Home»Enseignement»نموذج المعرفة والقيم : الأطر المرجعية لبيداغوجيا التدريس بالملكات قراءة في الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين لأبي الحسن علي القابسي

نموذج المعرفة والقيم : الأطر المرجعية لبيداغوجيا التدريس بالملكات قراءة في الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين لأبي الحسن علي القابسي

1
Shares
PinterestGoogle+

يعتبر العصر الوسيط في تاريخ الفكر ، العصر الذهبي على مستوى المنجز الحضاري، والعلمي ،والفقهي …حيث شمخ القطب الصوفي، والفلسفي، واللغوي، وخاصة  الفقهي ،بمواكبة شاملة لقضايا الإنسان، وفي مقدمتها المسألة التربوية، والتعليمية ،إذ ساهم الفقهاء في السجالات الفكرية، والمناظرات العلمية ،برسائل قيمة تعبر عن آرائهم، ومواقفهم الفكرية، أشهرها رسالة « آداب المعلمين » لابن سحنون ،و »الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين « للقابسي، ورسالة « تذكرة السامع والمتعلم في أدب العالم والمتعلم »لابن جماعة، ورسالة  » آداب المعلمين » للطوسي، ورسالة » تعليم المتعلم طريق التعلم » للزرنوجي…ومن أبرز الفقهاء الذين تركوا بصمات واضحة، على لمسات الفقه، في تدبير وضعيات التربية، والتعليم ،القابسي الفقيه المالكي التونسي، المزداد بالقيروان سنة 324 هجرية والمتوفى عام 403 هجرية ، والذي ربط قضايا التربية ،والتعليم، بالتفقه في الدين الإسلامي ،وترجم مضمون الحديث النبوي : » طلب العلم فريضة على كل مسلم » الذي حسنه السيوطي إلى مباحث  في تعلم القرآن، حفظا ،وكتابة ،وتعليمه عملا بقول المصطفى : »خيركم من تعلم القرآن وعلمه ». رواه البخاري، ومسلم. ويظهر هذا المسعى ،في تأليفه المتميزل : » الرسالة المفصلة ،لأحوال المتعلمين، وأحكام المعلمين ،و المتعلمين » ، المتكونة من ثلاثة أقسام :

1-التعليم الأخلاقي :

 يدعوالقابسي في الجزء الأول، إلى أخذ القدوة بالرسول /ص/، لتمثل السلوك الإسلامي  الصحيح، والنهي عن اختلاط الجنسين أثناء التعليم ،والمزج بين تعلم القرآن، والحديث النبوي  ،و التركيز على تعلم القرآن ، قراءة ،ورواية، وخطا، ثم تعليمه للأطفال الصغار.

2-الجانب البيداغوجي من منظور فقهي:

يطرح  القابسي من خلال أسلوب الحوار، قضايا تهم الطرف الأول في العملية التعليمية ، وهو المعلم ،وضعيته المادية، والعقدية : مسلم، أو نصراني، وأجره،  ومشروعية الهدايا  التي يتلقاها،ثم وضعيته المعرفية ، وتكوينه في علوم القرآن، ووضعية المادة المدرسة ،والمقرر الدراسي، وتركيزه على الذاكرة ،و حفظ القرآن، ورواياته ،وقراءاته، وخطه، وكتابته، في الدرجة الأولى  ،ثم الانتقال إلى الفهم، و تعليم أساسيات العبادة، و اللغة، والنحو ،والحساب ،و الشعر ،والرسائل… والاقتصار على الذكور فقط .

كما يطرح في الفصل الثاني ، علاقات المعلم مع المتعلم ،المبنية على الرفق ، والرحمة ،والرعاية، والعدل، والسعي نحو خلق التفاعل، والتعاون، بين المتعلمين، وتنظيم عملية التلقي ،ومادة التدريس، وتدبير الزمن ،والمكان.

3-الجانب النفسي:

 يثير  القابسي  في هذا الجزء الثالث ، قضية ذات أهمية كبرى، وهي العقوبة، والتحفيز للمتعلمين أثناء عمليات الحفظ أو الفهم ،

و كما يطرح كيفيات ناجعة، ومتميزة ، للتعاطي مع العنف المدرسي بشكل ممنهج، وفق مقاربة  علاجية .فالطفولة الخيرة تؤخذ باللين، والرعاية، في عملية التنشئة ،والتأديب …فهي بطبعها مطواعة ،ويمكن تشكيل سلوكلها ،على النموذج الإسلامي .أما الطفولة ذات النزوع الشرير، فيجب تهذيبها ،وتحسيسها بالندم عند الخطأ، وتقنين العقوبة ،وإشراك الأهل عند إنزالها، والتدرج فيها، بدءا من  الترغيب ، فالتخويف ،وانتهاء بالتقريع اللفظي دون سب، ولاشتم ،ولا انتقام،  وأخيرا بالضرب ، من واحدة إلى ثلاثة  على الرجلين ،فقط ، بسوط لين رقيق ،وفي الحالات العسيرة تتم استشارة  ولي الأمر، مراعاة للحالات المختلفة  ،وللآثار النفسية ،والجسدية  للضرب، ولنوع المخالفة، لأن  العادة « طبيعة ثانية » ،والأصل في التعامل معها،  يكون بالترويض على الخير، والجمال أولا  ،ثم زجرها ،وترهيبها ،ثانيا…

يقوم المذهب التربوي للقابسي في الرسالة ،على توجه ديني صرف ،ينهض على أساس تحفيظ القرآن، وتعليم رواياته، وقراءاته ،وكتابته، وعلى العدل بين المتعلمين، رغم تفاوتهم في الأجرة ، أو الهدايا …وعلى تغليب الطريقة الفردية في الحفظ، لتقويم سلامة النطق، وضبط المخارج ، والتحكم في الخصائص الصوتية للحروف، ترسيخا لمبدأ الفروق الفردية في الاستظهار، والمراجعة …وعلى الطريقة الجماعية ،بين الفينة والأخرى  ،لخلق التنافس بين المتعلمين ،و إرساء جو الحماسة. كما يرتكز المذهب، على اختيار المقرر الدراسي ،خلال فترة زمنية  ،كأن يختارالسورة ،أو الحزب، ويتولى المعلم  تقويم المتعلمين، بصورة فردية …وعلى مقاربة ظاهرة العقاب، مقاربة نفسية ،وأخلاقية ،علاجية ،ومقاربة بدنية ،قضائية ، اعتمادا على خبراء عصره ،من العلماء كابن الجزار، وابن سحنون ،وابن خلدون …مع التأكيد على الثناء والمدح والتشجيع، عملا بقول أبي حامد الغزالي : » مهما ظهر من الصبي خلق جميل، وفعل محمود، فينبغي أن يكرم عليه ،ويجازى عليه، بما يفرح به ،ويمدح به، بين أظهر الناس ».

المرجع :

*-الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين دراسة وتحقيق أحمد خالد الشركة التونسية للتوزيع. الطبعة الأولى يناير 1986

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *