Home»International»التهريب والتهريج وجهان لعمالة واحدة

التهريب والتهريج وجهان لعمالة واحدة

0
Shares
PinterestGoogle+

 

لأنها حدودية كُتب عليها أن تعرف ظاهرة التهريب. فبعد أن عاش الرّواج فيها دهرا مزدهرا مع مليلية السليبة يمّم وجهه شطر الشرق نحومغنية القريبة. الحركة على الحدود مزدهرة بفضل بضائع الصين ووقود حاسي مسعود مهما وضعوا من سياج أو حفروا من أخدود. لكسب القرش الأبيض ,انخرط الشباب في هذا النشاط التجاري « الأسود » رافعين الحرج عن حكومات « العام زين » التي تكسر عظام المحتجين من دكاترة ومجازين وتُصرّ كل عام على إكرام حُجّاج وحاجّات موازين.

أحجم شباب المنطقة  إذاعن الاعتصام أمام البرلمان احتراما للأطر العليا التي استوطنت المكان مفضلين نقل براميل المحروقات المشتعلة على انتظار وعود حكومات كانت دوما عنهم منشغلة.

يمتطي شاب في العشرين مقاتلة ( قنبلة موقوتة) قد تنفجر في كل حين لتشوي جَسده الطّري بدل أن ينتظر ما سيجود به سوق التشغيل ليعلن أنه لم يعد أمامه خيار فيما يشبه الانتحار.

ومن المفارقات العجيبة أن الكُلّ يُوجّه للمهربين النقد اللاّذع ولا أحد يستغني عن التبضع من  أول زقاق أو شارع. من يحُل بمدينة وجدة لأول مرّة يَحَار في فك لغز البراميل و القنينات التي تأثث الأزقة والسّاحات: علامات تشوير مبتكرة لم تعرفها وزارة التجهيز والأشغال العمومية. علامات « قف » الزرقاء و الصفراء والحمراء(« بْدْمْ الشُّهَدا » كما نُقِل عن المرحوم بوخروبة).

 

فإذا كان التهريب يهرب من المدينة وينشط بالحواشي لتحاشي المطاردة مفضلا الفرار فإن التهريج حلّ بقلب المدينة بمبادرة من ذوي الحل والعقد وأصحاب القرار.

حين أعيدت هيكلة ساحة باب سيدي عبد الوهاب ,اكتست حلّة أنيقة أضفت جمالية على المدينة العتيقة. صارت الساحة الرحبة متنفسا رحبت به الساكنة لدرجة أن لا أحد حفل برقم التكلفة السمين وعدد أصفاره المتناسلةعلى اليمين. هذا التغيير حظي بالقبول والرضى إلى أن فوجئ السكان بعودة مظاهر البؤس  والفوضى في وقت يتم فيه التبشير بتحرير الملك العام وبتزيين الفضاء ليكون على أحسن ما يرام.

هنا شيخ ضرير يفرغ في قصبته ما تبقى في رئتيه من هواء وآخر يصفع الدّف بكف وثالث من التسوّل ريقه جفّ. وهنا شاب يردّد « ألبومات » جيلالة وباقي المجموعات على شباب أغلقوا آذانهم بسماعات. وبالقرب منهم « مدرّب » ملاكمة يعلم الأطفال والشباب أن أفضل طريقة لتفريغ العنف هي تهشيم الأنف. هل يمكن إعادة عقارب السّاعة إلى الوراء وإحياء فن الحلقة كما جاء في إعلان الافتتاح؟ وهل تأخذ الساحة المكانة التي تستحقها بإعادتها إلى عهد المرحوم « المكانة »؟ ذاك زمن ولى كما ولى مظهر المكان. والفضاء الجديد يحتاج ولا شك رؤية جديدة.فإذا كان فن الحلقة « يعكس التنوع الثقافي والتراكم الفني التاريخي الذي تزخر به الثقافة المغربية » كما جاء في إعلان الافتتاح دائما.أولا يعكس كذلك نوعا من التسول المُقَنّع وتمظهرا للهشاشة؟

 

لو عاد إلى المكان أصحاب المبادرة لرأوا كيف دارت عليه الدائرة. وما كانوا ليرضوا عن تلك المظاهر و عن تلوث المجال السمعي بالضجيج الذي تحدثه الأصوات المتداخلة لمكبرات صوت مبحوحة هي أقرب إلى التسول منها إلى التسلية.  وسنعفيهم من السؤال عن مقدار ال « ديسيبيل » الذي تحتمله أذن المتفرج وعابر السبيل.

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *