قرأت في إحدى المصادر خبر سرقة 19 نافدة من مدرسة جماعاتية بباب برد إقليم الشاون .وعلمت من نفس المصدر فرار حارس المدرسة بعض علمه بحضور رجال الضابطة القضائية لتقصي الحقائق.

     وبالمناسبة أشير أن العديد من مؤسساتنا التعليمية عرفت سرقات متنوعة لتجهيزاتها وممتلكاتها. دون تحديد الفاعل ولا معاقبة المقصر. وعليه سأحاول تناول الموضوع من زاويتين :

    من الناحية القانونية يعتبر الحارس الليلي مسئول مسؤولية شخصية عن سرقة أو ضياع تجهيزات أو تخريب ممتلكات وقت مداومته ,على اعتبار أن مهمته تتمثل أساسا  في حراسة المؤسسة وصيانة تجهيزاتها والحفاظ على سلامة ممتلكاتها,حيث يجب أن تنمح له كل مفاتيحها اللهم المفتاح الخاص بمسير المصالح المالية والمادية على اعتبار انه من المفروض أن يملك صندوقا لخزن الأموال ولو كانت بسيطة بحيث لا يجب أن تتعدى في جميع الأحوال 1500 درهم. أما باقي المفاتيح فيجب أن توضع نسخة منها رهن إشارة الحارس الليلي حتى يكون مسئولا عن ممتلكات المؤسسة في حالة حدوث حريق أو ما شابه ذلك ,فبالأحرى سرقة ,والتي يتحمل مسؤوليتها كاملة منذ بدء حراسته الليلية من السادسة مساء الى السابعة والنصف صباحا , أو حسب توقيت اشتغال المؤسسة ونوعها. وللأسف فإن التعاقد مع الشركات قد ساهم في حراسة المؤسسات من طرف كل من هب ودب الى درجة ما قرأت في هذا الخبر حيث هرب الحارس الليلي الى وجهة مجهولة.كما أن العقدة الموقعة مع هذه الشركات لا تتضمن تحديدا لمثل هذه المسؤولية ,كما أنها لا تتعاقد مع هؤلاء الأعوان على أساس تحمل المسؤولية كاملة في حالة ضياع إحدى تجهيزات أو ممتلكات المؤسسة. أكثر من هذا وذاك عندما يشتغل العون كحارس ليلي وحارس للمؤسسة نهارا, فهذا يعني قطعا أنه ينام الليل وبالتالي حتى رجال الضابطة القضائية لا يحملونه مسؤولية كاملة عند حدوث مثل هذه السرقات , كون المبررات متوفرة.

  كل هذا لا يعني أن الحارس الليلي لا يتحمل مسؤولية ما هو في ذمته وتحت مسؤوليته.

   من الناحية الاجتماعية التربوية: إنني أتأسف كثيرا أن تصبح الكثير – أقول الكثير – من مؤسساتنا التعليمية عرضة للسرقات من طرف متشردين أو منحرفين اتخذوا من هذه المؤسسات ملجأ للمبيت ووكرا للسطو على ممتلكاتها كلما وجدوا الفرصة لذلك.وأتأسف على وضع مؤسساتنا التعليمية التي لم تعد تحظى بأي احترام من طرف المجتمع المدني الذي تنكر لها ولتاريخها ودورها في التنشئة والتربية , رغم الصعوبات والإكراهات. أجيال تربت وترعرعت بين أحضان هذه المؤسسات ,بعض تلامذتها ممن فشلوا في الدراسة وانحرفوا عن الحراسة وعكسوا سلوكهم نحو مؤسساتهم الأصلية ,حتى أن الكثير من السرقات يقوم بها التلاميذ القدامى لهذه المؤسسات. والغريب في الأمر انتشار هذه الظاهرة التي لم تعد مجرد حالات منعزلة كما كان في ما قبل, الى المؤسسات بالبوادي ,حيث سبق أن كتبت مقالا عن تلميذ سابق سرق مؤسسته الأصلية عدة مرات وكان أحيانا يلقي بمسروقاته في الخلاء بعد أن يعبث بها.

  ما هذه الكراهية لمؤسسات اهترت أصلا من جراء قدمها وتقادمها , لتجد يدا غادرة تعبث بها وتتركها عارية خالية ؟ وما هذا النماذج من الشباب الذي خيب كل الآمال المعقودة عليه وخرج عاصيا قاسيا لا رحمة ولا شفقة تسود قلبه الذي ملأه بالعدوانية والانتقام ؟. شباب ينتقم من نفسه قبل أن ينتقم من مؤسسته . ألا يساهم الإباء عن طريق غياب لا مبرر له وقلة التتبع والتهاون , ليجدوا فلذات أكبادهم قد تحولوا الى قطاع الطرق . فكم من مصلح ومربي عتيد خرج من حجره أشقياء نغصوا حياته وقلبوا حلمه الى رعب ووعيد .

    اللهم ألطف بنا وبهم . وأصلح لنا ذريتنا وذريتهم . واجعل الهداية  نور يقتدون بها على المعاصي . وكن لنا ولهم وليا ونصيرا.