Home»Enseignement»الدروس الخصوصية: مكسب أم وباء

الدروس الخصوصية: مكسب أم وباء

0
Shares
PinterestGoogle+

تفشت في  السنين  الأخيرة  ظاهرة  الدروس  الخصوصية  وتضاعفت مستغلة  غياب  إطار  قانوني  يحدد  شروطها  وضوابطها .إذا  كان  التلميذ يحتاج دائما  إلى دعم  وتقوية  مكتسباته  ، ومن حقه  البحث خارج المؤسسة عن فرص لتدارك التأخر  خصوصا أن هذه الدروس  توفر مناخا أكثر أريحية للإكتساب  والتعلم  بشكل  أفضل مع  تكسير الحواجز الكثيرة  التي  تفرضها المؤسسة  على  المتعلم ، فإننا لا نبالغ  إذا قلنا أن  الظاهرة أصبحت  وباء ،لأنها  تجاوزت دورها وضربت أخلاقيات  مهنة  المدرس  في  الصميم .
كثيرا  ما يشتكي  المدرس  من  ضعف  الأجرة  وقلة ذات  اليد  الأمر الذي يدفع به في  بعض الأحيان  خصوصا في  المناطق  الحضرية  إلى  استثمار  منصبه  ومهنته  للحصول  على أموال  إضافية ،بتقديم  دروس خصوصية خارج  نطاق المؤسسة .تكمن  الخطورة في  هذا  السلوك حينما  يلجأ  المدرس إلى  تقديم  هذه  الدروس   لنفس  التلاميذ  الذين  يدرسهم  داخل  المؤسسة ، وغالبا ما يأخذ  ذالك طابعا شبه إجباري لأن الأستاذ  يحاول  الإيحاء  للتلاميذ  أن النجاح  والحصول على  نقطة  جيدة مرهون بدفع  المال والإقبال على الدرس  الخصوصي الخارجي.قد  يقول  قائل  وماذا  بعد ؟أو:فين كين  المشكل ؟
_التربية  والتعليم  رسالة على عاتق  المدرس،  عليه  أداءها  على  أحسن  وجه  ،ونجاح الدرس الخصوصي في در  أكبر قدر  من المال على  مزاوله  مرتبط بالثغرات  والنقائص التي يصنعها المدرس  ذاته  لدى  تلامذته في المدرسة  العمومية.وبدل الجودة  المنتظرة  من عمله  الرسمي ، فهولا  ينتج  إلا  الفشل ،و لسان حاله  يقول من  أراد النجاح والمعرفة عفوا بلا مقابل قضى  ولم  يقض من  إدراكهما  وطرا.
_التعلم حق  للتلميذ  يحصل عليه  مجانا  ويجب  أن  يكون  جيدا  .وأنا هنا  لا  أقصد  أن الجودة مرتبطة بالمدرس فقط  بل هي  مرتبطة  بالمنهاج ككل ،وعلى  المدرس  أن يؤدي ما  يوكل إليه  من  مسؤولية على أحسن  وجه دون تفريط أو  تحايل.إذا  كان  التعلم  حق  فهو  لا يقبل  المساومة والتفاوض ،ويجب  أن يحصل علبيه  كل تلميد مغربي  مجانا إذا قصد  أبواب المدرسة  العمومية.إن هذا  النوع من  المتاجرة بالمعرفة  في نطاق  المدرسة العمومية  هي  خطيئة  لا  تغتفر  في  حقها،وهي  تضاف  إلى أوجاعها التي  لا تعد ولا  تحصى.
_لا  أتصور كيف ينظر التلاميذ والمجتمع إلى  هذا المدرس الذي طالما اعتبر  أنموذجا للأخلاق  والسلوك في  المخيال  الشعبي وهو يلهث  وراء المال ويحول هذه  العلاقة التربوية الإنسانية التي تشكلت منذ  القدم  بين  المدرس والتلميذ  إلى علاقة  ابتزاز ومتاجرة .

_أعرف اباء  تلاميذ فقراء جدا   ولم  يجدوا أمام  استفحال  الظاهرة  من  حيلة  سوى الإقتراض  والتضحية بما هو  أساسي (طعام  شراب  لباس الخ)لشراء خدمات  هؤلاء  الأساتذة  التجار.أما الذين لا يدفعون  فمصيرهم معروف ،مما يرسخ  اللامساواة  بين  التلاميذ  والحيف والجور في  حق  أبناء  الفقراء.
إذا كانت الدروس  الخصوصية لها  أوجه أخرى كأن يقدمها  المدرس  لغير  تلاميذه ،فهي  أيضا لا  تخلو  من المساوئ لأن أوقات  الفراغ مخصصة لراحته ومشاغله  الحياتية المختلفة ، وذلك سيؤثر  سلبا على مردوديته في عمله الرسمي وسيؤدي إلى نفوره منه  واللجوء إلى  طلب الرخص …الخ
إن تفشي ظاهرة  الدروس  الخصوصية  برهان  قاطع على  الفشل الذريع  للمدرسة ،لأن الثغرات والتعثرات يجب أن تعالج  داخل  المدرسة  وليس خارجها.
وهي ظاهرة جلية بالرصد والمتابعة  و إيجاد الحلول  الكفيلة بالقضاء عليها …أما عوز المدرس المادي فلا يجب أن  يعالج بهذه الطرق  ويبقى من حقه المطالبة بتحسين أوضاعه المادية   وضمان العيش  الكريم  بالأشكال القانونية المعروفة .
الدروس  الخصوصية   طعنة في  ظهر  المجانية  ومؤشر  يشجع على خصخصة التعلم ،ونحن نعرف  مدى توحش الليبرالية حينما تمس حقا  أساسيا كالتعلم ،وليس  من  شأن ذلك سوى تأكيد أطروحة  بورديو في  إعادة  الإنتاج  الطبقي…
22_07_2011

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *