص:وتكون في فن السيرة الذاتية غالبا من لحم ودم  لها وجود في الواقع وفي مخيال السارد واستيهامته وهي أنواع بحسب أنماط الوظائف المسندة إليها:

*- الشخصية الرئيسية : ليلى /الساردة و فاطمة /الأم وأحمد الأب وتشترك هذه الشخوص التي هي من عائلة واحدة في لعبة  السرد من مواقع مختلفة : الأم / الاستذكار والأب / الفعل وليلى / الوعي والتتبع  وتتقاسم أيضا هذه الشخصيات  احتكار الوقائع والأحداث  ومساحات التلفظ والكلام ولعب أدوار البطولة على مستوى الفعل ورد الفعل  والحركة ودرجة الوعي داخل السيرة  وتشكيل نموذج التأسي والقدوة وتمثيل البطل الإشكالي في ملحمة السرد ذات الأبعاد الوطنية والنفسية والاجتماعية.

*-الشخصية الثانوية : وتمثلها الجدة والجد والخالة …حيث تشكل معابر للحكي والانتقال من واقعة لأخرى أو مصدر تناسل حكايا تلحم المحكي الرئيسي أومجرد قنوات لتصريف الأحداث وتنميتها وتطويرها .

*-الشخصية النامية : تتطور باستمرار شخصية ليلى والأم فاطمة والأب أحمد وفق برنامج سردي دقيق  وتتجاوب مع علاقات وتحولات وحالات  شبكة الوقائع وحبكة السرد حيث تتفجر من داخل الجملة السردية النواة وتتشظى من تفاعلات   الجمل السردية التفصيلية.

*-الشخصية الناضجة : وهي شخصيات جاهزة تنتهي في السيرة  كما تبدأ دون تحولات  حقيقية ولا مسار تطوري واضح  قد تكون ديكورية تؤثث فضاء السرد أو تصرف أحداثه كالجدة والجد والخالة خناثة …

*-الشخصية المرجعية : تتولى إلى جانب الساردة استرجاع الوقائع ونسج خيوطها وتوليد الحكايا وتناسلها من داخل الواقعة الكبرى للسيرة . ولعل الأم فاطمة هي من اضطلعت بهذه المهمة وشكلت مصدرا مرجعيا مرفدا  للسرد.

*-الشخصية التاريخية :احتكمت ليلى أبوزيد للتاريخ الوطني إبان المطالبة بالاستقلال فتحولت المادة التاريخية إلى نواة للمتوالية السردية وإطار مرجعي للمركب التخييلي البسيط يستلهم رموزا للحركة الوطنية أو يوظف مواطنين من لحم ودم شاركوا في صنع ملحمة الكفاح الوطني من قبيل التاجر لعريبي بن الجيلالي وعبد القادربن يوسف .

*-الشخصية العابرة : شخصيات تتم الإشارة إليها بشكل خاطف باعتبارها قناة لتصريف الأحداث أو معبرا للحكاية أو ممرا للانتقال من البيت إلى المدرسة ثم السجن أو من مدينة لأخرى كالرجل الأسود ومحمد الأسفي وثريا السقاط…

 

*- تحليل الشخوص:

 

*-ليلى :تتحلى ذات الساردة بسمات الشخصية القوية التي تغلب نقط قوتها على  نقط ضعفها وتحاول أن تكون كائنا له تراث وليس كائنا تراثيا إذ تتحكم  في ماضيها وتستمد منه الجوانب المضيئة المشرقة لذلك فهي شخصية متفائلة وبريئة  ذات طموح وميل إلى التفوق صريحة مع تاريخها ونفسها متوثبة إلى نقد التقاليد والعلاقات الأسرية ونقد أوضاع الفساد وتدبير مرحلة ما بعد الاستقلال.

 

*- فاطمة : نموذج للمرأة المغربية المتفانية في تربية بناتها والوفاء لزوجها شخصية حديدية صامدة في وجه قساوة المعيش وعدوانية المحتل الفرنسي تملك إرادة التحرير و فعل التغيير كذلك .

 

*-أحمد : شخصية قوية وذكية تعرف كيف تتكيف مع الأحوال و تتأقلم مع التحولات  شديدة الولاء لوطنها صابرة تتحمل القليل والكثير من أجل استقلال بلادها  و تضحي  بمصالحها و تسترخص  الغالي والنفيس في سبيل بلادها.

 

*- متن الوقائع:

 

تتميز تكوينات السيرة النصية بالتنوع والمزاوجة بين السرد والحوار والوصف الحسي والنفسي والسردي المؤطر للحدث وسياقاته وتفاصيله وفق بنية إطار: » يتحكم في عناصرها المحبوكة بعلاقات الاستتباع والاقتضاء والتكامل والارتباط والتجسيد والتفسير والاختزال  فعل الاسترجاع الخطي لذكريات الطفولة التي يزخر بها  محيطها الأسري والوسط الاجتماعي لمغرب ما بعد الخمسينات وفعل النقد الذاتي الذي ينصرف لتحليل رؤى الساردة  للوحدات الصغرى الاجتماعية  للمجتمع المغربي  من قبيل العائلة و الوحدات  الاجتماعية الوسطى مثل  المدينة والقرية  والوحدات الاجتماعية  الكبرى المجسدة في دولة التغيير والحرية  المنشودة في فجر الاستقلال في قالب متسلسل ومشوق  يجمع في انسجام تام بين حوار الأمكنة وتجاذبات الأزمنة ودلالات الشخوص الرمزية « سرعان ماتتمفصل عنها بنى مؤطرة تقدح الذكريات وتولدها بواسطة الحكي من داخل الحكاية  لتتمدد في مسارات السرد السيري الذاتي ليتحول السرد بغد ذلك  إلى بطل يرهن العلاقة بين التاريخ والوعي وبين الذاتية والتخيل والاستيهام.

 

*- ملخص السيرة

 

ليلى تتذكر ذكريات تنقل العائلة بين مدن القصيبة وصفرو و الدار البيضاء والرباط وتسترجع حدث موت الأخت خديجة وحادثة دس السحر وحكايا مثيرة حول النساء والرجال والشبان والزواج  في مغرب الخمسينات وحول زيارة الأم لسجن الأب ومسألة الرسالة و التزوير وقضايا المحكمة ودعاوى الجد وتحايل فاطمة على والديها للبقاء معها وقتا أطول. وأحمد الأب الترجمان  المتعامل مع الاستعمار  والمتضايق من تصرفاته مع الوطنيين و المناضل الذي خبر تسلطه  وقهره  ينقل أمر محمد الخامس بالصوم احتجاجا على اغتيال النقابي التونسي  فرحات حشاد إلى ساكنة بني ملال في أفق توحيد العمل الوطني المغاربي  لكن المستعمر يحكم عليه بسنتين سجنا وأمه تموت حزنا  عليـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه

أما زوجته فاطمة فتزوره في المعتقل وتعوضه في إدارة شؤون البيت وتربية البنات وتنتقم لبيتها المفكك ووطنها المقهور الذي سلبت حريته   بتهريب السلاح إلى الفدائيين من البيضاء إلى الرباط وأحمد أبو زيد الوطني  ومهرب السلاح والمقاوم للمحتل  يلقى عليه القبض عدة مرات  ويحرم من الطعام لكن  محمد الخامس يعفو عنه بعد عودته من المنفى  ثم يعينه موظفا بعد ذلك في الإذاعة.

والبطلة ليلى أبوزيد تربط بين الفساد فوق الأرض والفساد عند الغرب النصراني وتسجل في مدارس ابن يوسف بالرباط وتنبغ فيها وتسر بمنزل القصيبة الجديد وتصفه وتصف المؤامرة على النظام  سنة 1963 وتداعياتها على حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية حيث أدت إلى سجن أبيها الذي تزوره في سجن القنيطرة وتقارن الوضعية الحقوقية بالمغرب في عهدي الاستعمار والاستقلال وتنتقد طرق التدريس وتأثيرها السلبي على المتعلم في المستقبل وتنتقد الفساد الإداري والأخلاقي في مغرب مابعد الاستقلال  وانحرافات  من صعدوا إلى منصة الحكم  عن مبادئ الحركة الوطنية وزيغهم  عن تحقيق مشروع الدولة الوطنية التي   تستجيب لانتظارات  جميع المغاربة  لكن ليلى الطالبة المسلحة بسلاح المعرفة والوعي  تحتد  في مناقشة الأب وانتمائه إلى اليسار وتعاتبه على تغييره لقناعته الإسلامية وتبقى أسئلتها المشروعة الممضة  دون أجوبة.

4-تقطيع النص: حسب معيار المكان:

1-فصل القصيبة : من ص 8 إلى ص55 وعدد الصفحات 47

2-فصل صفرو : من ص 56 إلى ص101  وعدد الصفحات 45

3-فصل الدار البيضاء : من ص 102 إلى ص130 وعدد الصفحات 28

4-فصل الرباط : من ص131 إلى ص148 وعدد الصفحات 17

 

 نلاحظ من خلال التوزيع الكمي للصفحات أن مجموعها المخصص للسرد يقدر ب 137 صفحة وللخطاب المقدماتي 8 صفحات  ويمكن  توزيع كم الصفحات على سجل الوقائع والأحداث بشكل ينزع إلى  احتفاء الساردة بطفولتها ونشأتها الأولى  في القصيبة وصفرو باعتبارها مرحلة مرجعية مشكلة لهويتها وشخصيتها  ثم تركيزها  على فعل  المقاومة في فصل  الدار البيضاء والرباط  جزئيا  مع تبئير شخصية الأب أحمد  الذي كشف حقيقة المحتل بعد تعامله معه ثم انبرى لمناهضته بالمواجهة الفدائية فتعرض لشتى ألوان العذاب وللاعتقال على يد جلاده   ثم تخصيص مساحة كبيرة من السرد للأم  فاطمة التي شكلت بالفعل  سندا داعما لزوجها وبناتها  وتحولت إلى جانب الساردة إلى  نموذج للتأسي في مجال النضال النسائي   بمفهوم المثقف العضوي الذي يناهض  التسلط  ويشيع الوعي ويوسع دائرته ويعيد صياغة الوجدان الوطني بعاطفة التعلق بالوطن واستشراف عالم بديل له مفرداته الحياتية  الراسمة لغد حر ومستقل  فتصبح السيرة في آخر المطاف  وثيقة تاريخية  تشهد على انخراط المرأة المغربية  من كل الأجيال  في الحركة الوطنية  وفي فتح  ورش تأسيس الدولة الوطنية المستقلة  وفي مشروع  البناء والتنمية الشاملة  خلال بداية الاستقلال .

 

*-الخطاطة السردية:

1- حالة البداية

*-القصيبة: ليلى تسترجع ذكريات نشأتها الأولى وأمها فاطمة تحس بالغربة وتتحايل على والديها بالبقاء.

2- التحولات:

أ- الحدث المحرك:

صفرو: أحمد المناضل  ينقل أمر محمد الخامس بالصوم احتجاجا على اغتيال النقابي التونسي فرحات حشاد والمستعمر يحكم عليه بسنتين سجنا وأمه تموت عليه حزنا.

ب- العقدة:

البيضاء : الأم فاطمة تهرب السلاح إلى الفدائيين من البيضاء إلى الرباط  على غرار أحمد وزوجها يعذب ثم  يلقى عليه القبض عدة مرات .

ج- الحل:

الرباط: محمد الخامس يعفو عن الوالد أحمد ويعينه في الإذاعة والبطلة ليلى  تسجل في مدارس ابن يوسف وتنبغ فيه ثم تنقد طرق التدريس وتـأثيرها على المتلقي وتمارس كذلك نقدا ذاتيا وطنيا لتطهير البلاد من الفساد والتآمر والقهر والإقصاء والزيغ عن خط العدالة الاجتماعية ومبدأ المناصفة  والمواطنة للجميع.

3-حالة النهاية:

الرباط : ليلى تنتقد أشكال الفساد الأخلاقي والإداري المستشري في مرحلة ما بعد الاستقلال وتحتد في مناقشتها مع الوالد أحمد وانتمائه إلى المعارضة وتغييره للفطرة الإسلامية. وتبقى أسئلتها مفتوحة على كافةالاحتمالات.

 

من خلال تفحص الخطاطة السردية  يتبين أنها تخضع ل :

 

1- تنظيم زمني خطي :  حيث  تتابع الأحداث من سنة 1950 إلى 1982 .

 

2-تنظيم منطقي  سببي:إذ  تخضع الوقائع لمنطق العلية والسبب والمسبب فتعامل الأب أحمد مع المحتل- مثلا- جعله يكتشف حقيقته فينقلب إلى مقاوم مناهض لسياسته فيسجن ويعذب ثم يفرج عنه  ويواصل النضال لبناء مغرب الاستقلال فيصطدم بالانتهازيين ذوي المصالح الشخصية. والأم فاطمة تتحول إلى ربة أسرة  بعد أسر زوجها ومواجهته للمستعمر وتدافع عنه بالزيارة في السجن وتعويضه في البيت وبتهريب السلاح في العمل الوطني. والبطلة ليلى تتعلم في المدرسة الوطنية وتحب القراءة وتتعلق باللغة العربية فترتفع درجة الوعي عندها وتنضج شخصيتها فتنتقد أوضاع المغرب وقضايا الفساد في عهد الاستعمار وفي مرحلة الاستقلال.

يكشف التنظيم الزمني والمنطقي للأحداث والوقائع عن خضوع السيرة لمتوالية سردية /حبكة : بناء الأحداث /بسيطة تنسج خيوط الحالات والتحولات بواسطة جملة سردية نواة تحتفي بالحدث الكلامي والفعل السردي وتفجر اللغة من الداخل لتفضح الدسائس والمكائد و أشكال القهر والتهميش والعنف المادي والرمزي  وقد  تلتف على القارئ وتأسره  بسرد أحلام اليقظة وتداعيات حكايا المعيش اليومي  و استيهامات  ذكريات الطفولة الأثيرة بفعل هجوم الماضي هي من  صميم براءة الأطفال الصغار وسذاجة الأوساط الشعبية  ومن  وحي صراع البدو والحضر وتصادم الأجيال و تجاذب أنماط العيش ووسائط الحياة  ونماذج التفكير : السحري الخرافي والنقدي الوطني أو استدراجه إلى صلب الفعل ونقله نقلا حيـــــاإلى     قلب حدث  الكفاح الوطني و صراع الوطنيين  وتطلعهم  إلى مشروع  تشييد الدولة الوطنية الحرة  وإعادة كتابة التاريخ الوطني بمداد الفخر  بواسطة جمل تفصيلية توابلها الوصف بأشكاله والحوار التواصلي والدرامي.

-البرنامج السردي.

تخضع السيرة الذاتية لبرنامج دقيق يقوم على :

1- نوع السرد : سيرة ذاتية وعائلية.

2- الساردة : سرد مشترك بين ليلى وأمها فاطمة.

3- الذات الفاعلة : البطلة ليلى والأم فاطمة والأب أحمد.

4-الواقعة الرئيسية : ليلى تستعيد جزءا  من تاريخها الشخصي وتسترجع أهم ذكرياتها وتعري واقع الأسرة المغربية في البادية والمدينة وتكشف عن العقلية الذكورية والتقاليد السائدة وتعايش المغاربة فيما بينهم و بينهم وبين اليهود والأجانب وتؤرخ لفترة حاسمة من تاريخ المغرب النضالي المناهض للاستعمار الفرنسي ولرواسبه في المدة المتراوحة ما بين 1950 و1982 وتحيي المرأة المغربية على دورها البطولي في الأسرة والدراسة والعمل والكفاح الوطني وتنوه بدور الشرفاء من الوطنيين الغيورين على بلدهم المشرئبين إلى الحرية والاستقلال والمتطلعين لمجتمع سيد على نفسه يكفل الحقوق لجميع أبنائه تسوده العدالة  والرخاء والوعي الوطني.

5-موضوع القيمة : السيرة تحتفي بالطفولة باعتبارها مهد الذكريات ومحدد ملامح الشخصية ومشكل الهوية وخزان رؤى المستقبل كما تشيد بالعلاقة الو الدية وتبادلها لأدوارها في انسجام  وتمثيلها للسند والدعم النفسي والاجتماعي المؤمن للسلامة والحرية وممارسة الحقوق.

6- المساعد : فاطمة الأم فهي مصدر اكتمال السرد ومنبع الحنان والتحفيز ومنفذ الخلاص وكذا الجدة فهي معبر للكثير من الوقائع والأحداث.

7-المعيق : لعبت التقاليد والعقلية الذكورية دور المعيق لبث الرسالة الإنسانية والوطنية في معظم أجزاء السيرة إلى جانب المستعمر الذي قيد الحريات وشل حركة المناضلين وضيق على الوطنيين.

8-القناة : صرفت ليلى أبوزيد وقائع سيرتها عبر قناة لغة صحفية فصيحة تحتفي بالاقتصاص دون أن تشوش على عملية التواصل بين المرسل والمرسل إليه و تنحرف أحيانا نحو اللسان العامي لتلائم الشخوص مع بيئاتها ومستوياتها وانتماءاتها.

9-الأداة : وظفت ليلى الذاكرة لحفر الذكريات وتداعياتها النفسية والاجتماعية والنبش في الأعماق والأطراف عن المشترك الرمزي   واحتكمت  إلى التأريخ لتوثيق مرحلة مهمة من تاريخ المغرب  تمتد ما بين 1950 و1982 .

يكشف البرنامج السردي عن النظام السردي  المعتمد على الرؤية مع و السرد المشترك  بشكل يخلق تطابقا متماهيا  بين الساردة  و الكاتبة   والبطلة  جعل المنجز السردي يقترب من الواقع  ويبتعد عن الخيال و يرتكز على تقنية السرد من الداخل وتناسل الوقائع لتصنع  الحدث الكلامي المثير والمشوق   وتتيح للغة إمكانية تفجير الفعل السردي وتنويع أنماط الحكي وتوزيع الأدوار على مربع العلاقات السيمي  التي يحكمها منطق التعارض والتناقض والتضمن والاختلاف :

1- علاقة التواصل : تجمع بين أحمد وزوجته فاطمة وأبنائهما.

2-علاقة تنافر : تسود بين عائلة الأب وعائلة الأم وبين سكان الأطلس من البدو والحضر.

3- علاقة الرغبة : تتجلى في العلاقة بين أحمد والعمل الوطني وبين فاطمة وإثبات ذات المرأة وفرض وجودها وبين ليلى والدراسة وحب اللغة العربية.

4- علاقة صراع :وتتجسد في علاقة الوطنيين بالمستعمر و المناضلين و السجناء بالجلاد.

أما مربع القيم فيكشف عن سمات الشخوص داخل عالم السيرة وكون السرد :

1- المودة : تجمع بشكل خاص بين أحمد والمرأة السيئة وفاطمة وأمها وبناتها وزوجها.

2- الكره :يتجلى في العلاقة بين الوطنيين والمستعمر وبين نساء الحمام.

3-التسامح : ويتمظهر بين الجدة والأم واليهود وبين فاطمة وثريا السقاط .

4- الانتقاد : ويتمثل بين مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية والنظام وبين ليلى والوضع الحقوقي وقضايا الفساد والانتماء إلى المعارضة.

هذا ويبرز المربع السيمي للعلاقات داخل البنية التنظيمية لتكوينات نص السيرة نمطين من التحول :

1- تحول الانفصال : يجسده أحمد الذي انفصل عن المستعمر وانضم إلى الوطنيين وانفصل عن الحكومة وانتمى إلى المعارضة و انفصل عن الاعتقال وتمتع بالسراح وانفصل عن العائلة وارتبط بعلاقة أخرى .

2-تحول الاتصال : تمثله ليلى التي تجاوزت الحاضر واتصلت بالماضي وتخلت عن النسيان واتصلت بالتذكر و انفصلت عن العبودية والجهل واتصلت بالتحرر والوعي والمعرفة.

يتبع

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

4 Comments

  1. houssam
    04/12/2012 at 23:38

    c est vraiment manifique c est le meilleur de tout ce que jai lus je le aime c est peut long leslecteur veut seleument un petit résumé un peu de détail mais pas comme ça

  2. amina
    12/12/2014 at 19:53

    trais manifike mrcii boocoupde cette page

  3. hidyan mabrok
    24/11/2015 at 19:01

    mersi lkot rako f alkalb

  4. 19/12/2016 at 21:11

    c’est magnifique merci beaucoup c’est tres interessant

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *