Home»Correspondants»اليوم خمر و غدا أمر

اليوم خمر و غدا أمر

1
Shares
PinterestGoogle+

لعل التلاميذ الذين ينتمون إلى حقبة السبعينات في المراحل الثانوية يتذكرون أنهم درسوا خلال المراحل الثانوية كلها تاريخ الأدب العربي ابتداء من العصر الجاهلي إلى  العصر الإسلامي و الأموي و العباسي و  وعصر النهضة و أدب العصر الحديث. كل هذه المراحل درسها التلميذ في 3 سنوات ،حتى أن كثيرا من التلاميذ الذين ينتمون إلى الشعبة الأدبية كانوا قادرين أن يمارسوا النقد الأدبي و النقد في المقالات الفكرية بالمفهوم البيداغوجي أي النقد الداخلي(داخل النص من حيث المصطلحات و اللغة و الأدوات التعبيرية المختلفة ونوع النص الخ..)   و النقد الخارجي…. بل منهم من كان ينظم قصائد عمودية أو قصائد في الشعر الحر، دون الحديث عن مساهماتهم في القصة القصيرة و الرواية و الكتابة المسرحية الخ…بل منهم من كان له طموح في النقد  للأفلام السينمائية التي كانت تعرض في المركز الثقافي الفرنسي، وموجه إلى المنتمين  إلى النادي السينمائي الذي كان يشرف عليه و يسيره  و ينظم مناقشاته أساتذة فرنسيون.

في الشعر الجاهلي كان التلاميذ يدرسون المعلقات السبع أو العشر حسب تفكير كل مؤرخ للأدب العربي. و هي أشعار يطلق عليها بالمعلقات وكانت تعلق في سوق العرب المشهور بمكة (عكاظ). ومن بين الشعراء الذين لهم ارتباط بالعنوان الشاعر الجاهلي  »امرؤ القيس » أو الملك الضليل (التائه المتسكع) حيث كان ميالا إلى اللهو شانه شأن أولاد الملوك ،كما يعرف عنه أنه نظم شعرا فاحشا في سرد غرامياته، وكان صعلوكا من صعاليك العرب و مصاحبا لهم، و معاقرا للخمر.

قتل أبوه حجر بن الحارث الكندي، على يد قبيلة بني أسد و كان لوقع الموت أثرا كبيرا على حياته.و صمم على الانتقام من قتلة أبيه. » لأنه الوحيد الذي لم يبك و لم يجزع من إخوته فور وصول الخبر إليهم.ويروى أنه قال بعد فراغه من  اللهو ليلة مقتل أبيه على يد قبيلة بني أسد: (ضيعني صغيرا، و حملني دمه كبيرا،لا صحو اليوم ولا سكر غدا،اليوم خمر و غدا أمر) » …

و صارت هذه القولة مثلا يجري على كل لسان، ويقال في المناسبات التي تستدعي تأجيل الأمور المهمة لوقت مناسب.

لا شك أن المواطن المغربي البسيط و غيره من المواطنين الآخرين عرف في ظل الحكومة الحالية إدارة للشأن العام أقل ما يقال عنها أنها كانت تشوبها خروقا  في التعدي على الحريات، و الاقتطاعات من الأجور، وفي تبذير المال العام عن طريق التسامح مع العناصر الفاسدة، و النفخ في أجور الأطر العليا و البرلمانيين، و الزيادة في خلق  الوظائف الوزارية و التعيين في الوظائف السامية،  و الزيادة في العلاوات  المبالغ فيها لبعض الموظفين في بعض الوزارات  و بعض المجالس العليا في وقت شد الحزام و التقشف .بينما فئات أخرى  عرفت  الزيادة في سنوات التقاعد و الزيادة في الاقتطاعات،و الزيادة في نسب البطالة الصريحة و المقنعة ،و التلاعب بمصير الأطباء في طور التكوين  و الأساتذة المتدربين، و الزيادة في الضرائب المباشرة و غير المباشرة ،و الزيادة في تسعيرة فاتورة البنزين و المحروقات و الماء و الكهرباء، و السلع و المواد  ذات الاستهلاك الواسع من الفئات الشعبية  و الزيادة في الاستدانة من البنوك العالمية و القائمة طويلة لا يمكن حصرها…حتى أن أجيالا متوالية ستكون مستقبلها مرتبطا بهذه الديون.

لو أعطى الشعب لهذه الحكومة أصواته و منحها ولاية ثانية ما هو المستقبل الذي ينتظره؟

الحكومة نزعت الشحم –إن كان هناك شحم- من أجساد المغاربة  منذ السنة الأولى لولايتها،و في السنة الثانية نزعت عنه اللحم عن عظامه، و في سنتها الأخيرة كسرت  و هشمت عضامه وأفرغت جيوبه  و تركت عددا من فئاته تقتات من المزابل ،و ألقت بالبعض من المحتجين من الأساتذة في غياهب السجون تحت وطأة القهقهات و التبوريدة و الرقص على العضام (فقد رقص السيد رئيس الحكومة بشكل مثير و ما بقي إلا أن يهز وسطه كما يفعل أهل (رقصني يا جدع على واحدة ونص) + الأمين العام لحزب الاستقلال + الأمين للاتحاد الاشتراكي + الأمين العام لحزب التقدم و الاشتراكية   و أمين حزب الأصالة و المعاصرة ، على أنغام الدبكة الفلسطينية) ؟

كل هذا يحدث و مئات الأسر التي ينام أولادها و بناتها في المستشفيات  مهشمين عضامهم من جراء عنف رجال الأمن ينظرون في ذهول إلى هذا الراقص  في فرح عارم على المنصات؟ ماذا كان يحدث لو كان أولاده هم الضحايا؟

نقول له ألا تستحي أيها السياسي من منظرك هذا؟

أم أن السياسة و المناصب و المكاسب و المنافع الشخصية و حلب البقرة المغربية لوحدكم قد مسح آخر ذرة من الحياء من محياكم وأعمت ما تبقى من بصيرتكم و بصركم؟

وأخيرا هل يعتبر هذا التجمع على المنصة بداية تحالف جديد بين أعداء الأمس؟

 وما هو البرنامج الانتخابي (التبوحيط على الشعب) الذي ستقدمونه  في الانتخابات التي هي على الأبواب؟

فاليوم رقص و غدا تملق و نفاق و كذب و قسم و بكاء و استعطاف و تبرئة  ذمة من تبذير و سرقة و إتلاف المال العام و ضحك على الذقون؟ فتمسكنوا حتى تتمكنوا رعاكم الله…فاليوم خمر و غدا أمر؟؟؟؟؟

انتاج  صايم نورالدين

 

 

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

5 Comments

  1. ص.ن
    13/01/2016 at 07:45

    لا يسعني و لا يفوتني الا ان اشكرك شكرا كثيرا السي قدوري الحسين على سعة صدرك و اصرارك على المنفعة العامة و المصلحة العامة في الخبر و نشره و اشاعة الخير و الوعي في نفس الوقت/و اشكرك كثيرا على تطعيم الموضوع بما يناسب.فالصورة تنطق بالموضوع.رعاك الله

  2. محمد بيجمن
    13/01/2016 at 22:53

    ما بين رقصات و شطحات رئيس حكوكتنا هناك كذلك تصريح برغبته في  » التبوريدة  » و هنا نسي – أيضا – قول شاعر آخر :
     » سوف ترى إن انجلــــى الغبار … أفرسا راكب أم حمــــار »
    و أختم هذا التعليق بجملة مشابهة لمقولة امرء القيس و عنوان هذا المقال :  » اليوم رقص و غدا … نـــغــــص « 

  3. نورالدين
    14/01/2016 at 17:21

    و يقال ايضا (اهبيلة و قالوا لها زغردي) نعم اليوم رقص و غدا نغص و فقص .و شكرا السيد محمد على هذا التعليق

  4. محمد بيجمن
    14/01/2016 at 19:23

    أضن أن السيد الحسين قد نسي نشر تعليقي الأول و لم يتعمد ذلك

  5. محمد بيجمن
    15/01/2016 at 16:17

    السيد الحسين ، شاركت بتعليق سابق لتعليقي الثاني المنشور أعلاه إلا أنه لم ينشر فما المانع ؟

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *