Home»Enseignement»معيقات التنشيط بالمؤسسات التعليمية بالمغرب

معيقات التنشيط بالمؤسسات التعليمية بالمغرب

8
Shares
PinterestGoogle+

تتميز الحياة المدرسية بالتنشيط الثقافي والفني والديني والاجتماعي والأدبي والمعلومياتي، وغيرها من الأنشطة الهادفة المختومة بأحسن النتائج، وفي المقابل نجد مدرسة الجمود والركون والتلقين، تركن إلى الخمول والتطرف والانزواء والضعف الدراسي.

ومن بين المعيقات التي تحول دون تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها نجد:

المعيقات الديداكتيكية أو التربوية:

تنص البرامج والمناهج على إكساب المتعلمين المعارف والأفكار والقيم دون تنشيطهم فنيا أو رياضيا أو اجتماعيا.

وما كثرة الساعات التي تقيدهم في القسم إلا دليل على الجانب التلقيني وغياب الجانب الفني التنشيطي.

وإذا تأملنا النصوص التي توجه إلى التلاميذ في التعليم الثانوي التأهيلي سنجدها نصوصا معرفية تخاطب العقل والمنطق والذاكرة، وحتى وإن وجدت نصوص تنشيطية كالنصوص المسرحية، فهي موجهة للقراءة المعرفية، دون تمثيلها أو مسرحتها لانعدام المؤطرين المسرحيين وقاعات العرض بالمؤسسات التعليمية، وما يعزز هذا القول، عدم تنصيص مقدمات الكتب المدرسية على الكفايات التنشيطية، حتى وإن وجدت، فهي إشارات عابرة لاتدخل في صميم الممارسة الديداكتيكية، مما يدل على الطابع المعرفي التلقيني للمقررات والحصص الدراسية.

وكل ما تعلق بالممارسة الفنية أو الوجدانية أو الرياضية أو أي نشاط اجتماعي آخر يعد فعلا زائدا وهامشيا لاقيمة له.

• المعيقات الإدارية:

لايحظى التنشيط المدرسي في مؤسسات التعليم بالاهتمام الذي يستحقه. إذ التوجيهات الإدارية الرسمية لاتشير إليه إلا في مناسبات الاحتفال بالأعياد والأيام الوطنية والدولية، وتبقى هذه التوجيهات إلزامية نظريا دون أن يتسم تفعيلها إداريا وميدانيا بالشكل المطلوب، بسبب ضعف المبادرة لدى الفاعلين التربويين، من أساتذة ورجال الإدارة والتلاميذ وغيرهم… وانعدام المنشطين المتخصصين في هذا المجال.

ولايمكن لرجال الإدارة ممارسة هذا الفعل التنشيطي وحدهم- لانعدام وقت الفراغ لديهم بسبب كثرة الأعباء الإدارية، وانعدام المحفزات. وحتى التلاميذ مع النظام الجديد للبكالوريا لم يعودوا يملكون الوقت الكافي، فما لديهم من أوقات الفراغ يقضونها في مراجعة الدروس، فهم في صراع مستمر مع الزمن والمقرر قصد الحصول على المعدل في الامتحان الجهوي أو الوطني.

ويعني هذا أن النظام الجديد للبكالوريا عائق من عوائق التنشيط المدرسي، إذ يجعل التلميذ مجرد خزان للمعلومات، وذاكرة لحشو الأفكار وحفظها ونسيانها بعد الامتحان. وأضيف إليه عائقا آخر عندما تقف الإدارة التربوية حجرة عثرة في وجه أي فعل تنشيطي يريد أن يقوم به الأستاذ أو التلميذ بدعوى أنه مضيعة للوقت وتهرب من الحصص الرسمية التي تخلو من التنشيط.

ولهذا يجب على الإدارة التربوية دعم النشاط المدرسي بتشجيع المبادرات الفردية والجماعية كيف ماكان مصدرها، حتى نحارب رتابة الحياة المدرسية الحالية وكسادها، ونحقق للمتعلم الاندماج الاجتماعي.

• المعيقات المادية والبشرية:

من المعلوم أن أي مشروع تربوي كيفما كان لايتحقق نجاحه إلا بوجود الإمكانات المادية والبشرية الرهينة بتفعيله وتنشيطه. وإذا كانت المؤسسة التعليمية تفتقر إلى العنصر البشري المؤهل للتنشيط وإلى قاعات التشخيص المسرحي والأندية الثقافية والموسيقية وقاعات الرياضة وورشات التشكيل وقاعات الترفيه فإنها لن تتمكن من خلق أجواء دينامية للفعل التنشيطي داخل المؤسسة لا في مجال الفن والأدب والرياضة ولا في مجال آخر.

وأمام هذا العائق المادي والبشري، لابد للجماعة المحلية والمجتمع المدني والمؤسسات الاقتصادية التدخل للمساهمة في تمويل قطاع التربية والتكوين من أجل الاستثمار في العنصر البشري، المتمثل في المتعلم الذي هو رجل المستقبل، وتكوينه يهم المجتمع بأكمله، لأنه هو الذي سيحرك عجلة التنمية، وسيقود المجتمع نحو آفاق مشرقة ومتقدمة.

ولهذا، يصبح واجبا على كل المتدخلين في الحياة المدرسية محاولة إزالة العوائق التي تحول دون تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها حتى ينهض نظام التربية والتكوين بوظائفه كاملة تجاه الأفراد والمجتمع. وذلك" بمنح الأفراد فرصة اكتساب القيم والمعارف والمهارات التي تؤهلهم للاندماج في الحياة العملية (…)، وبتزويد المجتمع بالكفاءات من المؤهلين والعاملين الصالحين للإسهام في البناء المتواصل لوطنهم على جميع المستويات…."

• المعيقـــــــات الاجتمـــــــاعية:

* الأسرة والتنشيط:

إن مشاركة الأطفال والشباب في عملية التنشيط المدرسي غالبا ما يحتاج إلى موافقة الأسرة، ومن دون هذه الموافقة يستحيل عليهم المشاركة في الأنشطة خاصة تلك التي تتطلب التغيب عن الأسرة أوالتأخر، وتتخوف الأسرة من أن تؤدي مشاركة أبنائها في برامج تنشيطية إلى احتكاكهم بأشخاص منحرفين، ثم إن التنشيط بالنسبة لكثير من الآباء والأمهات مضيعة للوقت، ولا يمارس إلا على حساب الإلمام بالمقرر الدراسي.

هذه هي أهم المعيقات التي تحول دون تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها. ولقد تراجعت المؤسسات التعليمية عن التنشيط بكل أنواعه داخل الفصل وخارجه. وأصبح الاهتمام منصبا أكثر على التلقين وحشو رؤوس المتعلمين بالمعارف الجاهزة في أسرع وقت ممكن للتمكن من إنهاء المقرر واجتياز الفروض والامتحانات. ومن ثم، أصبح الحديث اليوم عن الجودة التربوية خطابا طوباويا مثاليا لا يمت بأي صلة مع واقع المؤسسة المغربية التي أوشكت على الانهيار والتدني والانحطاء وظل مبدأ الجودة شعارا سياسيا موسميا وقرارا إيديولوجيا وديماغوجيا لا رصيد له في الواقع المغربي.

وعليه، فلقد حل التلقين محل التنشيء لذا جاء الميثاق الوطني للتربية والتكوين ليعالج هذه الظاهرة التربوية الخطيرة، ليدعو على التنشيط الفعال، وإلى الحرية والتجديد والابتكار، تحت شعار" من أجل مدرسة فعالة ومتقدمة ومبدعة"، كما ورد في الفصل(131) من الميثاق:" تعد التربية والرياضية والأنشطة المدرسية الموازية مجالا حيويا وإلزاميا في التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، وتشتمل على دراسات وأنشطة تساهم في النمو الجسمي والنفسي والتفتح الثقافي والفكري للمتعلم"

وعلى الرغم من هذه الدعوة البيداغوجية الجديدة، إلا نظرية الحياة المدرسية لم تطبق إلى حد الآن، إذ أصبحت الدعوة حبرا على ورق وحلما بعيد المنال، وتصورا نظريا مجردا بعيدا عن التطبيق الميداني والتفعيل الحقيقي بسبب نقص الإمكانيات المادية والبشرية، وانعدام الرغبة الصادقة في ترجمة التصور إلى أعمال إجرائية ملموسة، كما أن الجودة التربوية أصبحت اليوم حديثا يوتوبيا وخطابا طوباويا مثاليا لا يمت بأي صلة إلى واقع المؤسسة المغربية التي أوشكت على الانهيار والتدني والانحطاء وظل مبدأ الجودة شعارا سياسيا موسميا وقرارا إيديولوجيا وديماغوجيا لا رصيد له في الواقع المغربي.

خاتمة:

لم تعد المدرسة اليوم فضاء للتعليم والتلقين منعزلة عن المجتمع، بل صارت مدرسة الحياة وفضاء للسعاة والأمان، يشعر فيها المتعلم بالدفء والحميمية وشاعرية الانتماء.

إن مدرسة الحياة لهي مدرسة المواطنة والإبداع والمشاركة والتنشيط والتفاعل البناء والإيجابي بين كل المتدخلين في الحياة المدرسية، من فاعلين تربويين وشركاء المدرسة الاقتصاديين والاجتماعيين وكل فعاليات المجتمع المدني.

وإذا كان التنشيط ذا مفهوم عام، يضم الأنشطة الثقافية والفنية والرياضية والإعلامية، والشراكات المادية والمعنوية في تفعيل أدوار الحياة المدرسية، فإنه يساهم في تنمية القدرات الذهنية والجوانب الوجدانية والحركية لدى المتعلم، وتجعله إنسانا صالحا لوطنه وأمته، مبدعا ومبتكرا وخلاقا يهتم بمؤسسته ويغير عليها أيما غيرة، ويساهم في تغيير محيطه الاجتماعي واستدخال الفاعلين الخارجيين والتواصل معهم.

إن المدرسة التي ينشدها الميثاق الوطني للتربية والتكوين هي التي يتحقق فيها التنشيط بكل مستوياته والاندماج بكل إيجابية واقتناع، وذلك من أجل خلق حياة مدرسية ينعم فيها الفاعلون التربويون بالسعادة والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وفي مقدمتهم المتعلمون الذين يتربون على نبذ العنف والتطرف والانعزالية، ويتبنون مبدأ الحوار البناء والمشاركة الفعالة مع باقي المتدخلين في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها في فضاء المحبة والصداقة، لإقصاء التغريب والتهميش والإقصاء. إنها مدرسة منفتحة على محيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، يساهم في تطويرها" كل الأطراف المعنية من جماعات محلية وقطاع خاص ومؤسسات إنتاجية وجمعيات ومنظمات وسائر الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، دون إغفال دور الآباء والأمهات ومسؤولي الأسر في المشاركة بالمراقبة والتتبع والحرص على المستوى المطلوب"

لاشك أن تضافر جهود كل هذه الأطراف سيخلق مدرسة مفعمة بالحياة، نشيطة ومتطورة، نحن في أمس الحاجة إليها.

وفي الأخير، نحن نريد متمدرسين نشيطين، وهيئة إدارية نشيطة، وهيئة تدريس نشيطة، ومجالس المؤسسة نشيطة، وهيئة التأطير والمراقبة نشيطة، ونيابة نشيطة، ومجتمع مدرسي نشيء حتى يشارك الجميع في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها.

.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

4 Comments

  1. mohtam
    12/11/2007 at 22:08

    aham mochkil howa al mochkil al maddi

  2. عيساوي محمد
    28/11/2007 at 23:12

    سلام تام لكل غيور على التعليم والتربية في بلدنا العزيز.
    اني متفق مع على كل ما قلته اخي الكريم من المعيقات وما اكثرها.
    اني ازاول مهنة التعليم 37 سنة ومررت بكل انواع الطرق البيدغوجية
    فورب العزة اد لم يكن هناك تعاقد معه اولا والاهتداء بتعاليمه وكتابه الكريم الدي ما ترك شيئا يذكر
    وبسنة زسوله الاعظم.
    فكيف نحارب التخلف والفساد والاتكالية والانانية ونحن في بعد عن هدا التعاقد.
    فالامل اخي يؤدي الى اليقين ثم الحب ثم تحدث المعجزات.
    اليقين الاخلاص الانتماء التفعيل واقول الحقيقي لا على الاوراق
    وبعد هدا التعاقد تاتي الارادة والعزيمة القويتين للجدية والحزم
    وهدا لايعطي اكله الا ادا تكتفت جميع المجهودات من الجميعفاليد الواحدة لا ثصفق.
    كلنا امل في الاصلاح حتى نترم لابنائنا ارضية خصبة لكي يعيشون الاستدامةلهم ولغيرهم
    العزيمة موجودة والشباب المثقف موجود والخير موجود ما علينا الى الخدمة لوجه رب العزة وستزول بادنه تعالى كل المعيقات. املي كبير في الجيل الصاعد ان ينهض بالتعليم الى تصبوله الدولة وما يحلم به المواطنون فهم يستحقون كل خير والسلام
    محمد عيساوي
    معلم

  3. عيساوي محمد
    28/11/2007 at 23:12

    احيي العائلة الوجدية المثالية واتمنى لها كل التوفيق هدا المجال الحيوي المفيد.
    فبامثالكم سنوصل السفينة بر الاماني وبالسواعد الحرة الابية ستسعون بادن الله الى الاصلاح والاستدامة والى بلوغ المراد اتمنى ان تتصلوا بي في.
    houssam_1952@yahoo.fr
    لاني اعتز بالمكافحين الاحرار وخاصة ان كانوا من وجدة الحبيبة
    وفقكم الله وامثر من امثالكم والسلام عليكم.
    محمد عيساوي القنيطرة
    معلم

  4. كرير/تمسية/إنزكان
    02/04/2008 at 22:59

    السلام عليكم ورحمة الله
    بالإضافة الى جميع ماذكر حول معيقات التنشيط الثقافي التربوي ، اسمحوا لي ان أضيف ما يلي:
    – الموقع السسيو ثقافي الدي تتواجد فيه المؤسسة التعليمية. لان مشك التنشيط غير مطروح إلا عند بعض المؤسسات.
    – إقصاء الأنشطة الثقافية التربوية من برامج بعض (إن لم اقل جل) جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ .
    garir_mohamed@hotmail.com

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *